"الثقافة": إدراج 3 ملفات جديدة في قائمة التراث غير المادي تتويج لجهود السلطنة في "اليونسكو"

تشمل فن الرزفة الحماسية والفضاءات الثقافية للمجالس والقهوة العربية

البوسعيدي: القائمة تضم حاليًا 7 ملفات منها 5 مشتركة.. والعازي والبرعة ملفان منفردان

مسقط - العمانية

قال السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي مدير عام مساعد للآداب والفنون بوزارة التراث والثقافة، المشرف على إعداد الملفات العمانية للتراث الثقافي غير المادي، إنّ إعلان اللجنة الحكومية الدولية للتراث الثقافي غير المادي التابعة لليونسكو الأربعاء الماضي عن إدراج فن الرزفة الحماسية والفضاءات الثقافية للمجالس والقهوة العربية في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو كتراث إنساني حي إنجاز تفتخر به السلطنة، ويأتي تتويجًا لجهود دؤوبة وفاعلة ومتواصلة في مجال جمع وحفظ التراث العماني الثقافي غير المادي، ومن شأنه أن يسهم في تعزيز استمرارية هذه الفنون والمفردات التراثية العمانية الأصيلة ويسلط الضوء على التراث الثقافي للسلطنة ويشجع التنوع الثقافي والإبداع البشري والحوار بين الحضارات.

وأكّد البوسعيدي أنّ هذا النجاح يأتي تتويجًا لجهود السلطنة الفاعلة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) التي انضمت إلى عضويتها في فبراير عام 1972. موضحا أنّه بإدراج الملفات الثلاثة يصل عدد الفنون والمفردات العمانية المُدرجة في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو إلى 7 ملفات منها 5 ملفات مشتركة (التغرود، العيالة، الرزفة الحماسية، والفضاءات الثقافية للمجالس والقهوة العربية) وملفان منفردان (العازي والبرعة) مما يؤكد ما حظي به هذا التراث من اهتمام ورعاية على كافة المستويات باعتباره جزءًا مهماً من الذاكرة الشعبية والوطنية والإنسانية ودليل وعي المجتمع العماني باتفاقية اليونسكو لحماية وصون التراث غير المادي .

وأضاف البوسعيدي في تصريحات صحفية أنّ تسجيل أي مفردة من مفردات التراث الثقافي غير المادي تعتبر إنجازًا على المستوى الدولي والعالمي ليس للسلطنة فحسب بل للممارسين والمشاركين في الإعداد وللمفردة في حد ذاتها فهي تؤكد للعالم بأنّها مفردة تحمل عادات وتقاليد وقيما وتساهم في الإثراء الثقافي والمجتمعي وتحمل مدلولات وملامح الهوية الثقافية العمانية. وأكد أنّ إدراج هذه العناصر يعكس البعد العالمي للإرث العماني كونه تراثاً إنسانياً يمثل الإبداع البشري على مستوى العالم، كما أنّه يمثل نجاحاً للجهود العمانية في الحفاظ على هذا الإرث وتسجيله في القائمة العالمية للتراث غير المادي للإنسانية، وبجانب ذلك يعبر هذا الإدراج عن دور الممارسين والمهتمين وجميع أفراد المجتمع بالتمسك بتراثهم وهويتهم الوطنية. وأضاف البوسعيدي أن دول العالم تتسابق في تقديم عناصر التراث الثقافي غير المادي ليتم إدراجها في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للإنسانية، وتحظى عملية الإدراج بأهمية كبيرة لدى هذه الدول وذلك لما تمثله هذه القائمة من حضور عالمي يضم مختلف عناصر التراث غير المادي للإنسانية جمعاء، مشيرًا إلى أنّ إعداد الملفات يمثل مشروعًا بحثيًا متكاملا يتم من خلاله تقديم مادة علميّة موسعة تتضمن كل البيانات المتعلقة بالعنصر المرشح وتعتمد على إجراءات عملية يتم توثيقها بالمصدر المكتوب والشفهي، كما يضم الملف الشهادات الخاصة بممارسة العنصر وصورًا حيّة وغيرها من المعطيات التي يتطلبها تقديم الملف وهذا في حد ذاته نوع من التوثيق العلمي لعناصر التراث غير المادي في الدولة.

وأوضح السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي أنّ العناصر المدرجة في القائمة العالمية يتم تسليط الضوء عليها من قبل المهتمين في العالم وهذا يساهم في البعد التعريفي والسياحي للدولة المدرجة للعناصر، بالإضافة إلى ذلك تقوم الدولة المدرجة للعنصر بوضع برامج ومشاريع تهدف إلى حفظ هذا العنصر والترويج له وهذا يساهم في العناية بالعناصر المدرجة والاهتمام بها" وأشار إلى أنّ الفضاءات الثقافية للمجالس ملف مشترك تقدمت به السلطنة مع دولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العـربية السعودية واعتمد على إبراز العادات والتقاليد المتصلة بالمجلس وما تمثله هذه المجالس بالنسبة للمجتمعات الخليجية كونها برلمانات مفتوحة يتم فيها مناقشة مختلف قضايا المجتمع وما تضطلع به من دور في تعليم الناشئة للآداب الاجتماعية.

وأكّد البوسعيدي أنّ ملف الفضاءات الثقافية للمجالس أظهر أيضًا التطور الذي طرأ على إنشاء المجالس في السلطنة والدور الذي يُحظى به المجلس في الثقافة العمانيّة كونه الجهة التي يجتمع فيها أفراد المجتمع الواحد أو القبيلة الواحدة بجانب دوره النشط في تعليم الناشئة الآداب والعادات العربية، لافتا إلى أنّ القهوة العربية رمز الكرم العربي ملف مشترك أيضًا مع دولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعوديّة ويجمع مختلف تفاصيل الكرم العربي من خلال معاني الجود وإكرام الضيف وحل المشاكل بين المتخاصمين، كما أنّه من الملفات ذات الطابع العالمي لانتشار القهوة في مختلف دول العالم ويعكس مدى التبادل الحضاري بين مختلف الثقافات بين العالم وضم الكثير من المعاني المرتبطة بشرب القهوة لدى العربي وتفاصيل زراعتها وأماكن إنتاجها كما تضمن معاني القهوة في الأدب العربي والقصائد التي تناولت القهوة في الإنتاج الأدبي العربي.

وأشار البوسعيدي إلى أنّ فن الرزفة الحماسية ملف مشرك تمّ تسجيله مع دولة الإمارات العربية المتحدة ويجمع كل ما يتعلق بهذا الفن الذي يعد من الفنون التقليدية العمانية التي حافظ عليها العمانيون وما زالوا يمارسونها في العديد من المناسبات ويتناول مختلف الجوانب المتعلقة بفن الرزفة الحماسية من ممارسين لهذا الفن وأماكن ممارسته، والمناسبات التي يقدم فيها، إضافة إلى الجوانب المرتبطة بالأداء الصحيح لفن الرزفة الحماسية، كما تمّ توثيق الآلات المستخدمة في الرزفة وطريقة أدائها وغيرها من التفاصيل الخاصة بدور المؤدين لهذا الفن والملابس العمانية والأدوات المستخدمة.

وأوضح مدير عام مساعد للآداب والفنون بوزارة التراث والثقافة المشرف على إعداد الملفات العمانية للتراث الثقافي غير المادي أنّ إعداد ملفات الترشيح مرّت بالعديد من الخطوات والمراحل التي يتطلبها إعداد ملف الترشيح، وذلك وفق الإجراءات التي تضعها المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم اليونسكو.

وثمّن البوسعيدي الدور الفعّال الذي قامت به اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم في التواصل ومتابعة الإجراءات التنفيذية مع الجهات المعنية في اليونسكو بالتنسيق مع المندوبية العمانية في اليونسكو. مضيفا أنّه بعد التوافق بين الدول المشتركة لتقديم الملفات الثلاثة تمّ تحضير ملف متكامل للعناصر المراد إدراجها وفق الاشتراطات والاستمارات التي تضعها أمانة الاتفاقية، فشرعت كل دولة في إعداد استمارتها المستقلة للعنصر من حيث البيانات والمعلومات المتعلقة بالعنصر المرشح وإجراءات الصون وخطابات الممارسين والداعمين والمتطلبات الفنيّة كالصور والفيديو وإقرارات الموافقة، وغيرها من البيانات التي يتطلبها الوفاء بمعايير الإدراج

وقال البوسعيدي إنّه بعد الانتهاء من عملية إعداد ملفّات الترشيح تمّ تقديمها إلى اليونسكو لتبدأ بعدها مرحلة فحص الملف والتي استمرت قرابة العامين، ليحال بعدها إلى لجنة التقييم المكوّنة من خبراء عالميين ومنظمات عالمية غير حكومية، قامت بفحص الملفات الثلاثة والتدقيق في كل جزئياتها ووضعت توصياتها حول هذه الملفات، ثمّ تمّت مناقشة القرار وإعلانه في اجتماعات اللجنة الحكوميّة للاتفاقية الدولية للتراث غير المادي التي عقدت في ناميبيا خلال الفترة من 30 نوفمبر- 4 ديسمبر 2015م وعملية تقديم الملفات لها إجراءات خاصة تضعها اليونسكو وفق تواريخ محددة ومعايير معلنة.

ويخضع العمل إلى ترشيح ملفات إلى القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للإنسانية إلى مجموعة من المعايير التي وضعتها اليونسكو عند فحص ملف الترشيح وهذه المعايير تمثل خارطة عمل لإعداد ملف العنصر، كما تمثل مجموعة من الإجراءات العلميّة والعمليّة تقوم بها الدولة المرشحة للعنصر منها برامج تسبق عملية الترشيح تبرز الجهود التي تقوم بها الدولة لحفظ وتوثيق تراثها بجانب مشاريع أخرى تعتمدها الدول لإظهار العنصر المرشح وتسويقه عالمياً .

ومن أبرز تلك المعايير أن يشكل العنصر تراثا ثقافيا غير مادي وفقا للتعريف الذي وضعته اليونسكو وهو أن " التراث الثقافي غير المادي هو الممارسات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية تعتبرها الجماعات والمجموعات وأحياناً الأفراد جزءا من تراثهم الثقافي وهذا التراث الثقافي غير المادي المتوارث جيلا عن جيل، تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة وبما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها وهو ينمي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها ويعزز من ثم احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية . ومن تلك المعايير أيضا أن يسهم إدراج العنصر في تأمين إبراز التراث الثقافي غير المادي وزيادة الوعي بأهميته وتشجيع الحوار وبذلك يعبر عن التنوع الثقافي في العالم كله وينهض دليلا على الإبداع البشري، اضافة الى أن وضع تدابير للصون من شأنها أن تحمي العنصر وتكفل الترويج له وأن يكون العنصر قد رشح للصون عقب مشاركة على أوسع نطاق ممكن من جانب الجماعة أو المجموعة المعنية أو الأفراد المعنيين بحسب الحالة، وبموافقتهم الحرة والمسبقة والواعية، وأن يكون العنصر قد أدرج في قائمة حصر التراث الثقافي غير المادي الموجود في أراضي الدولة الطرف (الدول الأطراف) التي قدمت الترشيح، وفقا للمادتين 11 و 12 من الاتفاقية، والمتعلقة بمشاركة الممارسين في إعداد هذه القوائم. وبجانب هذه المعايير توجد بعض الاعتبارات التي يتم الأخذ بها، منها أنه لا تتم مناقشة أكثر من ملف واحد للدولة في كل عام، وقد لا تجد دولة ما الفرصة لمناقشة ملفاتها لسنوات نظراً لأن هناك عددا محددا من الملفات يتم فحصها في العام الواحد، وتعطى الأولوية للدول التي لم تدرج أية عناصر، كما أن الملفات المشتركة بين الدول تحظى بأفضلية المناقشة عن غيرها من الملفات، والسلطنة وكغيرها من دول العالم تسعى إلى إدراج عناصرها في القائمة العالمية، وتأتي هذه العملية ضمن جهود وزارة التراث والثقافة لجمع وتوثيق ونشر التراث الثقافي غير المادي العماني.

ويشار إلى أن التراث الثقافي غير المادي للسلطنة يحظى منذ فجر النهضة المباركة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ أعزه الله ـ باهتمام كبير وصون متواصل باعتباره ركنا أساسيا من الهُوية الوطنية العُمانية ويسهم في ترسيخ الاحترام والتفاهم والسلام بين الشعوب ويساعد على تحقيق التنمية المستدامة، وتؤدي المحافظة عليه إلى نقل المعارف والمهارات والمعاني والقيم من جيل لآخر. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال نصوص الخطابات السامية لجلالة السلطان المعظم والتوجيهات الكريمة لجلالته بربط الحاضر بالماضي وجعل التراث الفكري والثقافي للمجتمع العماني كقاعدة للانطلاق في بناء دولة عصرية ومن محفزات التنمية الوطنية الشاملة مروراً بالمنهجية المتبعة في القطاعات المعنية وصولاً إلى الممارسين الفعليين أو حاملي المفردة واعتزازهم بها .وقد صادقت السلطنة على العديد من الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بالتراث الثقافي غير المادي كاتفاقية 2003 لحماية وصون التراث الثقافي غير المادي، واتفاقية تعزيز أشكال التعبير الثقافي 2005، وتفعيلا لتلك الاتفاقيات، أنشأت وزارة التراث والثقافة سجلا وطنيا للتراث الثقافي غير المادي ضم العديد من أبواب هذا الإرث، واستطاعت أن تكون عضوا في اللجنة الحكومية لاتفاقية (2003) خلال الفترة من عام 2008 إلى 2012م .

تعليق عبر الفيس بوك