شباب: مدمن الكحول شخص أناني يفضل رغباته على مصلحة أبنائه واستقرارهم الأسري

قالوا إن المدمن منبوذ من المجتمع لضعف إرادته وعجزه عن الإنتاج

استطلاع - مُحمَّد قنَّات

قال عددٌ من الشباب إنَّ إدمان الكحول له الكثير من الآثار السلبية على الفرد والمجتمع، وإلا ما حرَّمه ديننا الحنيف حفاظا على صحة الإنسان واستقرار أسرته؛ مما يضمن للمجتمع أن يكون أفراده أصحاء مُتحكِّمين في إدراكهم العقلي، وقادرين على المساهمة في الإنتاج.

وأشار عددٌ ممَّن استطلعتْ "الرؤية" آراءهم حول تلك الظاهرة، إلى أنَّ مُدمن الكحول منبوذ من أسرته ومجتمعه؛ حيث إنَّه بإدمانه فضَّل رغباته الشخصية على مصلحته ومصلحة أبنائه وأسرته ومجتمعه، وقالوا إنَّه بذلك يبدأ طريقا للنهاية يشهد من خلاله تفكك أسرته ووقوع أبنائه في فخ رفقاء السوء.

وقال سالم بن سليمان بن علي المجرفي: إنَّ الإدمان على الكحول من الظواهر السلبية الخطيرة فى المجتمعات المتحضرة منها أو المتخلفة، وتتعدَّد مظاهر تعاطي الكحول وأنواعه باختلاف درجات الثقافة والحالة الاقتصادية...وغيرها، لكنه في كل الأحوال يعدُّ من الأسباب الرئيسية فى تدمير اقتصاديات المجتمعات وتشتت الكثير من الأسر وانعدام الثقة بين أفرادها، وكذلك له انعكاسات سلبية تحدث للأبناء عن تعاطي رب الأسرة للكحول، كما أنَّه قرين سوء له الدور الأكبر في جعل المتعاطي يستمر في الإدمان. وقد حرصت الشريعة الإسلامية على تحريم الخمر لما له من أضرار وخيمة على صحة الإنسان، خاصة تأثيره على بعض وظائف الكبد وتأثيره المباشر على عقل الإنسان، وقد نبَّه رسولنا الكريم في كثير من المواضع إلى حرمة تعاطيه وبيعه وشرائه، وكذلك ذكر في أحد الأحاديث عن الضرر الذي يسببه ولو بقلة الكمية المتعاطاة منه "ما أسكر كثيره فقليله حرام". ومن العوامل التى تساعد المتعاطي على ترك هذه العادة هو البعد عن رفيق السوء، ومن ثم إرساله إلى أحد الإخصائيين في مجال معالجة المدمنين على الكحول، وإعداد خطة متابعة حتى يتخلَّص من إدمان الكحول بصورة نهائية.

منبوذ من المجتمع

وقال محمود بن راشد بن عبدالله العبري مشرف أول مدارس القرآن الكريم بمحافظة الظاهرة: إنَّ الكحول من المشروبات المحرمة، وفيه ضرر كبير على الفرد والمجتمع من كل النواحي الدينية والصحية والاجتماعية والاقتصادية، وهي مُسبِّب رئيسي للحوادث وما يترتب على ذلك من وفيات وإصابات بليغة وعاهات مستديمة، كما أنه في أحيان كثيرة يكون مُيتماً للأطفال وسببا في ترمل النساء، كما أنَّ المتعاطي يُصبح منبوذًا من المجتمع؛ لأنه يكون عاجزا عن الإنتاج، كما تتشتت الأسرة ويصبح الأبناء فريسة سهلة لأصحاب السوء وينتهي بالمتعاطي إلى طريق الموت أو السجن.

وقال سامي مكتوم الغافري: نعيش في عصر توجد فيه الكثير من المؤثرات العقلية وأشهرها الكحول، وهو من المشروبات التي تؤدي إلى الإخلال بتوازن العقل وهى من المحرمات بحكم الدين الحنيف؛ فالقرآن والسنة لا يحرمان شيئا إلا وله أثر سلبي على الإنسان من جانب التأثير على الصحة، خصوصا وأنها قد تؤدي إلى الوفاة المبكرة والعجز المبكر إضافة إلى الاضطرابات النفسية والعقلية والكثير من السرطانات بما فيها سرطان الكبد، وهذه العادة تؤدي إلى كثير من المحرمات؛ حيث إنَّ شاربَ الكحول يفقد سيطرته العقلية وربما يقوده ذلك إلى فعل الزنا أو ما شابه ذلك.

وأضاف الغافري حول ما يتعلق بالجانب الاجتماعي والأسري، بأنَّ الكحول يؤدى إلى التفكك الأسري في ظل بُعد المتعاطي عن أسرته بدءا من قلة الاهتمام بالأبناء ومراقبتهم؛ مما يؤدي إلى تقليل هيبة المتعاطي أمام أبنائه وأسرته، ويصبح شخصا منبوذا عالة على مجتمعه؛ مما يؤدي إلى تشتيت الأبناء، ومن الممكن أن يكتسبوا عادة تناول الكحول وذهابهم لرفقاء السوء. ويعدُّ رفقاء السوء هم العامل الرئيسي لتعاطي الكحول بعد قلة الرقابة ولظروف المجتمع المحيط دور مهم فضلا عن تأثير وسائل الإعلام. ويمكن التخلص من هذه العادة عن طريق زيارة الطبيب أو عن طريق التدرج في التقليل من شرب الكحول حتى التوقف التام.

وأشار مُحمَّد بن عبدالله بن حارب الغافري إلى قول الله تعالى: "إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً"، وقال إنَّ مما يُثير الأسى ويدمي القلوب أنّ كثيرا من الخصال المذمومة والعادات القبيحة انتشرت في كثير من المجتمعات وأصبحت ظواهر يراها الكثيرين وانعكست نتائجها السيئة التي تضر بالصحة والأخلاق والقيم والروابط الاجتماعية. وأضاف الغافري بأنَّ الخمرَ هو الشراب الذي يُحدث في شاربه نشوة وطربا، ثم يغيب العقلَ أي يسكره سواء كان هذا الشراب من عصير العنب أو من الشعير أو من الذرة أو من القمح أو من التمر...وغيرها، والقاعدة في ذلك أنَّ "ما أسكر كثيرة فقليله حرام" كما قال رسولنا الكريم في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره.. واستدرك بأن الخمر سميت بهذا الاسم لأنها تخمر العقل وتستره أو لأنها تركت فاختمرت، واختمارها تغيُّر ريحها.

وأوضح أنَّ من أسباب شرب المسكرات أسباب حضارية وأسرية، والمقصود الأسباب المرتبطة بالبيئة الاجتماعية، وهى ترجع لغياب القيم الأخلاقية الإسلامية، والفراغ الروحي "الغفلة عن الصلة بالله" في المجتمع بصفة عامة، وعدم توافر الوعي الاجتماعي الكامل بالأضرار الناتجة عن تعاطي المخدرات، إلى جانب غياب جماعة الرفاق الصالحين.

وقال سامي الزعابي إنَّ تناول الكحوليات يرجع بالدرجة الأولى إلى الفضول وحب الاستطلاع، وكذلك استخدامه في التطبيب الذاتي الوهمي، والحقائق تؤكد أن العوامل البيئية بما فيها التلفاز والمطبوعات من مجلات وكتب إباحية وأفلام، جميعها تصور الكحول وكأنه أحد المهدئات التي تعالج النفس وتشعرها بالسعادة وتزيل الغضب والانفعال كما تصور للآخرين أنهم بتعاطيهم الكحول يستطيعون أن يجذبوا الجنس الآخر، وهكذا يُقدم الصغار عليها على سبيل التجربة، محاولين إثبات صحة ما يرونه ويسمعونه عبر وسائل الإعلام المختلفة.

وأضاف الزعابي بأنَّ للأقران تأثيرا قويا ويظهر جليًّا في صراعهم ليثبت كل منهم وجوده للآخر، معتقدين أنَّ تعاطي الكحول هو الوسيلة المثلى لإثبات الذات، ولكن ما يلبثوا أن يكتشفوا أنه لا فائدة من تعاطيه المشروبات الكحولية وأثرها على العلاقات الأسرية سلبي، حيث إنَّ غالبا ما يهمل مدمن الخمور أسرته، ولا يهتم بتوفير احتياجات الأسرة، وكثيرًا ما يتعدى على زوجته وأولاده بالضرب، وحتى لو تعهد بعدم العودة إلى السكر فإنه يعود إليه سريعًا طالما لم يتلقَّ العلاج المناسب.

مشاكل صحية مركبة

وذكر الزعابي أنَّ الإفراط في استهلاك الكحول يؤدى إلى مشاكل صحية، مثل اضطرابات في الجهاز الهضمي وزيادة خطر حدوث التهاب البنكرياس والقرحة، ويُحدِث أضرارا بالغة للكبد، إلى جانب ضرر للدماغ والجهاز العصبي بحيث يؤدى إلى تفكير مشوش وفقدان الذاكرة تضرر الأداء الهرموني وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية كما أنه يُزيد
خطر الإصابة بالسرطان في الجهاز الهضمي، والبلعوم، والمريء، والكبد، وكذلك سرطان الثدي لدى النساء. وأضاف بأنَّ ظاهرة شرب الخمر تؤثر في الأسرة وعلى سلوك الأبناء؛ فالوالدان اللذان يُحبِّذان شرب الخمر قد يؤثران بدورهما على الصغار، فيصبح الأبناء إما مُتعاطين بصورة معتدلة أو قد يؤدي ذلك إلى احتمال الإدمان بين الأبناء عند الكبر، كما يؤدى أيضا إلى التفكك الأسري؛ مما يترتب عليه انحراف الأبناء، وقد يحدث الإدمان بينهم نتيجة للعلاقات غير السليمة، والعداء بين الأبوين أو الطلاق أو وجود بدائل عند الآباء أو الأمهات أو الهجرة أو الوفاة.

وأوضح أنَّ علاج إدمان الكحوليات هو عملية طويلة ومعقدة، ويقترح العديد من الخبراء أن التغلب على إدمان الكحوليات يتطلب تغييراً جوهريًّا في نمط الحياة والنظرة إلى المستقبل، وتبدأ معظم العلاجات باعتراف المدمن بأنَّ لديه مشكلة مع الكحوليات ثم محاولة تقليل تناوله للكحول والتوقف عنه نهائيًّا، ويدرك أغلب الخبراء أهمية الدعم المستمر للمدمن لمنعه من العودة إلى الكحول مستقبلاً. كما أنَّ الأطباء رُبما ينصحون بالعلاج الدوائى لإدمان الكحول؛ فهناك العديد من العقاقير التي يُمكن وَصْفَها لمدمن الكحول على المدى القصير أو الطويل، والتي يُمكن أن تُساعد على منع اشتياقه إلى الكحول أو تمنع امتصاص جسمه للكحول؛ فلابد للإنسان من قوة تمكِّنه من التحكم السليم في رغباته وميوله، وتوجهها لصالح نفسه ومجتمعه؛ حيث لا قوَّة تتمكن من القيام بهذا الدور أفضل من قوة الدين، أو ما يسمي بـ"الوازع الديني"؛ باعتباره قوة تدفع الإنسان للخير وتمنعه عن الانحراف والشر.

تعليق عبر الفيس بوك