غزارة الإنتاج الأدبي النسائي شاهد على الحضور القوي للمرأة المبدعة في المشهد الثقافي العماني

مبدعات يُؤكدن أنَّ العلاقة بين الرجل والمرأة في المجال الأدبي تكاملية أكثر منها تنافسية

مسقط - العُمانيَّة

تُواكب الحركة النسائية في السلطنة التطور الفكري والثقافي الذي يشهده المجتمع، وما إبداعاتها في مختلف المجالات إلا انعكاس لهذا الحراك والتطور الذي يشهد على حضور الإبداع النسوي بقوة في المشهد الثقافي العماني؛ فالإبداع الفكري ليس حكرا على الرجل وحده، وكما أنَّ هنالك كُتَّابًا وشعراء ورواة، هناك راويات وكاتبات وشاعرات، والمجال هنا ليس تنافسيا بقدر ما هو تكاملي. والتاريخ الإنساني زاخر بإنتاجات نسائية ضخمة وبأسماء نسائية خلَّدها تفرد أعمالها وتميُّزها، وهو ما ينطبقُ على جميع الحضارات الإنسانية بلا استثناء، ولو أخذنا الشعر مثلا سنستحضر الخنساء ورابعة العدوية وسكينة بنت الحسين وولادة بنت المستكفي قديما، وحديثا يدور بخاطرنا سعاد الصباح وفدوى طوقان ووردة اليازجي ونازك الملائكة.

وتقولُ الشاعرة الدكتورة حصة بنت عبدالله البادية إنَّ المرأة العمانية المبدعة رسمت لها طريقا إبداعيا وحضورا مشهودا على الساحة الثقافية ليس العمانية وحسب، بل والعربية أيضا، وما قدمته الحكومة لتحقيق الكثير من إنجازات المرأة العمانية المبدعة عموما لا يمكن حصره في سطور بقي أن نوفي هذا الوطن بعض حقه عبر السعي المخلص لمنتج إبداعي حقيقي جدير بالبقاء والانتشار.

وتوضِّح الشاعرة البادية أنَّ لها مُشاركات كثيرة على المستوى المحلي بداية من النشر والأمسيات مرورا بالمسابقات الأدبية، وصولا لرئاسة لجنة التحكيم في مهرجان الشعر العماني، ومسابقة المنتدى الأدبي قسم الشعر. وعلى المستوى الدولي مثَّلتْ السلطنة في الكثير من المهرجانات الدولية خليجيًّا وعربيًّا ودوليًّا، ودخلت في عضويات مؤقتة أو دائمة في بعض التجمعات الأدبية منها ما هو موجود في بريطانيا وأخرى أورروبية مع كتاب آخرين يسكنهم الشعر والأدب.

ومن جانبها، تقول الشاعرة أصيلة المعمرية: انتهيتُ من تصوير قصيدة وطنية بمناسبة العيد الوطني الخامس والأربعين المجيد، وتأكيدا على انتشار صوت المرأة العمانية الشاعرة التي تصدح بما يجول بخاطرها للمشاركة في الفرحة الوطنية الكبرى لهذا الوطن العزيز العيد الوطني الخامس والأربعين المجيد، وتعبيراً بكل مشاعر الوفاء لهذه الأرض الطيبة وقائدها المفدى -حفظه الله ورعاه.

وتضيفُ المعمرية أنَّ القصيدة المصورة فكرة جديدة وخطوة أولى بالنسبة لي أن أنتقل من الكلمة على الورق وكراسي الأمسيات والمسارح لأقدم عملا مختلفا بطريقته وشكله، وهو أبسط ما يمكن فعله تجاه مشاعرنا المكنونة لوطننا ومسيرة النهضة المباركة العريقة. وعبَّرت عن سعادتها وفخرها بأن استطاعت أن تبذل الجهد لتخلد كلمات القلب في عمان.. مشيرة إلى أنَّ قصيدتها المصورة بعنوان "ربي يحفظك قابوس" جاءت بمعاني من الحب والاعتزاز بالتاريخ والتنمية والإنجازات التي تحققت في عمر النهضة العمانية الرائدة ومعبرة عن المرأة العمانية التي أولاها صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم -حفظه الله ورعاه- منذ مطلع النهضة الثقة والاهتمام والرعاية، وجعلها شريكة هذه المسيرة العطرة، وعززها بدورها الفاعل للمساهمة والعطاء لتكون خير ما ينفع به الأرض والوطن والإنسان.

وتقول الفنانة التشكيلية إنعام أحمد إنَّ تجربة التشكيليات العمانيات تميزت بنضج وتفتح في الوعي الفني التشكيلي الذي ينفتح على رؤية واسعة تتطور دائما وتنمو عن قراءة عميقة واطلاع واسع بتجارب الآخرين، خاصة في الانشغالات التجريدية التي تذهب إلى آفاق كبيرة. وتركزت التجربة العمانية في مجملها على مفردات التراث العماني الذي يسهم بدوره في تكوين هذه التجربة وتعميقها والحفر في ذاكرة المكان، الذي استطاعتْ من خلاله الفنانة التشكيلية العمانية الوصول إلى مرحلة كبيرة من التقدم في الحركة التشكيلية على المستوى العربي والعالمي، والذي ينبثق من الاهتمام السامي لها إيمانا بدورها في تنمية المجتمع.

وتقول الفنانة التشكيليى بدور الريامية إنَّ في داخل كل امرأة قوة جميلة للتحدي وتذليل العقبات، تلك القوة التي تدفع المرأة المثقفة والمبدعة بأي مجال كان لأن تكون ابنة واختا وزوجة، وإما تصبو للمثالية في دورها الفطري والاجتماعي تلك التي تنبت على أرض الوطن وتثمر وتغرس بذورها فيه من خلال ما يقدمه الوطن لها من مؤسسات متخصصة كالجمعية العمانية للفنون التشكيلية ومرسم الشباب، التي تساعد في إيجاد جو من التطوير وتنمية المواهب والطاقات وتتيح للفنانين التواصل على رقعة هذا الوطن وخارجه، وما ذلك إلا إدراك من الحكومة بأهمية وجود المرأة العمانية المثقفة والفنانة التي تقدم بريشتها وبأناملها لهذا الوطن وتساهم في بنائه.

وتقوم الفنانة بأعمال النحت والأعمال التركيبية وفنون الميديا حيث تتبع الرمزية والتجريدي والمفاهيمي كاتجاهات فنية في أعمالها التشكيلية متناولة قضايا الإنسان والمجتمع، إضافة إلى كل ما يلهمها كالأحداث اليومية الصغيرة أو الاحداث التي تغيِّر العالم دون أن تغير العقليات.. فالفن هو لغة الكتابة الأولى للبشر، ويحاول الطفل تلخيص عالمه بصريا بالرسم، وهذا ما يحاول الفنان فعله مهما كبر بالعمر.

ودشَّنتْ الكاتبة زينب محمد سالم الغريبية باحثة في شؤون المرأة والطفل والتربية، مؤخرا، المجموعة القصصية "أحب وطني"، التي تعدُّ من أهم إنجازاتها في مجال الكتابة للطفل؛ فهي أول مجموعة تربوية لتعزيز المواطنة لدى الأطفال في سلطنة عمان وبتركيزها على المواطنة والتسامح الديني كاحدى أهم القيم تمثل هذه المجموعة إضافة مهمة للنظام التربوي العماني والعربي، الذي يحتاج اليوم إلى التركيز على ترسيخ قيم المواطنة.

وتتكوَّن المجموعة من ثماني قصص هي "أحب عمان"، وهي قصة تعرض بشكل مُبسَّط للطفل بعض الحقوق التي تقدمها له الدولة، وبعض الواجبات التي عليه أن يقدمها في المقابل كونه مواطنا له حقوق وعليه واجبات و"اللهم احفظني على الطريق"، وتتناول القصة أهمية مراعاة قواعد المرور وجزاء من لا يتبعها و"حديقتي الجميلة" تبرز القصة أهمية الحفاظ على المرافق العامة، والسلوكيات الإيجابية المفترض اتباعها لدى التعامل مع الآخرين و"أحب أن أعمل" قصة تبرز أهمية العمل في بناء الوطن، وأهمية تقدير العمل والعمال وعدم الاستخفاف ببعض العمال طالما هي في خدمة الوطن. وتؤكد على ضرورة تحديد هدف للطفل يسعى لتحقيقه. و"الشيخة والسلحفاة" تروي هذه القصة علاقة الطفل بالحيوانات الأليفة، مع إبراز المعالم الطبيعية والسلاحف المحمية الموجودة في السلطنة، وأهمية الحفاظ على هذه المحميات؛ وبالتالي المساهمة في صون البيئة. أما "قطرة ماء.. نقطة كهرباء" فتؤكد على ضرورة المحافظة على الموارد الطبيعية سيما الماء والكهرباء، كون الطفل مواطنا يستطيع أن يشارك بواجباته في خدمة البلد وفق إمكاناته و"شيخة والنخلة" قصة تتحدَّث عن أهمية النخلة ومعنى كونها رمزا من رموز الهوية العمانية وتعرج على علم السلطنة ومعاني ألوانه وشعار السيفين والخنجر و"قصة كلنا أخوة" تتحدَّث هذه القصة عن التسامح الديني وأهمية أن يعيش الطفل في وئام مع الآخرين من أطياف المجتمع المختلفة في مذاهبها الدينية والفكرية، وعليه أن يتقبل الآخر ويحترم وجوده في جو من التسامح والألفة. وترجمت المجموعة إلى الإنجليزية والأسبانية والبرتغالية.

وتضيف الكاتبة الدكتورة فاطمة بنت أنور اللواتية بأنَّ المرأة العمانية استطاعت أن تقرأ وتكتب وتناقش وتترأس وتصبح وزيرة أو وكيلة، وتساهم في المجال التربوي والصحي والعسكري والفني والإعلامي...وغيرها من المجالات، واستطاعت أن تجعل لها رؤى واضحة وبصمات ثابتة راسخة في الكثير من المجالات بكفاءة عالية واقتدار كبير.

وفي المجال التربوي، تقول اللواتية: لدي كتيب حول الممارسات التربوية للمربين والكتيب مصاغ بأسلوب قصصي على هيئة مذكرات لتلميذ عن تجاربه في المدرسة أثناء طفولته ورواية بعنوان "الصيحة"، إضافة إلى مجموعة من المقالات ضمن سلسلتين إحداهما بعنوان "اقرأ لطفلك" والأخرى "أبناؤنا الموهوبون"، إضافة إلى مقالات أخرى حول أمور تربوية وأدبية ووطنية...وغيرها.

وتقول اللواتية: إنَّ معظم مشاركاتي خارج السلطنة كانت حول التعليم؛ وذلك بطرح أبحاث ودراسات، وهناك بعض الأنشطة التدريبية قمت بها خارج السلطنة. وعن المشاريع المستقبلية، لديَّ عدد من المشاريع في مجال أدب الأطفال، لا سيما وأنني أول عمانية خاضت هذا المجال ودربت فيه، وأسعى إلى فتح مكتبة للطفل العماني ورفده بإنتاج مميز.

تعليق عبر الفيس بوك