مؤتمر باريس للمناخ

علي بن كفيتان بيت سعيد

يُعقد مؤتمر الأمم المتحدة الحادي والعشرون للاتفاقية الإطارية لتغيُّر المناخ في لوبورجي، في العاصمة الفرنسية باريس، التي تم اعتمادها في قمة الأرض في ريو البرازيلية عام 1992؛ حيث يلتقي مندوبون عن 195 بلدًا و150 رئيسَ دولة وحكومة لوضع حد لانبعاث غازات الدفيئة من البلدان المتقدمة، بعد أن ساد هذه الاتفاقية الكثير من نقاط الخلاف عكس اتفاقيات الأمم المتحدة الإطارية الأخرى.

إنَّ بروتكول كيوتو الذي ظهر عام 1997 كان هو الإطار لتطبيق اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخ؛ حيث وضع الشروط والمعايير للحدِّ من انبعاثات الدفيئة، خاصة في البلدان الصناعية الكبرى التي لها نصيب الأسد من تدفئة الكوكب، ولقد دخل هذا البروتكول حيِّز النفاذ عام 2005، ولكن ظلَّت بعض الدول الكبرى غير منظمة لهذا البروتكول؛ مما قلَّل من سقف توقعات تنفيذ هذه الاتفاقية.

وفي تلك الظروف التي سادت هذه الاتفاقية، خاضت الأمم المتحدة صراعا مريراً لتقريب وجهات النظر بين المتفقين والمتحفظين على هذه الاتفاقية عبر عقد اتفاقات واجتماعات عدة؛ أبرزها: اتفاق كوبنهاجن (2009)، واتفاق كانكون (2010)، واتفاق ديربان (2012)، وكانت جميعها في سبيل التمهيد لاتفاق عالمي يرمي للحد من ارتفاع درجات الحرارة ضمن سقف لا يتجاوز درجتين مئويتين فقط بحلول العام 2020.

يُؤكِّد العلماء أنَّ العالم سيشهد كوارث بيئية كبيرة إذا ما استمر سكان هذا الكوكب وفق نمطهم المعيشي الحالي من حيث تغليب النمط الاستهلاكي غير الإنساني وفق مبدأ من يكسب السوق الاقتصادي العالمي من حيث زيادة المنتجات دون النظر للآثار البيئية المترتبة على ذلك؛ فالدول الصناعية الكبرى تجد نفسها بمنأى عن الآثار من حيث ارتفاع مستوى معيشة سكانها وقدرتها على التكيف مع الاثار المترتبة على تغير المناخ العالمي.

في حين تقع البدان الفقيرة والنامية في المرمى المباشر لهذه الآثار الكارثية المدمرة، وهي من يدفع فاتورة ما تنفثه مصانع الدول المتقدمة والمتمثلة في غمر الفيضانات لمدن وقرى بأكملها، وموجات الجفاف العالمي، وغمر البحار والمحيطات لكثير من القرى الساحلية بعد أن أدى الاحترار العالمي لذوبان الثلوج في القطبين الشمالي والجنوبي؛ مما أدَّى بشكل مباشر لزيادة منسوب البحار وغيرها من الآثار الأخرى.

أمَّا الضريبة غير المرئية لظاهرة زيادة حرارة الأرض على البيئة الطبيعية تكاد تكون أكبر من الآثار المحسوسة؛ حيث ينزف العالم يوميا من جراء فقدانه لأنواع فطرية مختلفة؛ سواء كانت حيوانية أو نباتية، إضافة لتدهور النظم البيئية العالمية التي تعد مصدر الإمداد الرئيسي للبشر من حيث فقدان المساحات الزراعية الممول الرئيسي للغذاء في العالم، وجفاف الكثير من المصادر المائية الطبيعية، وتراجع منسوب الأنهار.

إذًا ما هو المطلوب من مؤتمر "لوبورجي" المقرَّر أن يختتم أعماله بتاريخ 11/12/2015؟

المطلوبُ أن تتفق البشرية على قول الله تعالى "وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَة اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ".. حفظ الله عمان وحفظ قابوس!

alikafetan@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك