مبادرون.. ضوء الحياة

المعتصم البوسعيدي

من أيّ ركن قصي يأتي إلينا الأمل في خضم أحداث "سوداوية" أو لنقل وسط أمواج عاتية من النقد والسلبية والإحباطات على مستوى الواقع المُعاش كأشياء محسوسة أو في ظل إرهاصات التَّعاطي المجتمعي والتفاعل مع الأحداث؛ حيث نعيش حالة "جنونية" من "السخرية" لرأي هنا ولحدث هناك صغيرًا كان أم كبيراً، وكيف نصنع "رحمة الاختلاف" مع النقد الذي يتلبس ثوب أحادية الفكرة الواحدة الصحيحة، وما أكثر "السكاكين" المتربصة لزلة أو سقوط!!

الثابت ليس رأي إنساني، هكذا أفهم الأشياء عن بساطة، نقع كثيرًا في النظر لمن يكتُب لا لما كُتب، كحال أخينا الذي تحامل على الصحفي الرياضي الذي ينتقد مشيرًا إليه باتهام صريح أنّه لا يشارك في جمعية عمومية لأحد الأندية، المطالبة بحد ذاتها مفهومة لكن تجريد الرأي من حقيقته بحقيقة أخرى ـ أحسبها ـ "جريمة"!! وكثيرًا ما نقع في حُب سماع ما نُريد، تجذبنا الإشادة، ثمّ في لحظة توجيه السهام لا ندافع من قوة ونأمن الشر، بل نركن للهجوم المضاد وندخل في معارك خاسرة.

قررت بعد حضوري لحفل "جائرة الرؤية لمبادرات الشباب" أن أبحث عن ضوء الحياة الذي ينطلق من شباب يبتكر للوطن، يُساهم في البناء ليس للجائزة الفردية بل للإنسانية التي تُعمر الأرض، هم فقط ينتظرون من يأخذ بيدهم، من يلتفت لهم، وبالرغم من أنني انزعجت من إلغاء جائزة المبادرات في الجانب الرياضي، إلا أنني سعدت كثيرًا بذاك الشعور الذي حملنا إياه المكرم الأستاذ حاتم الطائي المدير العام ورئيس التحرير ـ بطريقة أو بأخرى ـ ذاك بأننا جزء يجب أن يُعبر من الرؤية عن رؤية "إعلام المبادرات، باعتباره أسلوب حياة يتعاطى مع العالم بروح إيجابية وفهم أعمق للحياة من أجل بناء جسور وأواصر تنشر مزيدًا من المحبة والقيم الخلاقة" لذلك علينا سبر المفهوم العميق وفتح نوافذ مُطلة على آفاق جديدة.

أعود دائمًا للرياضة، لهذه التي أصبحت أسلوب حياة لا ترفيه فقط، ذكرت في آخر مقال لي الأسبوع المنصرم حول مطالبتي برحيل مدرب منتخبنا الأول لكرة القدم، على ضرورة رحيل الرجل أولاً ـ والذي أعفي من منصبه بعد ذلك ـ ثم نفكر معًا في القادم، وأعني معًا كل من يهمه الأمر حول هذا الموضوع بدءًا من المسؤول حتى الجمهور بكل فئاته، لنفكر بصوت مسموع، لنبحث في دواخلنا عن ضوء الحياة، تشدني كثيرًا الحكمة التي يرددها الإعلامي المبدع خميس البلوشي ويضعها على مواقع التواصل الاجتماعي "إذا لم تعلم إلى أين تذهب، فكل الطرق تفي بالغرض" لكن لتعذرني أستاذي العزيز بالقول إنّها ليست النظرة التي نُريد، ما نريده حقًا أن نعلم أين نذهب؟! أن نرى الطريق التي تقودنا إلى هدفنا الواضح.

أُقلبُ في أخبار رياضتنا، منتخبنا لكرة اليد يودع أولمبياد البرازيل بأربع هزائم وفوز يتيم وشباب الهوكي يحل ثامنًا وأحوال كرة القدم في شد وجذب، ومنتخب آخر يشارك دون أن يجد ملابس تناسبه ووو.. إلخ، فأي هدف نتجه إليه؟! وأي طريق نمضي بها؟! وعن أي إيجابية نتحدث؟! أتوقف قليلاً؛ لأقرأ لميخائيل نعيمة قصيدة "فتش لقلبك": "عجباً يروعك الظلام.. فتبيت مرتجف العظام.. ويود قلبك لو ينام.. في صدرك النوم الأخير.. أما لقلبك من جليس أو سمير؟" هنا أعيد للروح بسمتها؛ لأفتش عن الإيجابية ـ ولو بالنذر اليسير ـ لأمنح الأشياء أملاً وسعادة!!

في حديث أحمد المياسي المكلف بإدارة ملف مدرب منتخبنا الأول لكرة القدم توقفت عند نقطة ذكرها بخصوص "إنّهم يريدون مدرباً لا يوجد الأعذار" هذا معيار غير فني بكل تأكيد، ولكن أحسبه منطقياً وينطلق من أعذار نُسجت سابقًا لكل إخفاق، وأجزم بأنّ الاختيار القادم سيقع على مدرب وطني أو على مدرب محيط بالكرة العُمانية وأحوالها، كما يمكنني أن أضيف أن على المدرب القادم أن يخوض تحديه الخاص لتحقيق طموحه مع تحقيق طموح عشاق الأحمر، ضوء حياة آخر يسطع من رياضة المحركات حيث فريق الكارتينج الذي أتمنى أن يبنى عليه التأهيل لمعيار رياضي أكبر يرضي شغفنا برفع العلم العماني؛ حيث بطولات الفورميلا (1) نعم هكذا يجب أن يكون الحلم كالمبادرين الشباب الذين ابتكروا وصنعوا في زمن أصبحنا مستهلكين لا مصدرين!!

مبادرون.. ضوء الحياة الذي يجب أن يشع على أرض الرياضة كما يسطع في كل الجوانب، نحتاج مبادرة الطفلِ والمرأةِ والرجل وخاصة الشباب عماد الدول والأمم، وسننطلق من إعلام المبادرات الذي بات يمثل قيمة مضافة للمسؤولية المجتمعية المنطلقة من ثوابت العمل التطوعي كصورة عامة، ويسير على نهج اكتشاف العمق الإنساني؛ لإعمار الأرض وتحقيق غاية وجودنا عليها.

تعليق عبر الفيس بوك