"مشهد نساء عمان"

إيمان الحريبي

يُعتبر دخول المرأة العمانية ضمن مشهد الحراك التنموي منذ بداية السبعينيات مُنعطفا حاسما في تاريخ البلاد الحضاري.. فعندما دعاها جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- لبت النداء وشمَّرت عن ساعد الجد، وكانت هذه الدعوة الكريمة من لدن جلالته -أبقاه الله- إيمانا من جلالته بأنه لا يمكن تحقيق التنمية الإنسانية بمنأى عنها، وحرصا منه على إقامة دولة تجمع بين خصوصياتها الثقافية ومستلزمات العصر.

وهكذا أعْطَى جلالته المرأة حقها في المشاريع والبرامج الهادفة إلى الرقي بالمجتمع، ومنحها الحقوق الكفيلة بتمكينها من القيام بدورها المميز لخدمة وطنها. وحسبنا دليلا على ذلك قول جلالته: "إننا ندعو المرأة العمانية في كل مكان، في القرية والمدينة، في الحضر والبادية، في السهل والجبل، أن تشمر عن ساعد الجد، وأن تسهم في حركة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كل حسب قدرتها وطاقتها، وخبرتها ومهارتها، وموقعها في المجتمع. فالوطن بحاجة إلى كل السواعد من أجل مواصلة مسيرة التقدم والنماء، والاستقرار والرخاء، إننا ننادي المرأة العمانية من فوق هذا المنبر لتقوم بدورها الحيوي في المجتمع. ونحن على يقين تام من أنها سوف تلبي النداء". فمنذ بداية خيوط النهضة العمانية المباركة، شاركت المرأة العمانية بكفاءة واقتدار في مراحل بناء الدولة العصرية، وكانت عند حُسن الظن بها، وكان تكريما آخر بانتظارها بتخصيص يوم السابع عشر من شهر أكتوبر يوما للمرأة العمانية في كل عام، وهو تكريم سامٍ آخر لها يدفعها للمزيد من العطاء.

وهكذا تستمرُّ عطاءات المرأة العمانية، وتتعدَّد وتتنوَّع؛ فكان بالأمس القريب لقاء، شاركت فيه 45 امرأة من مختلف محافظات السلطنة أتين جوًّا إلى ظفار في لقاء تعارفي ثقافي سياحي تروبوي واقتصادي وتنموي يُعبِّر عن الشكر والامتنان والعرفان لجلالة السلطان المعظم الذي دعا المرأة العمانية واعتنى بها ابنةً وأمًّا، وزوجة وأختًا بيقين عميق بأنها تشكل نصف قوة المجتمع، وأنها تمتلكُ كلَّ المقومات والقدرات التي تمكنها من الإسهام الإيجابي في جهود التنمية الوطنية، في جميع المجالات.

وجسَّد اللقاء الذي أتى بعنوان "مشهد نساء عمان" بحق مشهدا من عُمان حين جمع نساء من أقصى الشمال والجنوب في مكان واحد وتحت سقف واحد، يتبادلن الحديث والنقاش والحوار الهادف البناء يغلفه حب الوطن والسلطان، مثل هذه اللقاءات لا يجب أن تتوقف ويجب أن تتواصل في ظفار تارة، وأخرى في الباطنة، وتارة في مسندم، ومرة أخرى في الدخلية...وهكذا حتى تتواصل الأجيال مع بعضها، وتتعرف على إنجازات نساء عمان فهن مجيدات وماجدات لتكون مثل هذه اللقاءات الدورية ميلاد رؤى وأفكار جديدة تخدم التنمية، وتعزز الجهود وتنهض بدور المرأة ذاتها.

ويبقى أن تجد هذه الملتقيات بيئة حاضنة لها، ولعل جمعيات المرأة المنتشرة في كل ولايات السلطنة أن يكون لها السبق في دعم هذه المبادرة التي دعمتها اللجنة العليا للاحتفالات بالعيد الوطني، وبتنفيذ من مركز "تيسير" وبأسلوب استثنائي لم يجسِّد مجرد الحوار وتبادل الأفكار فقط، وإنما التنقل ما بين معالم مختلفة من محافظة ظفار والحديث عن التاريخ الذي يكتنف تلك المواقع، وهو كذلك إثراء سياحي وثقافي ومعرفي وتاريخي، فكان البرنامج الحافل بمثابة جسور تماسكت مع بعضها وتعاهدت أن تمضي قدما خلف قائدها، ولسان حالها يدعو أن يحفظه ويرعاه ويطيل في عمره، فله الولاء وله العرفان والامتنان.

تعليق عبر الفيس بوك