فلنحافظ على وقار أفراحنا

 

 

حَمَد العلوي 

 

 تختلفُ مَظَاهر الفرح وتتباين باختلاف مشارب ثقافتنا وبيئتنا، إلا أنَّه مِنَ المؤكَّد أنَّ الذي يُفرح عُمان ويُسعد قلب سلطانها هو العمل والإنتاج، المبدع والمبتكر الذي صَنَع السيارة العُمانية "سيارة نُور مجان" قطعًا أفرحنا، والذي سيصنع دراجة هوائية، أو حتى سُلَّماً نصعد عليه لتركيب نور في سقف منزل، أو يصنع علبة كبريت نُشعل بها مُوقدًا للطبخ...وغير ذلك من أشياء كثيرة نستوردها اليوم من الخارج، فإنَّ كلَّ هذه الصناعات حتماً ستكون مُبهجة للنفس والعقل، وعلى الدولة ككل -ولا أقول الحكومة وحدها- أن يباركوا ذلك بالقول والفعل، بحيث يمدُّون يدَ العون والمساعدة لتحقيق الأمجاد بالأهداف المرسومة على أرض عُمان الغالية، وهي كما عُرفت في التأريخ، أنّها قد بنت حضارات قوية بالعمل الجاد، لا بالأمنيات والأحلام الوردية.

 

لا نُصادر حقَّ الناس في أن يفرحوا ويعبروا عمَّا يجيشُ بخاطرهم من مَظَاهر السرور، لكن يجب أن يكون ذلك وفق القانون وألا يضر بالسلامة العامة؛ إذ ليس من المقبول إطلاقًا أن يستهتر البعض بالسلامة العامة في الشوارع بسيّارتهم مسببين الإزعاج لمريض يتألم، أو مسافر مستعجل، أو عائد من عمل مرهق، أو طالب عِلم عليه واجبات يقضيها، حتى ينام قريرَ العين ليصحو باكراً فيذهب لمدرسته أو كليته.

 

يجب أن نحتفي بأعيادنا الوطنية ومناسباتنا الجميلة وفق أساليب حضارية، تراعي الحق العام والذوق العام وسلامة المجتمع، وأن نراعي دوما ونتذكر أننا عمانيون، سمتنا الوقار والسكينة والهدوء، وأن نعي أنَّ لغيرنا حقًّا في الطريق العام بمثل ما لنا، وأن نحرص دوما على أنْ لا نشرخ مبدأ الطمأنينة وراحة الناس؛ سواء كانوا في أماكن عملهم أو سكناهم.

 

... إنَّ بعضَ السلوكيات والمظاهر السالبة التي يقوم بها البعض في احتفالاتنا بعمان المنجزات إنما تهدمُ ولا تبني، ولا تحقق الغاية من الاحتفال والتي تتجسَّد في أن الاحتفائية بادرة انطلاق وشحذ للهمم والنفوس نحو مزيد من الإنتاج والعمل حتى تحقِّق عُمان وقائدها المفدى ما نصبو إليه من رفعة وتقدم.

 

لا نستطيع أن نُسمِّي ما يقوم به البعض تعبيرًا عن سعادة ما، وليس له أي وجه من وجوه الفرح بعيد الوطن، وإنما هي تصرفات وأفعال تشوه صورة الفرحة والبهجة في مناسبة جميلة كالعيد الوطني المجيد، لابد أن تضع الجهات المعنية مزيدا من الإجراءات واللوائح الكفيلة بأنْ لا تتحول تلك الأفراح إلى مراتع للفوضويين، والخارجين على المألوف والسلوك العام للناس، ولا يُستبعد أن يكون أولئك الفوضويون "الملثَّمون منهم خاصة" أعوانًا للحاقدين على الانضباط العُماني، الذي قلَّ نظيره بين كثير من المجتمعات العربية، والحاسد العاجز يَسهُل عليه التخريب، عندما يصعُب عليه الاقتداء بالجميل.

 

لقد آن الأون لأن تضع الدولة ضوابط للذوق العام للوطن الواحد، وليس لنا بالآخرين شأن، ولكن حفظ قيمنا وأخلاقنا واجب محتم علينا، وأنْ لَا نسمح بأن نلدغ من أبواب تُشرع علينا من الخارج، تحت ذرائع الحرية الشخصية، والديمقراطية المعلبة، فعُمان فيها مخزون واسع من الحرية والديمقراطية، وهي تكفي أمم الأرض قاطبة.

 

safeway-78@hotmail.com

 

تعليق عبر الفيس بوك