"تاكسي" عُمان

خلفان الطوقي

تُتاح لي فُرصة السفر المستمر لدول مجلس التعاون؛ حيث كُنتُ أعاني من استخدام سيارة اﻷجرة التي تعمل بنظام "العداد" في بَعْض دول الخليج، لكنَّ الخبرَ المفِرَح أنَّه منذ عدة سنوات تمكَّنتْ ونجحتْ جميع دول الخليج الشقيقة في تطبيق نظام "العداد" إلا السلطنة.

وظلَّ تساؤلي لأكثر من عشر سنوات قبل وبعد كلِّ رحلة عن هذا الملف المسمَّى بسيارات اﻷجرة "المنظَّمة" وعدم تطبيقه على أرض عُمان الطيبة، وهو السؤال الذي لم أجد له تبريرا إلى الآن.

فمُعظم المواطنين والمقيمين والسياح يجدون صعوبة في استخدام سيارات اﻷجرة لعدة أسباب؛ منها: استغلال بعض أصحاب سيارات اﻷجرة برفع سعر الأجرة بصورة مبالغ فيها، فضلا عن تعرض الكثير من "الركاب" (في بعض الأحيان) للمضايقات من قبل بعض سائقي تلك السيارات وهو الأمر الذي لطالما ناقشناه في أكثر من مقام.

واليوم.. لا يُمكن أن نتصوَّر أنه وبعد 45 عاما من النهضة المتطورة خلف القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة، أن يظل ملف سيارات الأجرة مفتقدا إلى التنظيم، أو تكون به كل هذه التجاوزات؛ فبالرغم من المحاولات التي قام بها المجلس البلدي لبلدية مسقط وبعض الجهات اﻷخرى لتنظيم هذا الملف، إلا أنَّ هناك -وحسب ما هو معروف- العديد من التحديات التي تعترض منظومة تطوير هذا الملف الشائك.. ومن بَيْن هذه التحديات: تداخل الجهات المنظمة لسيارات الأجرة؛ وهي: شرطة عمان السلطانية وبلدية مسقط ووزارة السياحة ووزارة النقل (هذا الوضع لمحافظة مسقط).

ولكي نبدأ تطبيق سيارات الأجرة التي تعمل بنظام "العداد" حسب معرفتي، تمَّ دراسة الملف وتكليف جامعة السلطان قابوس بمعرفة جذور الموضوع، وتمَّ حصر اﻷرقام لسيارات اﻷجرة المتوفرة الآن في السلطنة، ودراسة الحالات الاجتماعية لمن يملكها، لتمييز المستحقين عن غيرهم.. وبعد الحصر وتتبع ملاك هذه اﻷرقام، تم طرح الموضوع للمناقصة العامة، وتم تعطيله من قِبَل البعض.

لذا؛ أقترح طرح فكرة إقامة شركة مساهمة عامة ندعو لتأسسيها؛ على أن تُعْطى اﻷولوية للمساهمة بنسبة معينة لأصحاب سيارات اﻷجرة الحاليين وورثة أرقام لوحات تلك السيارات، ويطبق على هذه الشركة المقترحة نظام الهيئة العامة لسوق المال في تأسيس وإنشاء الشركات المساهمة العامة التي بموجبها يمكن أن تطرح للعامة، ويتم تداولها في سوق مسقط للأوراق المالية.

ولكي لا يضُرُّ وجود مثل هذه الشركة أصحاب سيارات الأجرة الحاليين، يُراعى أن يتم تطبيق نظام "العداد" في المدن الكبرى كمسقط وصلالة وصحار كمرحلة أولى، ولعدد معين من السيارات. وبعدها، ينتقل تطبيق النظام تدريجيا لباقي المحافظات وفق خطة مدروسة، وتكون هناك أولوية لتوظيف أصحاب سيارات اﻷجرة الحاليين وبالاتفاق بين الطرفين وفق معايير تملك وتشغل السيارات يتَّفق عليه الطرفان، على أن يتم مراعاة أي إجراء لا يؤثر على تحقيق دخل معقول للمواطن (سائق التاكسي).

... إنَّ تطبيق مثل هذه الفكرة سيسوِّق للسلطنة محليا وخارجيا، وسيجعل منها محطة جاذبة للسياحة، ومشجعة للمواطنين والمقيمين والسياح لاستخدام سيارات الأجرة؛ مما سيزيد بدوره الحركة الاقتصادية، كما أنَّ هناك أبعادًا أخرى سيُستفاد منها "أمنيا" من خلال معرفة مكان المركبة ومستخدميها، ويُمكن تتبُّع المخالفين للقانون بسهولة، ورفع مستوى صيانة السيارة مما يضمن اتباع معايير سلامة الطريق ومرتاديه.

وبوجود مجالس بلدية واعية وبها كفاءات مميزة، وبوجود خيارات وحلول بشرية وتكنولوجية، أرى أنَّه على المعنين بهذا الأمر أن يبادروا لتحقيق هذا المقترح؛ وإعطاء هذا الملف صفة "العاجل جدًّا" خدمة للصالح العام ولأصحاب سيارات اﻷجرة ومستخدمي هذه الخدمة من مواطنين ومقيمين وسياح.

تعليق عبر الفيس بوك