سلمت مهابا مهيبا جليلا

خلفان العاصمي

تحظى أعيادنا الوطنية بزخم كبير من الاحتفالات المعبرة عن هذه المناسبة بما تحمله من بهجة وسعادة وفخر واعتزاز بما تحقق على أرض هذا الوطن من منجزات تنموية شاملة، وخلال السنوات الأخيرة يتركز هذا الزخم على الأعياد الخماسية أي التي تشكل خمس سنوات عددية ما بينها وبين سابقاتها، ويأتي العيد الوطني الخامس والأربعين المجيد ليكون أحد هذه الأعياد ذات الزخم الاحتفالي الكبير على المستويين الحكومي والشعبي، ولعل أبرز ما عايشناه هو المهرجانات الاستعراضية التي شهدتها مختلف محافظات السلطنة والتي سأتحدث عنها في هذا المقال عبر قراءة شخصية لها.

سلمت مهابا مهيبا جليلا تقود المسيرة تهدي السبيلا، هذا هو مطلع قصيدة (هتاف الأبرار) للشاعر حمود العيسري والتي اختارتها اللجنة العليا للاحتفالات لتكون هي اللوحة الختامية الموحدة للمهرجانات الوطنية التي شهدتها مختلف محافظات السلطنة وتختتم هذا المساء بمهرجان محافظة البريمي.

فكرة أن تكون هناك لوحة غنائية موحدة في أحد عشر استعراضا حركيا طلابيا وشعبيا هي فكرة جديدة وموفقة جداً تحسب للجنة، وجميل أن تكون الختامية هي الموحدة بحيث دائما ما يتم التعبير في اللوحات الختامية للاستعراضات والمهرجانات بتجديد الولاء للقائد وترسيخ مبدأ الانتماء للوطن، ولعل أجمل ما في الموضوع هو أن تكون الاستعراضات مختلفة من محافظة لمحافظة أخرى، وهذا هو عنصر الإبهار والتجديد والمنافسة سواء من مصممي الاستعراضات أو من مخرجيها وكذلك من المشاركين من الطلبة والطالبات وفرق الفنون الشعبية، ففكرة أن تكون هناك موسيقى واحدة تصيغ ألحان لكلمات واحدة ولكنها تقدم أحد عشر استعراضا حركيا مختلفا هذا هو عنصر التحدي ما بين المشاركين فبالتالي الكل يترقب هذه الاستعراضات ليرى كيف ستكون اللوحة الختامية، وربما كاتب الكلمات والملحن والموزع الموسيقي لها هم الأكثر ترقبا والأكثر حظا عندما يرون عملهم يعرض برؤية سمعية واحدة ولكن برؤى بصرية متعددة.

احتفالات مختلف محافظات السلطنة من خلال هذه الاستعراضات تشكل قيما مضافة للكثيرين بدءًا من المشاركين، فعلى سبيل المثال الكتاب من الشعراء تشكل لهم نوعاً من التجديد في الكتابة الوطنية والكتابة الغنائية على وجه التحديد فعندما أعلنت اللجنة العليا عن استقبال القصائد لهذه المهرجانات وفق المعطيات والرؤى المحددة حسب طبيعة كل مهرجان فإن ذلك دفع هؤلاء الكتاب للبحث عن مفردة جديدة وعن نص متكامل يتنافسوا به لعله يحظى بالقبول ومن ثم ينال شرف المشاركة في حدث وطني كهذا وبالتالي برزت أسماء شعرية من رحم هذه المهرجانات كما عاد الكثير من الشعراء للكتابة بعد توقف، كذلك بالنسبة للملحنين والموزعين الموسيقيين فإن أحد عشر عملا في حدود الساعة أو أكثر لكل عمل وبواقع أكثر من 5 لوحات في كل عمل فإنّ ذلك يتيح مساحة أكبر في إبراز أسماء المشتغلين على هذه الأعمال موسيقيا، وأيضا اكتشاف أسماء عمانية شابة فعلا كان لها بصمة وحضور في هذه المهرجانات، وفي الجانب الميداني سواء كتدريب على استعراض أو العمل في أيّ لجنة من لجان هذه المهرجانات فبالتأكيد هنا مهارات جديدة سيكتسبها العاملون بها سواء من حيث العمل كفريق واحد والقدرة على التخطيط والتنفيذ ومهارات اتخاذ القرار والتكيف مع عمل ميداني استغرق التحضير له أشهر، وكذلك إذكاء روح الابتكار والمبادرة في الرؤية الإخراجية لهذه الأعمال، كما أن الكثير من أستوديوهات التسجيل الصوتي والتي يمتلكها شباب عمانيون نشطت خلال فترة التحضير والتجهيز لهذه المهرجانات وأيضاً شركات الصوت والإضاءة والتجهيزات العمانية وجدت الساحة الجميلة لتفعيل قدراتها ووجدت الفرصة بأن تعمل بشكل احترافي يتناسب مع القيمة المالية المرصودة لهذه المهرجانات، كما أنّ الطلبة والطالبات وهم العنصر الأساسي لهذه المهرجانات خرجوا بنواتج ستسهم في بناء شخصياتهم وهم في هذه المرحلة العمرية ومن أهمها ترسيخ قيمة المواطنة لديهم وربط ما قدموه من مشاركة بوطنهم ومنجزاته ومكتسباته على مدى السنوات الماضية بالإضافة لجانب النشاط البدني الذي مارسوه خلال فترات التدريب وأثناء تقديم العروض، أيضا فإن الإذاعات والتلفزيونات العاملة بالسلطنة سواء كانت حكومية أو خاصة فإن هذه المهرجانات ستشكل لهم قيمة مضافة من خلال وجود مادة سمعية ومرئية وطنية جديدة متنوعة الكلمات ومتعددة الألحان وتشكل فترات بث جيدة وسيتم استخدامها مستقبلا سواء تضمينها في بعض البرامج التنموية والوطنية أو بثها كمادة منفردة.

تعليق عبر الفيس بوك