انقشاع الحلم المزعج

أحمد السلماني

يا له من حلم مزعج جثم على صدر منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم لمُدة أربعة أعوام ونيف، كانت كافية لتدمير جمالية أدائه وقوته التنافسية؛ كواحد من كبار القارة، والذي يُحسب له ألف حساب من قبل بقية المنتخبات التي كانت تلجأ لتكتيكات خاصة للحد من قدرات العمانيين في الوصول لمناطق عملياتهم بسهولة، وقبل ذلك تناقل الكرة بشكل ساحر وجميل وبسرعة ليتلقب الفريق الوطني يومها بـ"برازيل الخليج وآسيا"..

يااااااه.. 3 سنوات خلت لم أسمع بهذا اللقب بعد أن شهد الأحمر الكبير تراجعًا مخيفًا على المستويين الفني والتصنيف الدولي، ليأتي الفرنسي بول لوجوين ومن ثمّ يرحل وفي قلوبنا غصة.

ورغم أنّ قرار الإعفاء أو الإقالة- سمِّه ما شئت- للمدرب الفرنسي جاء متأخرًا، لكن نوفمبر المجيد دائمًا هو البعث الجديد للسلطنة الغالية، ونحن العمانيين دون سوانا نعلم ما في هذا الشهر من بشارات ومكرمات سخية، فقد جاء البشير بإعفاء لوجوين وتكليف اللجنة الفنية بدائرة المُنتخبات للبحث عن البديل وفورًا، وإلى هنا فالأمور تسير وفق رؤية سليمة ومنهج منطقي وطبيعي.

المدهش في القضية أنّ الشعب العماني وبين عشية وضحاها صار فقيها وبصيرًا وخبيرًا بالرياضة وبكرة القدم تحديدًا، كحاله في التعامل مع أية قضية أو ظاهرة أو حدث ما، فكل الشعب يفقه في علوم الطقس حال الأنواء المناخية ليتحولوا جميعًا ويتقمصوا شخصية الراصد الجوي، حتى الطب لم يسلم من المتطفلين عليه فالمثل العماني يقول "رمدانه.. وصفوا لها أكثر من دواء حتى عميت".

واليوم يتفنن الجميع، كلٌ يُدلي برأيه في المدرب القادم، وجنسيته وأسماء كثيرة وكبيرة تلك التي تمّ اقتراحها في الغالب، تدخلت العاطفة وخلجة الإعجاب بهذا المدرب أو ذاك في تغييب حقيقي للمنطق والعقل والنظريات السليمة التي تقول "إنّ الدواء إنما هو للداء"، بمعنى معرفة وتشخيص الحالة أو المرض أو الفيروس الذي يُعاني منه "الرجل المريض" ليحقن بعد ذلك بالمصل أو المضاد الحقيقي والناجع للحالة ليتعافى وكرماً وفضلاً وليس أمرًا ليلزم الطبيب عيادته والمهندس ورشته والمُعلم مدرسته والجندي معسكره واتركوا لذوي الاختصاص التعاطي مع هذا الملف المفصلي والمصيري فالقرار والفصل فيه له ما بعده، أفلا تعقلون!!.

كما أنّ هناك أمراً في غاية الأهمية وهو أن تستعين هذه اللجنة والتي لا نعرفها بعد بذوي الكفاءة وأن يرتقي الفريق لمصلحة الوطن والتعامل مع الملف حسب المؤشرات والمؤهلات وقبل ذلك معرفة الشخصية التي تتناسب وحالة كرة القدم العمانية والوضعية الحالية لمنتخبنا بمعنى وعلى سبيل المثال فلو جلبنا جوارديولا أو مورينهو أو إنشيلوتي فالفشل هو المآل فربما اسم مغمور يتفهم الوضع ويتعاطى معه بعمق وإخلاص سيكون تأثيره إيجابيًا وربما يغير من المعادلة الحالية.

أمر مهم يجب أن تدركه الجماهير العُمانية والشارع الكروي وقبل ذلك أصحاب القرار والإعلام وهو أنّ المدرب القادم لا يملك العصى السحرية لتغيير الوضع وبشكل عاجل بل علينا أن نصبر فالدمار هائل والمنتخب هذه المرة لا يحتاج إلى ترميم فقط بل إلى بناء جديد ببعث جديد.. لنردد جميعاً: "وما صبرك إلا بالله".

تعليق عبر الفيس بوك