"المستعرفيم" خنجر في ظهر الانتفاضة المباركة

عبيدلي العبيدلي

(المستعرفيم) كما تنطق بالعبرية، أو المستعربون هم هجين من العرب واليهود يعملون في وحداتٍ أمنية صهيونية تابعة للشرطة الصهيونية وتحديدًا لحرس الحدود. تكاثر ظهور هؤلاء "المستعربون" عندما "اندلعت مؤخرًا مواجهات في منطقة جبل المكبر في القدس بين متظاهرين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية إثر انطلاق ما يتوقع له أن يكون الانتفاضة الفلسطينية الثالثة. فقد أعادت العمليات الباسلة الجريئة التي ينفذها الشبان الفلسطينيون للأسماع مصطلح "المستعربون". تم تداول هذا المصطلح على نحو واسع عندما "أقدمت فرق من (المستعربون) على اعتقال 4 من المتظاهرين على مدخل البيرة". وقد أشعل ذلك النيران في قنوات التواصل الاجتماعي حيث "انتشرت حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، طالب فيها النشطاء بنشر النصائح والإرشادات كي يحمي المتظاهرون أنفسهم من الوقوع في شراك فرق الموت أو ما يسمى بـ(المستعربون)".

وليست هذه الحملة بظاهرة استثنائية بما يخص "المستعربون" في مسيرة الصراع الفلسطيني-الصهيوني، فقبل حوالي أسبوع سارعت "هيئة شؤون الأسرى والمحررين" الفلسطينية إلى إصدار تقرير "أفادت فيه بأن حكومة الاحتلال الاسرائيلي جددت إدخال قوات (المستعربون) في مواجهة الهبة الشعبية الفلسطينية، والتي نفذت إعدامات ميدانية واختطاف مطلوبين، وإطلاق الرصاص على معتقلين بعد اعتقالهم. وكما ذكر موقع فلسطينيو 48 الذي أورد التقرير، فقد سلط مشهد إطلاق النّار على يد المستعربين من نقطة صفر بهدف القتل على الأسرى أحمد حامد ومحمد زيادة وعبد الرحمن أبو الذهب في رام الله يوم 7/10/2015 خلال المواجهات مع قوات الاحتلال، الضوء مجددًا على فرق الموت الإسرائيلية إلى تتنكر بزي عربي وتتوغل في صفوف المتظاهرين لرصدهم وقتلهم أو اعتقالهم".

على نحوٍ موازٍ ومتزامن نشرت وكالة الأنباء الفرنسية، "فيديو لأفراد وحدة (المستعربون) في جيش الاحتلال في الضفة الغربية، حيث يظهر أفراد من الوحدة وهم يضعون الحطّة الفلسطينية على رؤوسهم ويتظاهرون مع الشبان الفلسطينيين الغاضبين قرب مستوطنة بيت إيل".

هذه الحوادث ترجع المتابع للساحة الفلسطينية إلى منتصف العام 2011، عندما نقلت "وكالة فلسطين الإخبارية"، تقريرًا عن برنامج تلفزيوني بثته القناة العاشرة التابعة لتلفزيون الكيان الصهيوني "كشفت فيه عن تفاصيل تنشر لأوَّل مرة عن عمل الكوماندوس الإسرائيلي (وحدة المستعربون) الذين يتهمهم الفلسطينيون بأنّهم وحدة من القتلة الذين يتخفّون بلباس عربي ويندسون بين النّاس ويباغتون الضحية بوابل من الرصاص أو الاعتقال".

وكما تجمع الوثائق الفلسطينية والعربية التي تؤرخ لمسيرة الصراع الفلسطيني - الصهيوني فقد "تأسست وحدة المستعربون في الثلاثينيات من القرن الماضي لقتل وتشريد الفلسطينيين وعادت للعمل في الانتفاضة الأولى والمقاومة ... واغتال أفرادها 422 فلسطينياً بين عامي 1988 و2004".

يؤكد هذا الكلام الكاتب الفلسطيني أحمد عبد الغني، حيث يرى أنه "تمّ تفعيل الوحدة في العام 1988، لإخماد الانتفاضة الفلسطينية الأولى. و(ينقل عن) أحد (المستعربون) الذين قابلتهم قناة (الجزيرة القطرية) في البرنامج الوثائقي (الصندوق الأسود) في مارس 2014، أنّ وحدة (المستعربون) الخاصة أقيمت في نهاية العام 1988 وبدأت عملها في ذروة الانتفاضة الأولى".

وكما رصدت المصادر الفلسطينية، فإنّه "خلال انتفاضة الأقصى التي تفجرت في أيلول 2000 نفذت وحدات (المستعربون) عمليات اختطاف واغتيال للعشرات من نشطاء حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة (الجهاد الإسلامي)، وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى".

من جانبه يرى الكاتب الفلسطيني: وطن الدبور أنّ هؤلاء (المستعربون) لا يستنكفون عن اللجوء إلى أقذر الأساليب وأكثرها خساسة من أجل كسب رضا أسيادهم الصهاينة عنهم فنجدهم يستعينون بجميع "الوسائل من قتل وتشريد بحق السكان المدنيين العزل، حيث كانوا يعملون ضمن العصابات الصهيونية المحاربة مثل (ايتسل) و(ليحي)، و(الهاغانا)". ويحذر، نقلا عن صحيفة "هآرتس" مما أطلقته شرطة الاحتلال "مؤخراً وحدة (مستعربون) سرية جديدة بين الفلسطينيين داخل مناطق الـ 48 بغية بناء بنيةٍ تحتيةٍ استخباراتية تمكن أجهزة أمن الدولة العبريّة من التعامل مع الفلسطينيين في الداخل، ( ناقلة ما جاء على لسان) المفتش العام للشرطة يوحنان دنينو قوله: إننا نعاني من نقص في المعلومات، لذا تواجهنا صعوباتٍ كبيرة في العمل داخل المناطق ذات الأغلبية العربية مثل مدينة أم الفحم، أو حي الجواريش في الرملة، حيث إن الوحدة الجديدة آخذة في التوسع للتغلب على نقص المعلومات".

محمد أبو فياض وكالة وفا للأنباء، يؤكد أنّ العمل الأساسي لهؤلاء (المستعربون) يقوم في المقام الأول على تجنيد " اليهود الذين كانوا في الأصل من البلاد العربية، من أجل عملياتها السرية، واعترف شيمون سوميخ، الذي كان قائداً في (المستعربون) خلال السنوات 1942 ـ 1949، بأنّ الاغتيال كان جزءاً من عمل الوحدات السرية المبكرة".

لكن أخطر ما تقوم به وحدات (المستعربون)، كما يشير الدبور، هو انتشارهم داخل سجون الاحتلال "فثمة وحدة تُسمى (متسادا) تابعة لمصلحة السجون الإسرائيليّة مهمتها الأصلية هي السيطرة على أي محتجزي رهائن داخل السجون القابع فيها أسرى فلسطينيين، وقمع أي اضطرابات مُعقدة من جانب الأسرى، إلا أنّ هذه الوحدة تنفذ أحياناً مهمات خارج السجون، وخاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما أنّ أفرادها يدخلون السجون كمعتقلين ويحاولون استدراج المشبوهين الفلسطينيين والحصول على مُعلومات تورطهم في التهم المسنودة إليهم، وهم يُسمون بالعصافير".

وفي السياق ذاته يُحذر الباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية. سمير محمود قديح، من استعانة سلطات العدو الصهيوني بمجندات "في وحدات المستعربين (دوفدوفان) في الجيش الإسرائيلي، العاملة في منطقة القدس المحتلة، نظراً للحاجة إلى وجود نساء في تنفيذ عمليات مختلفة، وأنه في المرحلة الأولى ستعمل 'المستعربات' في وظائف جمع المعلومات الاستخبارية إلى جانب المقاتلين، وإذا نجحت التجربة في منطقة القدس، فإنّه سيتم التفكير بتوسيع نشاطهن إلى وحدات مستعربين تعمل في مناطق أخرى".

المستعربون خنجر سام جديد تغرسه المؤسسة الصهيونية في خاصرة النضال الوطني الفلسطيني.

تعليق عبر الفيس بوك