نوفمبر المجيد.. فرحة وطن

د. مُحمَّد الشعشعي

إنجازاتٌ ضخمة شهدتها عُمان خلال الخمسة والأربعين عاما من عُمر النهضة المباركة التي أرسى دعائمها مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم -حفظه الله ورعاه وأطال في عمره- منذ أن اعتلى جلالته عرشَ البلاد في الثالث والعشرين من يوليو المجيد من العام 1970.

وقبل هذا العهد الميمون، كانت البلاد تعيش وضعا صعبا؛ حيث الفقر المدقع يلف العُمانيين بردائه الأغبر، وحيث غياب التنمية والتطور، وكان كسب الرزق من الصعوبة بمكان؛ حيث الكدح والمشقة، وكان بعض القادمين من الصحراء يبحثون عن الرزق في صلالة، ليعود بما حصل عليه من أمتعه ومؤن إلى أهله في الصحراء ماشيا على الأقدام غير مبال بطول المسافة والدروب التي يقطعها بدءًا من الحصن العامر ومرورا بالسهل وعابرا جبال ظفار، وقاطعا في نهاره فيافي الصحراء الشاسعة، إلى أن يصل إلى داره في وادي عيدم أو شعيت أو شحن أو وادي حبروت في اليوم ذاته الذي غادر فيه صلالة، مُحمَّلا بالغنائم على ظهره وهي كيلوات من الحنطة أو القمح أو التمر، لكنها تعتبر في وقتها مؤنا عظيمة؛ لأنها تكفي لرمق جوع أولاده، وترزقهم شهورا، خاصة إذا ما خلطها بحليب النوق أو الغنم، وفي أحيان أخرى لحم الطير وصيد القنص. الحياة في عُمان كانت صعبة لم يمسها تطور أو عُمران.

قبل عصر الخير، كانت حالتنا لا نُحسد عليها: كفاح لأجل البقاء، أو بقاء لا يكون إلا بالعمل اليومي الشاق، إلى أن غيَّر الله عُمان وأبدلها من حال إلى حال، وأرسل لها رجل المحبة والسلام قابوس الهمام، مكَّن الأساس لعُمان ورفع الرأس وكسر الخمول واليأس، وأشعل بين الناس الروح والتكاتف والتعاضد والتآلف لبناء الدولة العصرية. بناءً بعد شقاء، وأُلفة بعد تشتت، ووطنا بعد غربة، ونورًا وعلمًا بعد جهل وظلام، أسَّس لنا مولاي السلطان قابوس المعظم -حفظه الله ورعاه- دولة خُطواتها موزونة وإستراتيجيتها تسير بخطى ثابتة ومدروسة، وضع لبناتها الأولى في الثالث والعشرين من يوليو من عام 1970، عام تحقق فيه النصر وتلاشى فيه الظلم والاستبداد، وأعاد لعُمان وشعبها الروح والحياة، فمن حقنا أن نذكره وأن لا ننساه ونمجده ونحتفل كل عام بذكراه، فرفري أعلامك يا عُمان في السماء، وسط مسيرات حاشدة كأنها الطوفان تلهث بحناجر شجية تردد كلمات وطنية وصادقة: "يا ربنا احفظ لنا جلالة السلطان، والشعب للأوطان، بالعز والإيمان"؛ فزغردي يا بلادي، واحتفلي يا عُمان، وانشدي لقابوسك أعظم الأوزان وأعذب الألحان.

تعليق عبر الفيس بوك