قراءة في الإشادة السامية بدور الإعلام

د. محمد الشعشعي

في الإشراقة السامية لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه وأطال في عمره- اثناء ترؤسه مجلس الوزراء، الأسبوع الماضي، في قصر البركه العامر، أثنى جلالته على دور الإعلام المرئي والمسموع والمقروء في نشر التوعية، وتشجيع المواطنين على المشاركة الإيجابية في قطاعات العمل الهادف لخدمة الوطن ورفعة شأنه.

ويُعتبر النطق السام بمثابة وسام شرف على صدر كل إعلامي ساهم بقلمه وفكره لرقي هذا البلد والنهوض به نحو مستقبل أرحب وغد مشرق؛ فالإشادة وسام يجدد الطاقات ويشعل الهمم ويضاعف الإنتاجية ويُزيد من الإبداع كمًّا وكيفًا.

والإعلام مرآة تعكس ما يدور، ولابد أن تكون صادقة ومتوافقة مع متطلبات المجتمع وآماله وتطلعاته، وهذا ما أكد عليه جلالته -حفظه الله- حين وضع ثوابت السياسة الإعلامية منذ بداية عصر النهضة؛ حين قال: هذه المرآة تعكس ما يدور داخل البلاد، ولابد أن تكون صادقة مع نفسها ومع الآخرين، وهذا التزام على من مارس مهنة الإعلام لأنها مهنة مشقة ومتاعب تبحث دائماً عن الحقيقة لإعلام وتوعية المجتمع وتبصيره بالطريق الصواب والمسار العدل الذي يجب أن يسلكه من يريد طريق الرشاد والنجاة من عثرات الدهر؛ فالعصر مليء بالآهات والآفات الهوام، قد لا يُدركها البعض أو لا يعطي لها اهتماما. وهنا، يأتي الدور الإعلامي التثقيفي والتوجيهي لشرح المخاطر الجسام التي تحدق بِنَا من كل حدب وصوب، تستهدف شبابنا لهدر طاقاتهم والنيل من عاداتهم والطعن في معتقداتهم، قد تأتي أفكار دخيلة على التربة العمانية وغريبة على الشعب الأصيل الذي يأبى أن يقبل الدخيل الذي يسعى للتغيير السلبي في مجرى وطبيعة الحياة التي اعتاد عليها العمانيون جيلًا بعد جيل؛ فالإعلام دائماً ساعد بناء متين للشباب الصادق الأصيل الذي يحارب الضلالة ويدحض وكور مآرب الفتن، ويدك أغوار الشائعات المغرضة الفتاكة، ويُعرِّيها ويُظهر ما بها من سموم وحمضيات، وهنا يسعى الإعلام الصادق -كما أسلفنا- إلى التحري والبحث عن الحقيقة، وإن كانت صعبة مُرة، ومن ثمَّ يقدمها للجمهور اليوم الواعي الذي يميز بين الإعلام الذي يعنى بوطنه وناسه، وبين إعلام يسعى دائماً وراء تطبيل وناسة.

لدينا ميثاق شرف المهنة الإعلامية وهو في الأصل منهاج لرسم مسار الخارطة الإعلامية العُمانية، والذي يسير وفق شرف الأخلاق، وقيم الموضوعية، ومبادئ الصدق، وخصوصية المهنة وخطورتها ومشاقها وتأثيراتها، مبدأ ينبع من تاريخ متأصل في جذور الحضارة التاريخية العمانية الضاربة في أعماق التاريخ التي تحكيها آثار جمدة نصر، وشواهد سمهرم والبليد.

نهجٌ إعلاميٌّ قائمٌ على البر بالخالق، وطاعة ولي الأمر، وترسيخ مفهوم الوطنية المتأصلة في دماء العمانيين، وعلى الذود عن الوطن وصون منجزاته، وعلى التعاون والتكافل لمواجهة العصر وتحدياته.

العمل الإعلامي هدفه الأساسي المواطن، يتلمَّس همومه ويسعى لتحقيق متطلباته وآفاقه، وحفظ قيمه ومعتقداته وعاداته، إعلام قائم على مرتكزات الوطن الكبير، ومقومات الدولة العصرية وآليات التطور الحديث الفعّال.

الإنسان هو الركيزة الأساسية للتنمية، ومحور اهتمام الحكومة منذ عام سبعين وإلى وقتنا الحاضر، وهو المتصدر للأجندة الإعلامية، ورسالتها السامية التي يشتغل عليها الإعلاميون طيله عقود النهضة المباركة.

فإذا بالعمل حرٌ في تناول مواضيع الداخل وأحداث الخارج؛ ينتقد الأخطاء ويشرح الظاهرة، مبينا الفاعل ومعللا السببية، وموضحا النتيجة وأرقام الحقيقة للمتلقي الداخلي والخارجي؛ لكي يدرك مساره ويعي الأحداث المحلية والدولية ليكوِّن فكرا نيرا يستنير به في وقت مليء بالمغالطات المعلوماتية التي تقدمها وسائل إعلامية مضللة ومشوّهة للحقيقة ومغرضة النوايا والأهداف.

... إعلامُنا اتَّخذ من حكمة عاهل البلاد -حفظه الله ورعاه- الاتزانَ في الطرح، والحنكة في المعالجة القائمة على مبدأ المحافظة على أمن واستقرار الشعوب، وإيصال رسالة المحبة والسلام للعالم، وصنع ثقة متبادلة متينة مع متلقيه، ومتوافقة مع السياسة الخارجية العمانية التي أرسى دعائمها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه.

تعليق عبر الفيس بوك