"الصندوق الاحتياطي".. إنجازات متتالية

حمود الطوقي

تشير المعطيات والخطوات التي انتهجتها السلطنة في ظل انخفاض أسعار النفط عالميا إلى أنّ عمان قادرة على الخروج من هذه الأزمة، ومجابهة هذا التحدي والتغلب عليه؛ ولأن قطاع النفط يعد أحد أهم مصادر الدخل القومي فإنّ تحقيق هذا الهدف يتطلب تعزيز التكاتف بين عناصر الإنتاج، وتأسيس شراكات قائمة على تحقيق المصلحة العامة. والعمل بجد وإخلاص من أجل الوصول للهدف المنشود؛

ولا شك أنّ الحكومة عبر رؤيتها حول تنوّع مصادر الدخل ومن خلال توجيه حزمة من الاستثمارات في مشاريع ذات قيمة مضافة؛ تدرك أهميّة البحث عن الشراكات الاقتصادية التنموية الفاعلة، وتنمية هذه الشراكات بما يعود بالنفع على الوطن والمواطن على حد سواء.

لدينا العديد من نماذج الشركات الحكومية الناجحة؛ ولعل أهم هذه الشركات الصندوق الاحتياطي للدولة.. وسأسلط في مقالي اليوم الضوء على ما حققه هذا الصندوق من خلال إدارته لحزمة من المشاريع الاستثمارية الناحجة محليًا وإقليميا ودوليا؛ والتي هدفت في المقام الأول إلى التنوّع الاقتصادي المستدام، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتوطين الخبرات الدولية في السلطنة من خلال التركيز على قطاعات اقتصاديّة حيوية كالموانئ واللوجستيات، والصناعات، والخدمات، والغذاء، والتقنية، والصحة، والتعدين، والضيافة، والطاقة المتجددة.

لقد حقق الصندوق في الآونة الأخيرة كثيرًا من الإنجازات بفضل الإدارة الجيدة والحكيمة، ولعل من المناسب هنا ونحن نعيش أفراح العيد الوطني الـ45 أن نتطرق إلى بعض المنجزات التي حققها الصندوق، ويمكن أن نذكر هنا - على سبيل المثال لا الحصر- توقيع الصندوق على مذكرة تفاهم مع الحكومة التنزانية وشركة تشاينا ميريشنت الصينية لتطوير ميناء باجامويو بجمهورية تنزانيا، بوصفه مشروعًا بالغ الأثر في ربط دول شرق إفريقيا بالدول غير الساحليّة؛ ومن المتوقع أن يلعب المشروع دورًا مهمًا كمعبر تجاري إستراتيجي يخدم شرق إفريقيا بشكل عام ويربطها بآسيا عن طريق المحيط الهندي كما قام الصندوق في نهاية أكتوبر الماضي بالتوقيع على اتفاقية تأسيس صندوق الغذاء الخليجي- الياباني، وتستثمر اليابان ما يعادل 50% من رأس مال الصندوق المشترك البالغ حجمه 400 مليون دولار. في حين يستثمر صندوق الاحتياطي العام للدولة ومجموعة من المستثمرين الآخرين نسبة 50% من رأس مال الصندوق.

كما قام الصندوق أيضًا بتوقيع مذكرة تفاهم مع 21 دولة لإنشاء البنك الآسيوي الاستثماري للبنية التحتية (AIIB)، ويعد ذلك من أكبر المبادرات التي أطلقتها الصين في سبيل تطوير البنى التحتية في هذه الدول.

كما اتجهت الاستراتيجيّة الاستثماريّة للصندوق لجذب استثمارات إلى السلطنة وهذه خطوة مهمة لتوطين الاستثمارات وخلق فرص من شأنها تنشيط حركة التجارة والاقتصاد، وتنوع مصادر الدخل الوطني بشكل عام.

وقام الصندوق في هذا الإطار بعقد شراكة مع شركة جلاس بوينت سولار الرائدة في استخدام الطاقة الشمسيّة في عمليات إنتاج النفط، كما قام أيضًا بتأسيس شركة عمان بروناي لتأجير الطائرات، وشركة مسقط الوطنية للتطوير والاستثمار (أساس) وأيضا تأسيس صندوق تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة؛ وجل هذه المشاريع ستعود بالنفع على الاقتصاد الوطني وستكون ذات تأثير مباشر على عجلة الاقتصاد.

إنّ المتتبع للدور الذي يقوم به الصندوق الاحتياطي للدولة يدرك أنّ الصندوق وضع خطة استراتيجية للبحث عن استثمارات ذات عائد جيد، وقد حقق هذا العام إنجازات تثلج الصدر؛ ففي شهر أبريل المنصرم قام الصندوق بالتوقيع على مذكرة تفاهم مع شركة كوفيديس الإسبانية لعقد شراكة إستراتيجية بمبلغ 200 مليون يورو؛ ويأتي ذلك انطلاقا من الاهتمام المشترك لكلتا الدولتين لخوض غمار استثمارات استراتيجيّة جديدة وواعدة تعود بالنفع على كلتيهما.

وسيعمل الصندوق على المواءمة بين التقنيات التي تزخر بها الصناعات الإسبانية، والبيئة الاستثمارية المحفّزة في السلطنة؛ الأمر الذي سيعزز من جهود تنويع الاقتصاد العماني، والاستفادة من المواد الخام العمانية، والاقتراب من الأسواق العالميّة من جهة، ومضاعفة القدرة التنافسية للصناعات الإسبانية في الأسواق العالمية من جهة أخرى.

كما قام الصندوق في شهر أغسطس الماضي بالاستحواذ على حصص الأغلبية وذلك بشرائه 90% من أسهم فندق ماريوت أمباسادور، ويتوقع أن يحقق الصندوق عائدًا اقتصاديًا جيدًا من هذا الاستثمار نظرًا لموقعه المتميّز وتربّعه في قلب التمازج الفرنسي بين الأعمال والسياحة والتسوّق. كما قام أيضًا في شهر سبتمبر المنصرم بالاحتفاظ بحصته المقدرة بنسبة ٣٥٪ في ميناء كمبورت التركي، وهو ثالث أكبر ميناء للحاويات بتركيا. ويعد استثمار الصندوق في ميناء كومبورت أحد أنجح استثمارات الصندوق في تركيا، وذلك نظرًا للعوائد الإيجابيّة التي حققها.

إن الصندوق ماضٍ في ترجمة رؤيته بما يخدم الاقتصاد المحلي ويبني هذه الرؤية على مجموعة من الركائز ذات التأثير المباشر على المنظومة الاقتصادية في العالم.

تعليق عبر الفيس بوك