حقًّا.. وعد فأوفى

خالد الخوالدي

في هذا الشهر، تفيضُ علينا مشاعر الوطنية أكثر، ويتذكر الرعيل الأول من الشعب العماني البدايات الأولى لقائدنا السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- مردِّدين دائمًا على مسامعنا أنه وعدهم ببناء دولة عصرية وحديثة فأوفى بما وعد؛ حيث كان يعمل ليل نهار، ويطوف عمان شبرا شبرا حتى يسمع ويرى ويقرر فيما بعد؛ فهو الحصيف والمحنك فيما يمكن أن ينفع البلاد والعباد بعد توفيق الله سبحانه. وهناك من الجيل الجديد -وهم قلة فيما أحسب- لا ينظرون إلى كل هذه الإنجازات، بل يركزون على كل ما هو سلبي، وأن الحكومة مقصرة، وأن ما بُذل من قبل ما هو إلا اجتهادات لا تذكر.

وحقيقة.. تصيبني ضيقة في الصدر من المتشدقين والمتفلسفين ممن يتحدثون ويتمنطقون فيما يخصهم وفيما لا يخصهم، وأغتاظ أكثر عندما يأتي شاب في العشرينات من عمره وينتقص من مكانة الحبيبة عمان، وينتقد انتقاد العالِم الخبير وهو لا يفقه من الحياة سوى هاتفه النقال وسيارته التي يحاول تنظيفها في الشوارع والطرقات.

وأكاد أنفجر عندما أجد من بين هؤلاء من يُطبِّل على وتر واحد ويصطاد في الماء العكر، ويردد في كل أحاديثه أننا بعد 45 عاما لا تزال تنقصنا العديد من الخدمات التنموية والخدمية، وفي كل حديث ومجلس ينتهج نفس المنوال، وعندما فتحت قنوات التواصل الاجتماعي أبوابها بات يغرد بنفس اللهجة ويردد: بعد 45 عاما لا تزال وزارة الإسكان لم تجد علاجا لقضايا توزيع الأراضي، بعد 45 عاما لا نجد رؤية واضحة لوزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه في رصف الطرق الداخلية، ووزارة النقل والاتصالات تعاني الأمرين في أمر مطار مسقط الدولي، ووزارة التعليم العالي لم تعالج وضع الطلاب في الخارج، ووزارة التربية والتعليم لا تزال متحيرة في أمر المعلمات البعيدات عن مناطق سكناهن. وأنه بعد 45 عاما، نجد أنَّ وزارة التجارة والصناعة بعيدة عن هموم التجار ومشاكلهم، ووزارة الشؤون الرياضية تصرف مليون المكرمة السامية في مشاريع مبالغ فيها، وأنه بعد 45 عاما لا تزال بلديات مسقط وصحار وظفار تكافح لتفعيل نظام العنونة، وأن وزارة الزراعة والثروة السمكية لم تتمكن من توفير التمور العمانية والأسماك رغم أننا دولة ساحلية وزراعية. بعد 45 عاما والقوى العاملة تسرِّح وتمرِّح وعاملات المنازل يهربن دون حسيب أو رقيب.. بعد 45 عاما، والتنمية الاجتماعية تعاني من تزايد عدد المستحقين للضمان الاجتماعي، والهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون تعرض علينا المسلسلات الدرامية والكوميدية التي تحاكي واقع غير واقعنا. بعد 45 عاما والتجار ينظرون إلى غرفة التجارة والصناعة من خلال تجديد الانتساب وأنها لا تقدم لهم ما يتمنون، بعد 45 عاما ووزارة البيئة والشؤون المناخية لم تحافظ على بيئتنا من التلوث، بعد 45 عاما وتراثنا وتاريخنا يسرق وينهب وسط صمت رهيب من وزارة التراث والثقافة، بعد 45 عاما والخدمة المدنية تزيد من تخمة الوزارات التابعة لها بموظفين جدد دون استفادة حقيقية من هذا التوظيف في زيادة الإنتاج، بعد 45 عاما والشعب بحاجة إلى حديقة للحيوان.. وبعد شهور سيكون الحديث بعد 46 عاما.

إنني أؤمن بأن 45 عاما من عمر الدول إنما هي سنوات الحبو والمراهقة وعنفوان الشباب، لذا فالأخطاء قد تكون واردة والمشاكل الفنية والإدارية والتخطيطية متوقعة، وما علينا كمواطنين ومحبين لهذا الوطن إلا أن نقف صفا واحد لمستقبل مشرق خلال السنوات المقبلة، والتي تمثل في نظري الانطلاقة الحقيقية المتزنة المستفيدة من الأخطاء، وهذا واضح في كل المرافق، وعلينا أنْ لا نهدم ما تم بناؤه وننظر إلى السلبيات فقط وكأن السنوات الـ45 كانت كلها سوداء ولا توجد إيجابيات.

وأخيرا.. أقول: علينا أن ندرك أننا متى ما وضعنا الوطن نُصب أعيننا، واتسمت أعمالنا بالإخلاص والصدق ومراقبة الله سبحانه في كل صغيرة وكبيرة، سوف ننعم وتنعم بلادنا بالخير والسعادة. دمتم ودامت عمان بخير..!

Khalid1330@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك