قريبا.. تعليق أنشطة بعض الأندية

أحمد السلماني

تعلَّمنا في مدارسنا وقبل ذلك مدرسة الحياة "أنَّ الدنيا تجارب"، والإخفاق مرة لا يعني نهاية القصة، وأن نعتبر ونتعظ من سِيَر من سبقنا، وأول دروس النجاح هو "الاستفادة من الخطأ"، وأن نمتطي الفشل ليقودنا إلى سلم النجاحات، وعدم الوقوع في الخطأ ذاته هو أهم درس، ولكن ما يحدث في رياضتنا العمانية لأمر يدعو إلى العجب من حيث الأخطاء الفادحة والمكلفة التي تقع في بعض مجالس إدارات الأندية، والأدهى هو الاستمرار في ذات الأخطاء والإصرار عليها.

وعلى مدى العقود الأربعة من عمر نهضة السلطنة الحديثة، وما واكب ذلك من تطور مذهل -والحمدلله- في كافة مساقات الحياة، وأحد هذه المساقات هو الرياضة العمانية، والتي شهدت معها ولادة المؤسسات الرياضية الرسمية والأهلية، وإن الأندية هي إحدى الركائز التي تقوم عليها، والتي هي الأخرى شهدت تطورا ولو خجولا في إدامة دورة العمل بها.

واليوم.. تنتشرُ في ربوع السلطنة، وبشكل رسمي، 44 ناديا، تتنوع في برامجها وأنشطتها حسب رؤية القائمين عليها؛ فهناك من يهتم بالأنشطة الثقافية والرياضية والاجتماعية ويفعل بناديه الكثير من الرياضات إيمانا بتنوع الممارسين لها وهناك على النقيض تماما من جعل كل همه كرة القدم والتواجد في منصات التتويج بأي ثمن كان، وبأية وسيلة، المهم أن تنقضي سنوات مجلس إدارة هذا النادي وفي خزائنه لقب ولا يهم بعد ذلك، وعلى من يأتي بعدي تحمل تبعات وتكاليف ذلك الإنجاز وهذه الفئة من الانتهازيين، وللأسف فهؤلاء -وهم شريحة كبيرة- لا يدركون معنى كلمة "نادي" ولسان حالهم يقول "أنا ومن بعدي الطوفان".

وليكون طرحي مباشرا، فإنه ومما يؤسف له حقيقة وجود أندية كبيرة تلعب بدوري عمانتل للمحترفين، ولا تلقي إداراتها بالا لما سيحدث بعد مغادرتها وقدوم أخرى لترث الديون والدخول في نفق لا نهاية له من التخبطات المالية والإدارية، والتي بلا شك ستنعكس على حضورها في المنافسات، ومن ثمَّ تهاويها؛ حيث تسود لغة المال والتعاقدات اللا معقولة لدى بعض الأندية في جلب المحترفين أو التعاقد مع اللاعبين المحليين وتكديسهم وبأسعار تعاقدية لا تحتملها خزائن هذه الأندية والتي تعتمد في غالبيتها على هبة أعضاء الشرف إلا من رحم ربي وهي تلك التي تبنت المشاريع الإستثمارية ومنذ سنوات؛ وبالتالي فهي تعيش أريحية كبيرة خاصة تلك التي وازنت بين ما يدخل وبين ما يصرف، وهذه عددها محدود، بل إنَّ تعاقداتها والصرف على كرة القدم كونها المستحوذ الأكبر لبنود الصرف بالأندية معقولة إلى حد ما وبعيدة عن المبالغات والعشوائية، ونربت على الإخوة في نادي السلام لتبنيهم المشروع الاستثماري الجديد، والذي سيُساهم في إعادة النادي إلى خارطة كرة القدم العمانية.

... إنَّ عدم مشاركة عديد من الأندية بدوري الدرجة الثانية لكرة القدم لهذه الموسم وبالتالي شطبها من المشاركة بالكأس الغالية -وذلك لدواعٍ مالية بحتة- إنما هي مقدمة تنذر وللأسف الشديد بأن هناك أندية أخرى في الطريق إن لم تتدخل الجهات الرسمية والأهلية في إنقاذها وإعادتها إلى جادة الصواب، ولكم أتمنى أن ما أوردته إنما هو كلام تنظيري وغير واقعي ولكن المؤشرات تقول غير ذلك في ظل هروب بعض مجالس إدارات الأندية وتنصلها من المسؤولية بعد اصطدامها بالواقع المالي المر وعزوف كثيرين عن تولي مسؤولية إدارة الأندية نظرا للتبعات المالية والديون التي خلفها من سبقهم، شخصيا أدهشتني حالة مجلس إدارة أحد أندية السلطنة في تشبثه بالإدارة رغم المطالبة الواسعة له بالرحيل بعد خراب مالطا وتكالب وتعاظم الدين به... وربنا يستر من القادم.

تعليق عبر الفيس بوك