ومضات من يوم الانتخاب


علي بن كفيتان بيت سعيد

يوم الأحد الماضي، كان عرساً وطنيا بامتياز، زحف أبناء الولايات إلى صناديق الاقتراع، فمعظم الناخبين ذهبوا وعبَّروا عن رأيهم في الصندوق بكل هدوء واحترام كعادة العمانيين، لاحظت في مركز الاقتراع -الذي أدليت فيه بصوتي- الكثيرَ من الصور المعبِّرة والمهمة التي يجب التعليق عليها.

الجميع كان مُستبشرا، وساد جوٌّ من السكينة أجواء العملية الانتخابية، لم أرَ أي علامات للمشادة رغم أنَّ كلًّا منهم لديه مرشح مختلف. رأيتهم من قبائل ومكونات شتى في ظفار يدخلون بسلاسة ونظام لقاعات التصويت مع إتاحة الفرصة للمسنين والمرضى، والجميع وجدها فرصة لمباركة مشاركة هذه الفئات في هذا المحفل الديمقراطي المهيب.

سألتُ رجلا كبيرا في السن: لماذا أنت اليوم هنا وعلى عربة؟ فقال لي: طاعة للسلطان قابوس. كانت الكلمة مدوية في نفسي، الكل هنا أتى طاعة لولى الأمر، واستجابة لاستحقاق وطني أراد له السلطان قابوس أن يتدرَّج وينجح؛ فقد أصبحنا نقبل لغة الاختلاف في التعبير عن الرأي مع بقاء محبتنا ومودتنا قائمة. وهذا في حد ذاته درسٌ من دروس قابوس العظيم لشعبه الوفي. طوال مكوثي في طابور الانتظار، لم أسمع أحدًا يسأل الآخر عن مَنْ سيرشح.. بل الكل أعطى الحرية للآخر دون ضغوط لأجل مرشح بعينه.

لفت انتباهي كذلك الحضور الكثيف للمرأة والحماس منقطع النظير للتصويت رغم عدم وجود مترشحة من النساء في تلك الولاية، وهذا مؤشر كبير على وعي المرأة بأهمية المشاركة في مجتمعات لا تزال تصنف بأنَّها ريفية لا تهتم لمجريات الأمور السياسية، ربما الحضور نتيجة وازع قبلي أو الميل لترجيح كفة تكتل على آخر، ولكن الإيحاء الذي سيصل للجيل الجديد من البنات هو أنَّ هذا استحقاق وطني أصيل يجب أن نشارك فيه وأعتقد ولست جازماً بأن من رجح كفة النتائج في ولاية صلالة هن النساء.

لن أنسى التنظيم الرائع لوزارة الداخلية والتعامل الإنساني الراقي لموظفي المركز الانتخابي ورجال الأمن، جميعهم يوحون لك بالثقة والمحبة والحرية ويسهلون كل صعب؛ فرجال الأمن منحونا ثقة بأنَّ الأمر يخضع للسيطرة الأمنية الحيادية؛ فمنتسبو الأجهزة الأمنية والعسكرية لا يحق لهم الانتخاب كونهم جهة سيادية معنية بحفظ الأمن والطمأنينة وهو محايد في هذا الجانب وهذا ما شعرنا به... فشكراً لرجال ونساء شرطة عمان السلطانية، ومختلف الأجهزة الأمنية التي حرصت على إنجاح هذا الحدث.

وفي المساء، انتظر الجميع النتائج؛ فكلُّ واحد من أفراد الأسرة هرع إلى هاتفه النقال، وأصبح يتابع النتائج عبر تطبيق الفرز الآلي المباشر من لجان الفرز في كل ولاية، والذي وفرته وزارة الداخلية لأول مرة هذا العام، وسهل على الناس متابعة النتائج أولا بأول. وما تجدر الإشارة اليه أنَّ الجميع مُهتم بالنتائج بغض النظر عن الوازع الداخلي، وهذا في حد ذاته ترويض آخر حتى للنشء للتعامل مع التجربة الديمقراطية العمانية في هذا المضمار.

بعد إعلان النتائج النهائية، بادر الجميع لتهنئة الفائزين عبر الاتصالات الهاتفية أو مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أنَّ الفوز هو تكليف وليس تشريفا في ظل ظروف اقتصادية استثنائية صعبة تمر بها البلاد مع تراجع أسعار النفط، ولا بد من إيجاد حلول قد تؤثر على حياة المواطن اليومية سيقرها مجلس الشورى في دورته المقبلة.

وأخيرا... عبَّرت صلالة عن طموحاتها وآمالها، ووضعتها على عاتق اثنين من أفضل المرشحين كفاءة، وندعو لهما من صميم قلوبنا بالتوفيق والسداد.. حفظ الله عمان وحفظ السلطان...!

alikafetan@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك