من عام للشبيبة إلى يوم للشباب

خلفان العاصمي

يأتي الاحتفال بيوم الشباب العماني الذي يصادف اليوم السادس والعشرين من شهر أكتوبر وتحتفل به السلطنة للعام الثاني على التوالي، بعد أن حظي بالمباركة السامية الكريمة من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم في عام 2013، تأكيدا لاهتمام السلطنة وعلى رأسها جلالته حفظه الله بالشباب الذين يمثلون الشريحة الأكبر من مكونات المجتمع العماني، المتتبع للشأن العماني يجد أنّ الاهتمام بالشباب يتصدر قائمة الأولويات في السلطنة كون هذه الفئة تشكل العناصر الأساسية للكثير من المؤسسات سواء أكانت تعليمية أو خدمية، ويتبلور هذا الاهتمام في الكثير من الأولويات التي وضعتها السلطنة للشباب وأولها تخصيص عام للشبيبة العمانية في عام 1983، وكان ذلك من أوائل الأعوام التي حرص جلالة السلطان المعظم في تلك الفترة أن يخصصها لقطاعات معينة يتم التركيز عليها خلال ذلك العام ويحتفى بها كنوع من التكريم والاعتزاز بها خلال احتفالات السلطنة بالعيد الوطني المجيد، وبعد عشر سنوات من عام الشبيبة أعلن جلالة السلطان المُعظم عام 1993 ليكون عاماً للشباب العماني للتأكيد مرة أخرى على أهمية الأدوار التي يجب أن يقوم بها الشباب في مختلف مجالات العمل الوطني وترسيخاً لمبدأ أن الشباب هو المحرك الأساسي لعجلة التنمية والدافع الأكبر لنموها وتقدمها، وفي عام 2011 صدر المرسوم السلطاني الخاص بإنشاء اللجنة الوطنية للشباب لتكون الحاضنة الرئيسية للشباب وتطلعاتهم للمستقبل.

ومع هذا الاهتمام وهذه العناية الرفيعة من قبل جلالة السلطان المعظم لأبنائه الشباب فإن على المؤسسات المعنية عن تعليم وتأهيل الشباب أن تقوم بأدوار مهمة تتبنى هذا النهج وتسير عليه وألا يقتصر ذلك على هذا اليوم فقط وذلك من المبدأ الحقيقي لتمكين الشباب، فعلى سبيل المثال فإن المدرسة يجب أن يتعدى دورها تخريج الطالب الملم بالمعرفة والمعلومة فقط لتقوم بتقديم مخرج يحمل الكثير من الصفات والمهارات التي تتطلبها مجالات الحياة المختلفة، حيث إنه سينتقل مباشرة بعد أن يجتاز سلم التعليم المدرسي إما لمؤسسة تعليم عالٍ أو لسوق العمل وكلاهما يتطلب مهارات مختلفة في التعامل، وبالتالي متى ما كانت هذه المهارات موجودة متى ما كان الشاب يمتلك القدرة على التكيف مع كل ما هو حوله، أيضاً في مؤسسات التعليم العالي والتي ينتقل إليها الشاب بعد أن يجتاز سلم التعليم المدرسي هو بحاجة الى بيئة لا تقدم له المعرفة فقط بل يكتسب من خلالها الكثير من الأمور الحياتية بدءا بالمهارات المتوافقة مع قدراته، وصولا الى الأساسيات التي يجب أن تتشكل لديه لمواجهة سوق العمل وكيف يمكن أن يكون تعليمهم الجامعي بوابة للدخول في الحياة العامة بكل تفاصيلها، كذلك بالنسبة للأندية التابعة لوزارة الشؤون الرياضية والمنتشرة بولايات السلطنة المختلفة فعليها أدوار تتعدى دور المنافسة في المسابقات الرياضية فقط، بل يجب أن تتبنى برامج معنية ببناء شاب يمتلك المعرفة والمهارة ويسعى للإبداع في مختلف المجالات، وخاصة تلك التي يجد نفسه فيها من باب أنها هواياته ومواهبه، والتي يجب أن تقوم هذه الأندية بتنميتها وتعزيزها من خلال ما تراه مناسباً وفق إمكانياتها، ولعل ما قامت به وزارة الشؤون الرياضية مؤخرا من حراك تمثل في تنظيم وإقامة برامج موجهة للشباب عبر الأندية، لتساهم في تنمية قدراتهم وتعزيز مواهبهم كمسابقة الأندية للإبداع الشبابي وجائزة مبادرين ومعسكرات شباب الأندية وغيرها من البرامج، إلا أنها تبقى موسمية وتقام وفق جدول زمني ينبغي على الأندية أن تواكبه وتستثمره من أجل تأهيل الشباب المنتسبين إليها وهنا أعني الشباب من الجنسين نظراً لما نلحظه من عزوف الأنثى عن ممارسة الأنشطة التي تتبناها بعض الأندية، وذلك لعدم تجسير الهوة ما بين النادي كمؤسسة شبابية عامة، وما بين المجتمع بكل شرائحه كمستفيد من خدمات هذه المؤسسة، ومن المؤسسات الأخرى التي من المهم أن تكون فاعلة ومتبنية لبرامج تسهم في تمكين الشباب وخاصة الفتيات جمعيات المرأة العمانية والمنتشرة بمختلف ولايات السلطنة والتي من المهم أن تتعدى أدوارها واهتماماتها دائرة الطبخ والتطريز لتصل إلى مجالات أخرى تحتاج لها الفتاة وربما لم تجدها في المؤسسات الأخرى مرتبطة بالإعداد العام لأم المستقبل ولربة البيت المؤهلة، بالإضافة إلى الأنشطة الأخرى ذات الخصوصية الأنثوية، وبالإضافة لهذه المؤسسات فإنّ هناك مؤسسات المجتمع بشكل عام تبقى علها المسؤولية ومن واجبها تبني هكذا أدوار، إلا أن الدور الأساسي يبقى على الأسرة والتي من خلالها يتشكل هذا الشاب منذ نشأته الأولى.

تعليق عبر الفيس بوك