لا تجعلوا أبا جهل ينتصر مرتين

ابتهاج المسكرية

عندما شغف يُوسف عليه السلام زليخا حباً ودبّ هيموجلوبين العشق في خديها، وفاحت رائحة مكيدتها، أخذت الألسن تلوك سيرتها في كل مجلس.. وبطريقة تنم عن دهاء الفاتنات شرعت زليخا في كسب التعاطف مع مشاعرها الجيّاشة عبر استمالة شقيقاتها في الجنس، فأن يفهم مشاعرها رجل كان ضربًا من المستحيل، ولن يتم هذا التحالف وحصد التضامن والتعاطف سوى بجعل النسوة يرَين الحسن اليوسفي.. فمن سمع ليس كمن رأى واكتوى، وبعد بتر سيف النظرة وفيضانات دماء الافتتان، قالت بانتصار من قاع مُحيط الغرق معهن "فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ" .. كيف لا والمرأة معادلة بشرية من النوع المُعقد ووحدها بفطنتها الفطرية الاينشتاينية قادرة على حلها وفك طلاسمها.

ومنذ الأزل سلطن موال "إنّ كيدهن عظيم" دماغ الرجل، ولأن المعترك السياسي ليس سوى سلسلة من المكائد الكبيرة فنحن لها وقطعًا أنّ قبة مجلس الشورى لا عتبته مكاننا الصحيح، لا ننويها "كش ملك" لأن الرجل ينام قرير العين مرتاح القلب فهو مُتربع ومتثلت ومتقوقع بالمجلس وهذا الهاجس لا يؤرقه ولا يمر بمحاذاة جفنه..

لطالما فكرت لو كان لمجتمعاتنا صبغة أنثوية: ماذا بربكم الرجل فاعل لنصرة أخيه الرجل وبأيّ رأس حربة سيلعبون؟! ولا ننويها حلماً بمساواة عدد الأعضاء الذكور بالإناث ذلك أن اجتماع فيثاغورس وإسحاق نيوتين والخوارزمي بالاستعانة بالمارد السحري لن يحل هذه المعادلة الحزينة، فكيف يستوي احتمال فوز المترشحين الذكور الـ576 شخصًا بـ 20مرشحة من النساء فقط، المسألة لم تعُد جدل مساواة بل إثبات وجود.

نحن أقوام ليست السُّلطات مشكلتهم، السلطة تريد أن تلمع المقاعد وتفرش السجاد المشوك بالمسؤولية بلا خوف أو وجل ونحن النساء الحفاة من حذاء ثقة المجتمع نقفز بجورب الإيمان بالنفس بأقدام دامية مشققة، نبرهن في القفزة بعد القفزة أننا ننجح نتقدم نسابق بل نُحلق،إلا أن ثمة من يهتف اقطعوا قدمها أئدوها من أجل شرف أبي جهل..

إلى كل من ترفض جيناته/ جيناتها وشبكاته/وشبكاتها العصبية وهرموناته/وهرموناته النفسية منطق أبي جهل؛ أرجوكم لا تجعلوا أبا جهل ينتصر مرتين..

أما آن لنا أن نمنح المرأة ثقتنا، تلك التي أثبت استحقاقها ونجاحاتها في كل الميادين وعلى جميع الأصعدة؟ كم سيكون مظهر اجتماعات مجلس الشورى مشوهاً وناقصًا من دون امرأة كظرف بلا طابع بريد أو صوت بلا صدى، كم سنكون يتيمات ومبحوحات الصوت ذلك أنّ بوق الرجل لن يصدح بآهاتنا بذات التكافل والتفاهم والتماس كما حبال صوت المرأة، ثم إنّ وجود المرأة إزاء الرجل يفتح قناة جديدة وفكرًا آخر مزاحمًا مدافعًا مختلفًا، أوسمعتم عما هو أثرى من تباين الأفكار والآراء الصاعدة من جبهتين بيولوجيتين!

منذ أتيت إلى هذه الدنيا وتخرم طبلة أذني شعارات أعطتكم عمرها ربما اخترعها رجل ليُوقع بيننا ونكاية بنا كالمرأة عدوة المرأة، لكن ما تشهده عيناي منافيًا تمامًا.. فبعد أن اقتربت من إحدى منظمات المجتمع المدني النسائية، أدهشني العطاء اللامحدود من نساء متعبات أثقلتهن مشاغل الحياة وكسر ظهرهن قائمة الأعمال غير المنجزة، نساء معطاءات حتى الرمق الأخير،لا يردن جزاءً ولا شكورًا،اجتمعن لأجل دعم المرأة ولايصالها لقبة مجلس الشورى لدورة ثامنة مهما كلف الأمر لا يتوقعن دعماً ماديًا ولا معنويًا من أحد، كل واحدة منهن تعمل كقائد أوركسترا، يضم الصوت لصوت، وهبن شقيقاتهن حناجرهن قبل أصواتهن، تطوعن لحماية ظهر المرشحات وصدورهن من خناجر الكلمات المسنونة لذبح الثقة ونتف ريشها، يعملن كطبيبات بشنطة إسعاف أولية لتضميد جراح الخذلان تارة، ومهرجات يطلين الوجه بابتسامة وأمل، ورابطة مشجعات يهتفن تارة أخرى، نساء معجونات بمياه البحر السخية، هؤلاء يستحقن أن ينتصرن وأن يتقدمن الصفوف أكثر فأكثر ..

تعليق عبر الفيس بوك