علي اللواتي: القطاع الخاص يواجه تحدي توفير العمالة الوطنية في الإنشاءات.. وغياب خطط التدريب والأمن الوظيفي وراء عزوف المواطن

أكد المسؤولية المشتركة للحكومة والقطاع الخاص والمواطن في نجاح مبادرة "تعمين"

أكد علي بن عبد الحسين بن شعبان اللواتي رئيس دائرة تطوير الموارد البشرية في مجموعة تاول، وشاهسوار البلوشي رئيس جمعية المقاولين العمانية، أن القطاع الخاص في السلطنة يواجه تحديًا كبيرًا في توفير العمالة الوطنية بقطاع الإنشاءات، مشيرين إلى أن غياب خطط التدريب والأمن الوظيفي وراء عزوف المواطن عن العمل في هذا القطاع.

وطرحت شركة تاول بالتعاون مع جمعية المقاولين العمانية مؤخرًا، مبادرة لتدشين خُطة التعمين لقطاع الإنشاءات، بمباركة من وزارة القوى العاملة.

وقال اللواتي والبلوشي- في حوار مع "الرؤية"- إنّ هناك مسؤولية مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص والمواطن في نجاح هذه المبادرة التي تهدف إلى تعمين قطاع الإنشاءات لما يوفره من فرص تُعد بالآلاف للمواطنين، وأشارا إلى أن الجميع ينبغي أن يشارك في إنجاح المبادرة التي ترمي لصالح تطوير القطاع والنهوض به.

حوار- محمد بن رضا اللواتي

** ما هي الأسباب التي دفعتكم لإنشاء شركة التعمين الإنشائية؟

يواجه القطاع الخاص، وتحديداً قطاع الإنشاءات والمقاولات، تحديا كبيرا لأجل توفير العمالة المحلية المُتصفة بالكفاءة وفق المعايير المطلوبة في هذا الحقل الهام، ما يسبب امتلاء هذا القطاع بالعمالة الأجنبية، ونظرًا لنمو هذا القطاع بشكل مطرد، فإنّ توقع العمالة الوافدة فيه في ازدياد مخيف. وهذا الأمر يقلق الخطط الوطنية للتعمين على مستوى طموحات وزارة القوى العاملة من جهة، وطموح القطاع الخاص في الحصول على العمالة الوطنية من جهة أخرى.

لذلك تكون خطط التعمين في هذا القطاع منخفضة للغاية، إذ لا تجد وزارة القوى العاملة أمامها سوى خيارين، إما خفض النسب إلى أدنى المستويات أو السماح بحدوث تلاعب في تقديم النسب، وهذه كلها نتاج غياب العمالة الوطنية المدربة والتي تتمتع بكفاءة، ناهيك عن تزايد أعداد الباحثين عن العمل من العمانيين. وإذا أضفنا إلى هذا التكلفة العالية للتدريب المهني، لا سيما إن كان عامًا وغير اختصاصي، فإنّ أغلب أؤلئك الذين يتخرجون من هكذا تدريب لا يستطيعون مواكبة متطلبات العمل وفق المعايير التي تتطلبها الاختصاصات الدقيقة، وهذا الأمر ينطبق تمامًا على قطاع الإنشاءات الذي لا يمكنه إحلال المواطن غير المدرب تدريبا يتوافق مع طبيعة أعمال الإنشاء.

** ولكن ألا يوجد عزوف من جانب المواطن نفسه عن العمل في بيئة الإنشاءات؟

يرجع هذا العزوف إلى أسباب منها بيئة العمل نفسه التي تتطلب كفاءة خاصة، كما أنّ عدم وجود خطط تموين مناسبة وسكن ملائم يؤدي بالمواطن إلى الابتعاد عن هذا القطاع كليًا. أضف إلى ذلك الضمان الاجتماعي الغائب، والأمن الوظيفي خصوصًا بعد اكتمال المشروع، فنحن نلاحظ أن أغلب الشباب في هذا القطاع يعملون بعقود عمل مؤقتة، وفق مشاريع محددة الأجل حالما تنتهي يتبعها انتهاء العقود المؤقتة وهكذا يجد المواطن نفسه على قارعة البحث عن الوظيفة مجددًا.

كما أنّ النقل يُعد أحد التحديات، والتأمين الصحي وتغطية نفقات العلاج، والإجازات والتدريب، وبعبارة أخرى: لا يجد المواطن في هذا القطاع اليوم ما يشجعه على الانخراط فيه إطلاقًا، ابتداء من سوء مستوى التدريب مرورا بضمان الوظيفة وانتهاء بالامتيازات لا سيما الأساسية منها. هذه كلها تحديات تعيق تقدم الشاب الباحثين عن العمل لأجل الحصول على فرصة في قطاع الإنشاءات.


** كيف يُمكن للمبادرة المقترحة والتي تعملون على تدشينها أن تذلل التحديات المذكورة؟

الحل هو إنشاء شركة مختصة في مجال تعمين القطاع الإنشائي، وهذه الشركة تؤسسها كبرى شركات الإنشاء في السلطنة، مثل جلفار، أو مجموعة تاول، أو شركة الحسن الهندسية، أو مشاريع التركي أو شركة التيجان وغيرهم. ومن أولى مهام هذه الشركة وأساسيات عملها تقديم بيئة محفزة للباحثين عن العمل لأجل الانخراط في هذا القطاع بلا أدنى تردد من خلال: تقديم التدريب المتوافق مع المعايير المطلوبة لأجل العمل بكفاءة وجودة في هذا المجال، وثانيًا: إتاحة فرص عديدة للتوظيف تصل إلى الآلاف، وثالثاً: تقديم بيئة عمل محفزة وتتمتع بشروط الاستقرار الوظيفي على أفضل المستويات، أهمها الأمن الوظيفي، فعقود العمل لن تكون مؤقتة مرتبطة بالمشروع، بل دائمة، وستوفر الشركة للموظفين السكن والنقل والتأمين الصحي والتموين بمستويات من الجودة العالية، هذا لرفع كل العوائق أمام انخراط الشاب العماني في بيئة الإنشاءات بلا تردد أو خوف. وهذا أيضًا سيعمل على ضمان بقاء المواطن لفترات طويلة جداً في وظيفته، ما سيعمل على منع ظاهرة الدوران الوظيفية.

ولا شك أنّ ارتفاع نسب التعمين مصحوبة بتوفير آلاف فرص التوظيف للعمانيين في هذا القطاع الحيوي سيعود بجدواه إلى المجتمع العماني، وسيشهد ذلك انطلاقة واعدة نحو تعمين بيئة هامة ونشطة في السلطنة، وسوف تقوم الشركة بإعارة موظفيها إلى شركات الإنشاءات على غرار شركات التوظيف من قبل شركة الأمن والسلامة.


** إذن هناك جدوى هائلة من تدشين هذه الشركة تعود إلى الحكومة من جهة وإلى القطاع الخاص من جهة أخرى، وكذلك الموظفين، لنحدد مسؤوليات هذه الجهات الثلاثة؟

يمكن القول إن مسؤولية الحكومة في هذا المشروع تمكن في توفير أراضٍ مجانية لتطوير مواقع الإسكان، وقبول نسب التعمين المقترحة لأنّها ستكون ناشئة عن الوضع الحقيقي للسوق في هذا القطاع، ومقترح النسب سيكون وفق تلك الدراسات التي قدمت تصورات واقعية عن حجم هذا السوق من جانب التعمين. ليكن مثلاً 20% للتعمين حتى 2020، وكذلك تمويل جميع البرامج التدريبية لأجل رفع كفاءة المواطن، وإعفاء الشركة من الضرائب.

أما مسؤوليات القطاع الخاص فتتلخص في الموافقة على مقترح إنشاء شركة لأجل تعمين قطاع الإنشاءات، والاستثمار لأجل تأسيس الشركة، والقيام بكل ما يتطلبه إنجاح الشركة. فيما سيكون دور الموظفين الموافقة على العمل في أيّ موقع تحدده لهم الشركة وفق المعايير التي تمّ ذكرها في حديثنا سابقاً، والموافقة على العمل في أي من شركات المقاولات وفق المخطط الذي تنتهجه الشركة في ذلك.


** وما هي الخطوات القادمة لأجل تأسيس هذه الشركة؟

مراجعة اللوائح والقوانين يعقبها مناقشات على مستوى عال مع المسؤولين الحكوميين، حتى تتمخض عن اتفاق لأجل التدشين.

تعليق عبر الفيس بوك