الوافد الآسيوي والثقافة القانونية لأفراد المجتمع الخليجي

بدريَّة الهاديَّة

كثيرة هي العمالة الآسيوية في دول الخليج، حتى أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تركيبته، وهذه العمالة في ازدياد، حتى غدتْ في بعض المجتمعات ذات كثافة ليست بالهينة بالنسبة لعدد السكان الأصليين، وغدت على وعي بتركيبة المجتمع الخليجي، ونمط تفكيره، وحتى بأبعاده الثقافية. ونظرا لفهمها الواقع الخليجي، أخذتتستغل المواطن الخليجي في جوانب عدة، منطلقة في ذلك من طيبة ذلك المواطن، وجهله بكثير من القوانين التي تحدد وضعية العامل الوافد وحقوقه، وما عليه من واجبات.

فالمواطن الخليجي بشكل عام معروف بطيبته وإنسانيته، وإن تفاوت هذا من مجتمع خليجي لآخر، كما أن وعي الخليجي بالأنظمة القانونية وأبعادها ليسبالصورة التي تحميه من استغلال الوافد له.

فأوحى ذلك للآسيوي بأن يأخذها وليجة ينهب من خلالها المواطن؛ الأمر الذي أدَّى إلى انتشار المشكلات المتعلقة بالعمالة الوافدة في الخليج، وتفشي اللوبيات الآسيوية على اختلافها.

فنرى المواطن الخليجي قد يكون عاملا مساعدا في دخول وافد بطريقة غير شرعية إلى الوطن، أو قد يُسهم في أن يحمي ذلك الوافد من عقاب على جريمة أو يخفيه بعد انتهاء مدة إقامته.

ومن ذلك أيضا: تشغيل المواطن لعامل وافد في بيته أو في مزرعته وفي مكان عمل تابع له دون أوراق ثبوتية؛ تعاطفا معه وجهلا بالقانون الذي يعاقب على ذلك.

وقد يسعى الوافد الآسيوي لفتح مطعم أو مقهى أو بقالة أو ما شابه ذلك حتى دون أوراق قانونية مستندا في ذلك إلى اتفاقات يقوم بها مع بعض المواطنين مقابل مبالغ مالية يدفعها لهم، وليتها تسمن أو تغني من جوع.

وآخر يهرب من كفيله، ويجد من يساعده في ذلك من المواطنين، وإن ما أراد السفر يأتي متوسلا لكفيله الأصلي، ومعتذرا بأعذار لا يصدقها عقل ومع ذلك يتعاطف المواطن معه ويساعده.

وعاملة تترك بيت كفيلتها، وتهرب، وتجد أيضا من يشغلها بنظام ساعات وهو يعلم بخطأ ذلك.

وأحد العمال أتى على كفالة أحد المواطنين، واختفى فترة طويلة عنه، ولم يجده كفيله، وعاد بعد سنتين ليقول إنه خرج من الدولة لدولة مجاورة تهريبا، وبعد فترة خرج من تلك الدولة مسافرا لدولته، وعاد مرة أخرى للدولة الأولى عن طريق مطارها؛ فكيف خرج، ودخل دولة أخرى وعاد مرة أخرى؟

... إنَّ القوانين على اختلافها هي المنظم الفعلي لحياة الناس في شؤون حياتهم، وفي عملهم، وحتى في تعاملاتهم المختلفة، والجهل بها يؤدي للوقوع بالمشكلات، واستغلال الآخرين، وإباحة حقوقهم، والجهل بواجباتهم.

ومن هنا، كان من الأهمية أن تتم توعية المواطن بالقوانين المعمول بها في دولته لئلا يكون مصدر استغلال ونهب لخيرات بلاده أو دخول غير مشروع إليها.

وانطلاقًا من أهمية الحرص على سلامة أوطاننا، خاصة في ظل تفشي العمالة الوافدة، كان لا بد أن نسعى جاهدين لأن نعرف حقوقنا ونعرف ما لنا وما علينا حماية لهذه الأوطان من استغلال الغير عن طريقنا.

وعلى الجهات المعنية سن القوانيين الكفيلة باحترام حق المواطن، وبيانها له وتوعيته وتثقيفه بها لئلا يصبح الوافد مواطنا، والمواطن لا حول له ولا قوة.

تعليق عبر الفيس بوك