العرب يشعلون الفيفا

أحمد السلماني

"مصائب قوم عند قوم فوائد"، مثل عربي شهير لست بصدد شرحه إنّما هو مدخل لهذه الأطروحة والتي من خلالها أحاول أن أسلط الضوء على الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي تعصف به الفضائح بشكل غير مسبوق في تاريخه بعد أن لامست مباشرة رئيسه الأسطوري سيب بلاتر والذي صار من الماضي في أجندات وحسابات دورة عمل الفيفا إلا أن اسمه في المقابل أيضاً صار للتاريخ الذي سيدون بلا شك المؤسسة وما كانت عليه في عهده بعد أن طغت لغة المال وصناعة كرة القدم على متعتها وجمالياتها كونه من بلاد الصيارفة سويسرا كذلك سيدون التاريخ بلا شك النهاية المأساوية لتاريخ الرجل فضلاً عن تدوينه لمرحلة ما بعد رحيله ومن سيخلفه في فبراير المقبل.

ولم يكتف بلاتر بخروجه من الباب الضيّق للفيفا بل جرّ معه أيضًا نائبه عن أوروبا والمرشح القوي لخلافته الفرنسي الشهير ميشل بلاتيني في فضائح الرشوة والمال بعد تعليق خدماتهما لمدة 90 يومًا في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات معهما.

ولقد استبشر القائمون على حملة ترشح الأمير الأردني علي بن الحسين ومؤيديه بأن يحظى بأصوات أوروبا ومؤيدي بلاتيني بعد أن تضعضع الأخير وأصبح ملف ترشحه في مهب الريح ليبدأ خريفه وتتساقط أوراقه وخاصة الورقة الكبيرة الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم الذي أعلن صراحة عن سحب تأييده لبلاتيني وبالتالي مهّد للأمير علي وبقية المرشحين الطريق نحو قبة أكبر منظمة عالمية والتي تفوقت على هيئة الأمم المتحدة.

ولكن يا سبحان الله ظهر على الخط وبشكل مفاجئ وغير متوقع شخصية أخرى لها وزنها كونها تترأس أكبر اتحاد قاري في كرة القدم إذ يستعد رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم البحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة للترشح لرئاسة الاتحاد الدولي (فيفا)، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام عالمية وسيكون ترشحه مؤشراً لانسحاب الفرنسي ميشال بلاتيني من السباق، لاسيما وأنّ الأخير كان مدعوماً بقوة من قبل الاتحاد الآسيوي قبل إيقاف رئيس الاتحاد الأوروبي بسبب الفساد في المؤسسة الكروية وللعلم فقد تقرر أن تقام انتخابات رئاسة الفيفا في 26 فبراير المقبل، وتنتهي مهلة الترشيح رسمياً لها في 26 الجاري وبالتالي ستتضح الصورة أكبر خلال الأيام المقبلة.

تضم قائمة الأسماء البارزة التي رشحت نفسها لرئاسة"الفيفا" أيضًا من المرشحين الذين لم يتقدموا رسمياً الهولندي ميكايل فان براغ بحال اعتماد الاتحاد الأوروبي خطة بديلة إذا استمر إيقاف بلاتيني، والسياسي ورجل الأعمال الجنوب إفريقي طوكيو سيسكويل، والأمين العام السابق للفيفا الفرنسي جيروم شامبانيي والنجم البرازيلي السابق زيكو وكل هؤلاء تبدو حظوظهم متساوية إلى حد بعيد مع رجحان كفة الأمير علي بشرط.

هذا الشرط هو أن يتلقى الدعم من الاتحاد الآسيوي ولكن الشيخ سلمان وبقدرة قادر فاجأ الجميع بنية الترشح وسط ذهول المراقبين والمُتابعين العرب الذين كانوا يأملون أن تذهب أصوات آسيا للأمير إلا أنّ العرب أبوا إلا الانقسام والتجاذب فيما بينهم في ترجمة حقيقية للواقع السياسي العربي ويبدو أنّ ديدنهم هذا لن يتخلوا عنه ولا أستبعد شخصياً وكثيرون مثلي أنّ دخول الشيخ سلمان في خط المواجهة إنما هو موجه بشكل مباشر باتجاه ملف ترشح الأمير علي وللأسف الشديد ونتمنى خلاف ذلك ولكن قبل أسبوعين من الآن نفى الشيخ سلمان تفكيره في الترشح فما سر هذا التحول، يبدو أنّ أيادٍ خفية وشخصيات نافذة في عالم كرة القدم أوعزت بذلك وتدفع به دفعًا لدواعي تصفية حسابات وملفات قديمة جديدة.

وبالرغم من الدعم الذي أبداه الاتحاد العربي لكرة القدم لسُّمو الأمير علي ولكن فهذا الاتحاد بالذات إنما هو كالحاضر الغائب وكالميت سريرياً والحق أنّ العرب أمام تحد حقيقي واختبار جدي في توحدهم خلف مرشح واحد أو تشتت الأصوات وبالتالي فوز شخصية أخرى من غير مرشحيهم وبالتالي أتمنى شخصياً كآخرين أن يُعيد الشيخ سلمان النظر في ترشحه بل والذهاب بعيداً والوقوف خلف الأمير علي الذي كان قد أعلن حربًا ضروساً لتطهير المنظمة الكروية الكبرى من الفساد الذي نخر كل مفاصلها.

تعليق عبر الفيس بوك