"أهمية تشخيص متلازمة إيرلن"

عائشة بنت علوي باعبود

إنّ متلازمة إيرلن أو ما يُعرف أيضًا بمتلازمة حساسية الضوء، تؤثر تقريبًاعلى 46٪ من الطلاب الذين يعانون من صعوبات تعليمية محددة، المنخرطين في كافة المراحل التعليمية المختلفة وفي كافة المؤسسات التعليمية على حد السواء. وقد أظهرت الأبحاث أنهاتؤثر أيضًا على نسبة 12٪ من سكان العالم، وهذه النسبة تتضمن الموهوبين وحتى القراء الجيدين من الذكور والإناث دون التأثير على جنس معين. ولكن ما هي متلازمة إيرلن، ما هي أعراضها وكيف يمكن فحصها وتشخيصها وعلاجها؟

تعرف متلازمة إيرلن على أنها: "اضطراب أو خلل في الإدراك البصري أو المعالجة البصرية التي تحدث في الدماغ. إذن هي عدم مقدرة الدماغ على معالجة بعض الموجات الطولية للضوء والتي تلتقطها المستقبلات الضوئية في العين. وبالتالي، لا يمكن إدراك أو تفسير أو ترجمة المعلومات والصور والأبعاد والأشكال والأحجام بشكل صحيح. أي أنّها ليست مشكلة في الرؤية أو البصر. ولا يمكن أن تشخص من قبل الطبيب. كما لا يُمكن تحديدها عن طريق اختبار قياسي.

هذا يجعل الفرد يواجه الكثير من الصعوبات، وليس فقط عند القراءة، والكتابة، ولكن أيضُا أثناء أداء مهام الحياة اليومية. على سبيل المثال، قد يُعاني بعض سائقي المركبات من أعراض متلازمة إيرلن أثناء قيادة المركبات بسبب عدم المقدرة على التركيز والتشوهات البيئية التي قد تظهر. مما يعني أنّهم يضعون حياتهم وحياة الآخرين في خطر. وخاصة، أنّهم لا يعلمون بأنّهم يعانون من هذه المتلازمة، وخاصة أنّها تعتبر من الإعاقات الخفية. وهذا، يجعل من الصعب فهم الأعراض وأخذ العلاج المُناسب.وبشكل عام، إنّ الأشخاص الذين يعانون من متلازمة إيرلن يعانون من حساسية من أشعة الشمس والأضواء الساطعة جداً ليلاً سواء كانت في الأماكن المغلقة أو المفتوحة.

من ناحية أخرى، هنالك الكثير من الطلاب في المدارس والجامعات، تم تشخيصهم تشخيصاً خاطئاً على أنهم يعانون نوعاً أو شكلا من أشكال صعوبات التعلم مثل عسر القراءة عسر الكتابة أو بطء التعلم وذلك بسبب عدم الإلمام أو المعرفة الكافية بكيفية تشخيص الصعوبات التعليمة والتفريق بينها وبين متلازمة إيرلن والتي بدورها قد تؤدي إلى عسر القراءة، كما أظهرت الأبحاث والدراسات.

إنّ السبب في تشخيص حالات الطلاب بطريقة خاطئة يعود إلى تشابه الأعراض التي تظهر عند أولئك الذين يعانون من عسر القراءة لأنّ لديهم صعوبات في القراءة.وما يزيد الأمر سوءًا، اتباع الطالب المعسر قرائياًبرنامج تدخل غير مناسب لحالته لأنّه يعاني من متلازمة إيرلن وليس عسر القراءة. ونتيجة لذلك، يقضي المعلمون الكثير من الوقت والجهد على برامج التدخل غير المناسبة، فيفقد الطفل الوقت والطاقة والثقة ويشعر بالإحباط من تحصيله الدراسي.

وإذا ما تطرقنا للأعراض، فقد تختلف الأعراض من شخص إلى آخر حسب درجة حدة المتلازمة (خفيفة- متوسطة- شديدة). فيظهر نوعان من الأعراض: جسدية أو تشوهات بيئية. الأعراض الجسدية قد تشمل: حكة أو إحمرار في العينين أو حولهما، أو ألم أو ثقل بهما، دموع بالعينين، صداع، أو ثقل بالرأس، دوار، غثيان، ألم بالمعدة، وقد يتطور إلى صداع نصفي. أو قد تظهر على هيئة تشوهات بصرية في البيئة المحيطة. مثلاً، هذه التشوهات قد تكون نصية أي تظهر عندما يركز الطالب على قراءة النصوص من الكتاب أو بالنسبة للموظف من الحاسب الآلي، الهاتف المحمول، الجريدة أو المجلة.

أما عن الفحص والتشخيص، فتتألف مرحلة التقييم من مرحلتين أساسيتين: مرحلة الفحص من قبل فاحص معتمد والتي من خلالها يتم تحديد درجة المتلازمة، ومرحلة التشخيص التي من خلالها يتم تحديد لون العدسات المناسبة وعددها للشخص المصاب.

ولكن كيف يمكننا علاج متلازمة إيرلن؟ بعد التقييم والتشخيص، يتم تحديد درجة المتلازمة وبناء عليه يتم تحديد طريقة التدخل العلاجي. حيث ينصح الأخصائي باستعمال الورق الملون الذي أظهرته نتيجة الفحص أو ارتداء نظارات متلازمة إيرلن والتي تعتبر الوسيلة الوحيدة الناجحة للتغلب على هذه المشكلة.

وأخيرًا، ننصح أولياء الأمور والمعلمين والكادر الأكاديمي، بأن يتم تقييم الطلاب في المرحلة الأساسية الأولى من التعليم، ومن تم اكتشاف صعوبات تعليمية لديهم، يجرى لهم فحص متلازمة إيرلن قبل تصنيفهم كمعسرين قرائياً وقبل البدء في أي طرق أو برنامج تدخل تعليمي حتى يكونوا على يقين من فاعلية البرنامج ومدى استجابة الطالب لها.

تعليق عبر الفيس بوك