عُمان تتحدَّث للعالم!

سيف المعمري

جاءتْ كلمة السلطنة التي ألقاها معالي يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ70، والتي عقدت بمدينة نيويورك الأسبوع الماضي؛ لتؤكِّد ثوابت السياسة العُمانية راسخة الأركان، والتي أصبحت أنموذجا يُحتذى، ويلقى التقدير والاحترام من المجتمع الدولي.

فقد أكدت الكلمة التي ألقاها معالي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية تمسُّك السلطنة بمنهج السلام والحوار منذ بزوغ فجر النهضة المباركة، والتي استلهمته وارتوت من معين الحكمة لعاهل البلاد المفدى لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- وأثبتت الأيام أنَّ السلام والحوار القاعدة الطبيعية للتعامل مع كافة القضايا، والسبيل الأنسب لتسوية الخلافات بين جميع الدول.

ورحَّبتْ السلطنة في كلمتها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بالاتفاق التاريخي التي توصلت إليه مجموعة 5+1 حول البرنامج النووي الإيراني والذي أخذ وقتا طويلا، لكن أثبت أهمية الحوار للوصول إلى النتائج المرجوة، وهو الخيار الأمثل لحل جميع القضايا الإقليمية والدولية العالقة، كما رحَّبتْ برفع العلم الفلسطيني -ولأول مرة- في الأمم المتحدة بصفتها عضوًا مراقبًا، وأبدتْ السلطنة أسفها على الأوضاع التي آلت إليه مجريات الأحداث في اليمن، وحذرت من خطورتها إذا استمرت، واستنكرت قصف المقار الدبلوماسية.

... لقد عملت السلطنة خلال مسيرتها الظافرة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- على أرساء السلام والحوار والتعاون ضمانا للتعايش السلمي، ولا يزال جلالته -أبقاه الله- يؤكد في خطاباته أنَّ السياسة الخارجية العُمانية قائمة على تبادل المصالح المشتركة مع الدول وعدم التدخل في شؤون الغير، وعدم السماح للغير بالتدخل في شؤوننا.

وسعتْ السلطنة -خلال المرحلة الماضية- إلى تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، والتي تُوِّجت بالاتفاق النووي الإيراني؛ حيث استضافت مسقط إحدى أهم جولات المفاوضات بين مجموعة 5+1 وإيران، كما ساهمت السلطنة بنقل العديد من رعايا الدول الصديقة والشقيقة من مناطق النزاعات المسلحة في المنطقة إلى بلدانهم.

... لقد شملتْ كلمة السلطنة الأركان الرئيسية للاستقرار والأمان الذي ستنعم به جميع دول العالم إذا حكمت رشدها واتخذته منهجا ومحددا لسياساتها الداخلية والخارجية، فقد أصبح الحوار والتشبث بخيار السلام لجميع الدول دعامة أساسية للاستقرار، كما جاءت الكلمة لتذكر العالم بأهمية أحياء القضية الفلسطينية التي تعد قضية مفصلية في الصراع العربي-الإسرائيلي، ودعت جميع الأطراف للعودة إلى طاولة المفاوضات وتحقيق مبدأ حل الدولتين لتنعمان بالأمن والسلام، كما شددت الكلمة على ضرورة إنهاء الانقسامات الداخلية في اليمن وسوريا والتي أصبحت مجالا خصبا لظهور الحركات الإرهابية المسلحة.

لقد شرحت السلطنة للعالم أجمع مُنطلقاتها في التعامل مع جميع الدول ومع المنظمات الإقليمية والدولية والمبنية على أرساء ثقافة السلام والحوار، وهو ما أكسب السلطنة الاحترام والتقدير من الجميع. وجاءتْ كلمة السلطنة لتؤكد نجاح الدبلوماسية العُمانية على مدى العقود الأربعة الماضية ولتكون مثالا يحتذى به في المنطقة العربية والعالم، حيث نأت السلطنة بنفسها عن الانزلاق في الصراعات الإقليمية ورجحت العقل والحكمة والحوار في إدارة الأزمات الداخلية والخارجية بين الدول، بل ساهمت في الدخول في وساطات لحل الكثير من الخلافات بمختلف القضايا الإقليمية والدولية.

لذا؛ فمن حقنا كعُمانيين أن نفخر بسياستنا الخارجية وباتزان مواقفها وتقدير المجتمع الدولي للسلطنة، وعلينا كمواطنين أن نكون على الدوام يدا بيد مع منهج السلام والحوار حتى في تعاملنا مع بعضنا البعض ومع الآخرين، وأن نترفَّع عن الانزلاق في المناكفات غير الحميدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع الأشقاء والأصدقاء، فلدينا رصيد من المثل والأخلاق الفاضلة ما يغنينا عن القيل والقال، ولنترك أخلاقنا تتحدث عنا، ولتبقى عُمان تتحدث للعالم بلغة الحوار والسلام.

saif5900@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك