الإعلام البرلماني وتطور الشورى

 خالد الخوالدي

إنَّ تطور وسائل الاتصال والإعلام والتشعب الكبير فيها أدى إلى ظهور تقسيمات وتخصصات فرعية تنبثق من هذا المصطلح العام؛ كالإعلام الاقتصادي والسياحي والمحلي والسياسي والترفيهي والرياضي...وغيرها الكثير، وكان في الماضي يتم دراسة جميع هذه التخصصات كتخصص واحد يحمل اسم الصحافة والإعلام أو الاتصال الجماهيري، ومن ثمَّ تمَّ تقسيم هذا التخصص إلى إعلام مرئي وإعلام مسموع وإعلام مقروء، وحاليا ظهر الإعلام الإلكتروني وأصبح الأمر في الوقت الحالي يتطلَّب الدراسة والتخصص أكثر؛ بحيث أصبح الطالب يتخصَّص أكثر إلى إعلام مرئي اقتصادي أو سياحي أو سياسي...وغيرها من التخصصات، وهي الحال بالنسبة للإعلام المسموع والإعلام المقروء.

وفي السلطنة -ولله الحمد- تمَّ التركيز في كثير من وسائل الإعلام معنا على التخصصات؛ حيث وزعت الصحف والإذاعات والتليفزيون إلى أقسام تتابع كل منها شأنًا من الشؤون السياسية والاقتصادية والمحلية والرياضية والفنية والثقافية...وغيرها، واستطاع المهتم أن يتابع ما يرغب بسهولة ويسر. وفي بداية هذا الأسبوع، وبفكرة من جمعية الصحفيين العمانية، وبتنظيم مشترك من وزارة الداخلية ووزارة الإعلام، تم تنظيم دورة "مهارة التغطية الصحفية لانتخابات مجلس الشورى" لمراسلي وسائل الإعلام المختلفة في ولايات السلطنة، وكانت في نظري المتواضع البوابة الحقيقية لضرورة اهتمام وسائل الإعلام العمانية بإعطاء الجانب البرلماني أهميته الحقيقية، إلى جانب التخصصات الأخرى؛ حيث إنَّ الإعلام البرلماني أصبح تخصصا لا يمكن أن يتم تغافله في المراحل المقبلة من مراحل تطور مجلس الشورى، والأخذ بهذا المجلس نحو تحقيق تطلعات وطموحات ورؤى الوطن والمواطن.

ويستطيع الإعلام البرلماني المتخصص أن يكشف الكثير من الحقائق والمعلومات والبيانات المطروحة تحت قبة مجلس الشورى، وتحليلها ومعرفة ما وراءها ودراستها وكشف خبايا ما يدور بين أروقة المجلس وبين أعضائه، لخلق شراكة حقيقية وفاعلة نحو تطوير العمل البرلماني العماني؛ بحيث نستطيع ان نجني ثمارا طيبة ونتائج ملموسة تساعد صانعي القرار على اتخاذ القرارات المناسبة.

وبهذا؛ فإنَّ الإعلام البرلماني سيلعب دوراً متميزاً بصفته وسيطاً يعكـس مناشط ورغبات وتوجهات الحكومة من جهة والمواطن من جهة، وسيعمل على تغيير الصورة النمطية التي ترسخت لدى الكثير من المتابعين بعدم جدوى المجلس وعدم جدوى الانتخابات الحالية، وسيوضح أنَّ دور المجلس ليس فقط المطالبة بالخدمات التنموية والخدمية للولايات، بل يتعدى هذا الدور إلى دور المشرِّع والمسن والمقرر والشارح والموضح لكل ما تقدمه الحكومة للمواطن من سياسات تخدم الصالح العام. ومن هنا، فإنَّ هذا التوضيح الذي سيلعبه الإعلام البرلماني سيسهم بلاشك في تنميـة الـوطن، وسيعزز دور المجلس؛ الأمر الذي يشكل لدينا تحولاً إعلامياً مهماً من مجـرد رصـد خبري إلى عمل تحليلي يبلور الخيارات والاقتراحات ويعزز القـرارات ويعالج الكثير من الأمور التي تدخل في صميم حياة المواطن.

... انَّ ما تقدم يفرض على وسائلنا الإعلامية وجامعاتنا وكلياتنا أن تعمل على تأسيس وتهيئة المجال لدخول الإعلام البرلماني في واقعها، وإخراج أجيال قادمة تستطيع أن تعطي وتقدم وتحلل وتوضح وتدرس الجانب البرلماني العماني بشيء من التفصيل والتحليل؛ فمن المعيب حقًّا أن يأتي من يعلمنا كيفية التغطية الصحفية والإعلامية لانتخابات مجلس الشورى من خارج السلطنة بحكم أنه متخصص في الإعلام البرلماني، في حين -وحسب معرفتي المتواضعة- لا يوجد لدينا حتى الآن متخصصون في الإعلام البرلماني، وإنما صحفيين وإعلاميين مجتهدين في نقل ما يدور قبل انتخابات مجلس الشورى وأثناء الانتخابات وبعدها، وما يدور تحت قبة مجلس الشورى من جلسات، ويُشكروا على كل الجهود، ولكن ما نتمناه ونسعى إليه أكثر من مجرد نقل الأحداث، إعلام يمثل رسالة المجلس عبر إصدار النشرات أو عبر النشر الجزئي أو الكلي في الصحف والمجلات والنقل التليفزيوني والإذاعي الكامل أو الجزئي لوقائع الجلسات أو عبر الوسائل الإلكترونية.. وكل هذا يتطلب أن يضمن الإعلامي البرلماني من قبل الجهات المختصة سهولة وحرية الوصول إلى المعلومات والتي نص عليها النظام الأساسي للدولة، وسوف أتحدث في مقال قادم -بحول الله- عن ضرورة أن يكون للمواطن الإسهام الفاعل والإيجابي في الانتخابات القادمة؛ نظرا للدور الكبير الذي سيلعبه مجلس الشورى في السنوات المقبلة، ودمتم ودامت عمان بخير....!

Khalid1330@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك