بن علوي أمام الأمم المتحدة: السلطنة اتخذت السلام والحوار مبدأ ثابتا منذ بزوغ فجر النهضة

نأمل أن يؤسس "نووي إيران" لمرحلة جديدة من العلاقات القائمة على التعاون والثقة المتبادلة

الدعوة إلى استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتحقيق حل الدولتين المستقلتين

الأطراف السياسية في اليمن لا تزال قادرة على استعادة الأمن والاستقرار

مناشدة المنظمات لبذل مزيد الجهود لتوفير الحماية الإنسانية للشعب السورى

لابد من تبنِّي مبادرات إيجابية تسهم فى إقامة نظام اقتصادى عالمي عادل

المرحلة المقبلة فى مسيرة العمل الدولى المشترك تتطلب ترسيخ المفهوم الحقيقي للشراكة

نيويورك - الرُّؤية - العُمانيَّة

أكَّدتْ السلطنة أنَّها اتخذتْ السلام والحوار مبدأً ثابتاً منذ بزوغ فجر النهضة العمانية المباركة التي انطلقتْ في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970م، بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- إيماناً منها بأنَّ الحوار هو القاعدة الطبيعية للتعامل مع كافة القضايا الخلافية.

وقال معالي يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية، في كلمة السلطنة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السبعين: "إنَّ الأمم على مدى التاريخ تسعى لتعزيز عوامل الثقة والاتفاق على أفكار ورؤى مرتكزة وتوافقية، وإن مبادئ ميثاق الأمم المتحدة لقادرة على توسيع المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة، ولقناعتنا بأن الحوار هو السبيل الأنسب لتسوية الخلافات بالطرق السلمية بدلاً من المواجهات والنزاعات".

وأضاف معاليه بأنَّ السلطنة ترحِّب بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين مجموعة دول (5+1) والجمهورية الإسلامية الإيرانية الصديقة حول البرنامج النووي. وقال: إنَّ "هذا الاتفاق يمثل نموذجاً لحل القضايا الخلافية الشائكة بين الدول على أساس قاعدة الحوار والمفاوضات وتنظيم المصالح الدولية".

وأعرب معاليه عن أمل السلطنة في أن يؤدي هذا الاتفاق التاريخي إلى إشاعة مزيد من الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي؛ بما يُؤسِّس لمرحلة جديدة من العلاقات القائمة على التعاون والاحترام والثقة المتبادلة.

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، قال معالي يوسف بن علوي بن عبدالله إنَّ رفع علم دولة فلسطين كعضو مراقب أمام مقر الأمم المتحدة رغم رمزية هذه الخطوة يُذكِّرنا بمأساة الشعب الفلسطيني وتطلعه لنيل حقوقه المشروعة. ودعا معاليه الفلسطينيين والإسرائيليين -على حد سواء- إلى العودة إلى طاولة المفاوضات والعمل على تحقيق رؤية الدولتين المستقلتين اللتين تعيشان جنباً إلى جنب؛ من خلال خطوات تحقق مصلحة الطرفين تستند إلى مرتكزات مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.

وحول تطورات الأزمة في الجمهورية اليمنية الشقيقة، أكد معاليه أنَّ السلطنة تتابع بقلق بالغ تطورات تلك الأزمة، وما نتج عنها من مآس إنسانية وكارثية، وقال: "رغم فهمنا للظروف التي أدت إلى اشتعالها، إلا أننا نعتقد بأنَّ الأطراف السياسية في اليمن لا تزال قادرة على استعادة الأمن والاستقرار".

وأعرب معاليه عن قلق السلطنة "من أن استمرار حالة العنف هناك قد مكن العديد من التنظيمات الإرهابية المدرجة على قوائم الأمم المتحدة من استخدام اليمن قاعدة لها، وهو ما يشكل خطراً مباشراً على أمن واستقرار المنطقة". وقال: إنَّ السلطنة تدعو سائر القوى السياسية فى اليمن إلى الاستفادة من الجهود التى يبذلها المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد؛ بما يُسهم فى إعادة الأمن والاستقرار للجمهورية اليمنية، ويحقق تطلعات الشعب اليمني الشقيق في حياة آمنة وكريمة.

وعبَّر معاليه عن استنكار السلطنة لاستهداف المقار الدبلوماسية فى العاصمة اليمنية بصنعاء.. داعيا سائر الأطراف إلى احترام القواعد الدولية والامتناع عن أية أعمال تخرق الالتزامات الدولية، لاسيما تلك المنصوص عليها فى اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية للعام 1961، واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية للعام 1963.

وبشأن الأزمة السورية، قال معاليه: لقد دخلت الأزمة السورية عامها الخامس فى ظل معاناة الشعب السوري ونزوح مئات الآلاف من السوريين إلى خارج بلادهم، والمخاطرة بحياتهم فى ظل ظروف لم يكن لها مثيل فى التاريخ الحديث. داعيا سائر الأطراف السورية ودول الجوار إلى دعم مهمة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة استيفان دي مستورا، وبما يُعيد الأمن والاستقرار إلى هذا البلد الشقيق، ويُسهم فى القضاء على الإرهاب الذى تمكَّن من إيجاد موطئ قدم له فى الجمهورية العربية السورية، وما يُشكله ذلك من تأثير على الأمن الإقليمي والدولي.. مؤكدا موقف السلطنة الثابت من إدانة الإرهاب بشتى صنوفه وأشكاله مهما كانت المسببات والدوافع.

وقال معاليه إنَّه وفي الوقت الذي تشيد فيه السلطنة بالجهود التى تقوم بها المنظمات الإقليمية والدولية للتخفيف من المعاناة الإنسانية للشعب السوري، فإنها تُناشدها لبذل المزيد من الجهود لتوفير الحماية الإنسانية للشعب السورى الشقيق فى الداخل والخارج.. مؤكدا على استمرار البرنامج الإنسانى الذى تقدمه سلطنة عمان لمساعدة اللاجئين السوريين.

وحول منع الانتشار النووي، أكَّد معاليه على أهمية المحافظة على نظام عالمية منع الانتشار النووي.. مشيرا إلى أنَّ تحقيق ذلك لا يتأتي إلا من خلال ترسيخ الركائز الثلاثة لمعاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية؛ والمتمثلة فى: نزع السلاح، وعدم انتشار الأسلحة النووية، والسماح للدول باستخدام الطاقة النووية فى المجالات السلمية. داعيا الدول الراعية لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية إلى تنفيذ قرار إعلان منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية وجميع أسلحة الدمار الشامل؛ بما يُعزِّز من مصداقية المعاهدة وعالميتها.

وقال معاليه: إنَّ قرار جمعية الأمم المتحدة رقم 55/2 المتضمِّن إعلان الألفية يعتبر من الوثائق المهمة التى وضعت برنامجاً دوليا طموحاً لمساعدة الدول على تحقيق مستويات عالية من التنمية الاقتصادية والاجتماعية. مُستدركا معاليه: غير أنَّ القصور الذى ظهر على الاقتصاد العالمى على مدى العشرين سنة الماضية، أدى إلى تداعيات اجتماعية خطيرة بما فيها تفاقم أعداد الباحثين عن عمل؛ مما أثر على قدرة العديد من الدول على تحقيق أهداف الالفية، داعيا المجتمع الدولى إلى وضع قضايا الاقتصاد والتجارة والبيئة فى صدارة المواضيع المُلحَّة والواجب معالجتها وفى مقدمتها التجارة الدولية للطاقة، حيث إنه من الضرورة بمكان تنظيم التجارة الدولية فى مجال الطاقة، وعلى وجه الخصوص أسعار النفط ومشتقاته. معبرا عن تطلعات السلطنة إلى انعقاد المؤتمر العالمي للمناخ فى الجمهورية الفرنسية الصديقة، وأن تتمكَّن الدول المشاركة في المؤتمر من الاتفاق على برنامج دولى متوازن ومتوافق مع اهتمامات ومصالح جميع الأطراف من الدول النامية والدول المتقدمة.

وقال معاليه: إنَّ الاحتفالَ بالذكري السبعين على إنشاء الأمم المتحدة الذي يتزامن مع انعقاد الدورة الحالية، مناسبة تتطلب أن نجدِّد الثقة فى العمل الدولى المشترك؛ وذلك من خلال تبني الدول الأعضاء مبادرات إيجابية تساهم فى إقامة نظام اقتصادى عالمي مبني على العدالة لسائر الدول والشعوب.

واختتم معاليه بالتأكيد على أنَّنا أمام تحديات حقيقية ينبغي مواجهتها بكل عزم وثبات لمنع الإضرار بالتنمية، وبما يساعد على تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.. مشيرا إلى أنَّ المرحلة القادمة فى مسيرة العمل الدولى المشترك تتطلب ترسيخ المفهوم الحقيقي للشراكة والمصير المشترك بين أعضاء المجموعة الدولية.

تعليق عبر الفيس بوك