في مركز صحي الموالح

مسعود الحمداني

أخبرني أحدهم عن معاناته في مركز صحي الموالح (قسم الأسنان)، وهي على ما يبدو معاناة عامة في كل المراكز الصحية؛ حيث أرسل لي رسالة نصية يقول فيها: "إن نظام مواعيد الأسنان في المركز المذكور (مُخزي، ومهين، ومذل) -حسب وصفه- ويشرح ذلك قائلا: وصلتُ إلى المركز الساعة الثامنة صباحا، لحجز موعد لابنتي، وهي طالبة في الثانوية العامة؛ ففوجئتُ بموظف الاستقبال يخبرني بأنَّ جدول المواعيد لذلك اليوم مليء، وعليَّ العودة غدا!.. يقول الرجل: دُهشتُ لذلك، ولكن تمالكتُ نفسي، وأخبرت موظف الاستقبال بعمل موعدٍ لها في اليوم التالي.. غير أنَّ الموظف رفض ذلك، وأخبرني -والكلام للمواطن- بأنه يجب عليَّ الحضور في الصباح الباكر لحجز الموعد، و"إذا تأخَّرت عن الساعة السابعة والنصف فقد لا تجد حجزا، وعليك المحاولة مرة أخرى"!

وأضاف الموظف: إذا أتيتَ وقد سبقك تسعة أشخاص، فلن تحصل على موعد، وعليك تكرار المحاولة إلى أن (يضبط) معك الموعد!! يقول الرجل: كتمتُ غيظي، ورجعتُ للعمل، وجلست ابنتي في البيت ذلك اليوم، وعدتُ في اليوم التالي للمركز في وقت مبكر، قبل ذهابي للدوام، وكان في الجانب الآخر طابور طويل من النساء اللواتي عُدن بخفي حنين، بينما حصل تسعة محظوظين على الفرصة الذهبية لمقابلة الطبيب المختص.

وأرسل المواطن مع رسالته صورة لتعميم صادر من إدارة المركز معلَّق أمام المراجعين مكتوب فيه: "نود التنويه بأنَّ نظام حجز المواعيد بعيادة الأسنان مُتفق عليه من قبل المسؤولين (بالمديرية)، ولا يحق لإدارة المركز تغيير النظام، وهذا النظام هو نفسه المعمول به في جميع المراكز الصحية بالمحافظة..".

ولعلَّ معاناة هذا المواطن تلخِّص الكثيرَ من الروتين الإداري الطبي الذي يغلِّف التعامل اليومي بين الطبيب والمريض في المراكز الصحية بشكل عام؛ فنقص الكادر الطبي (المؤهَّل) يُقابله زيادة في أعداد المرضى، وتأتي القرارات الإدارية لتنظيم هذا التعامل، غير أن المبالغة في الروتين العملي قد تأتي بخدمات غير مرضيٍّ عنها؛ فمعدل تسعة مرضى لعلاج الأسنان يوميا، معناه طابور طويل من المنتظرين الذين قد تكون حاجتهم مُلحَّة للعلاج، مع فهمنا بأن أمراض الأسنان ليست ذات أولوية قصوى لدى المسؤولين في الوزارة، وأن هناك عشرات العيادات الخاصة التي يُمكن للمواطنين وغيرهم التوجه إليها، إلا أنَّ ذلك لا يعفي الوزارة من مسؤوليتها تجاه المرضى؛ فالخدمات الصحية (لا تزال) مجانية في السلطنة.

... إنَّ جودة الخدمات الصحية لا تعني التباطؤ والتلكؤ في تقديمها للمواطنين، ولا تعني تأخير غير مُبرَّر أحيانا للمواعيد الطبية تصل إلى شهور في عيادات مُعيَّنة، بل إنَّ ذلك يتطلب مزيدا من التحسين في الخدمة، مع زيادة في الكادر الطبي، مع تفهُّم من الطاقم الإداري لطرفي المعادلة العلاجية (الطبيب والمريض). أما تحديد أعداد المرضى بهذا الشكل الذي أورده المواطن في رسالته، فإنها تزيد من طابور المنتظرين، ولا تزيد من جودة الخدمة المقدمة، وهو ما لا تستقيم مع الخدمات الصحية التي تحاول وزارة الصحة توفيرها للمواطنين، والتي يتردد صداها كل حين في وسائل الإعلام.

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك