شمس العـالم تسـطـع عـلى عـُـمان!

د.سعد بساطة

لطالما كانت الشمس لدى الكثيريـنمبعـث تقديس مثل حضارة الإنكا عـند هنود البيرو قبل الميلاد

بأكثر من عـشرة قرون، فهي: مصدر النور والحياة.وإذا اختل نظام المجموعة الشمسية: فسدالكون فاقترابها يحرق أرضنا ومن فيها وابتعـادها ظلمة وجليد؛ وقد قام العـلم بتحليل دور أشعـتها في التعـقيم؛ والتمثيل الضوئي للنبات وغـيرها من الوظائف الهامة.
ولكن ماذا عـن الشمس كمصدر للطاقة؛ لتلبية الطلبات المتصاعدةلاسيما بعـد نضوب المصادر التقليدية؛ أوغلائها، وارتفاع الاستهلاك بسبب زيادة السكان وارتفاع مستوى الاستهلاك..ولاننسى كونها: طاقة نظيفة بلاملوّثات؛ وتحتاج لاستثمارات محدودة.

لعـل لسلطنة عـُمان قصب السبق كونها أول بلد عـربي تبزغ الشمس عـليه، وهنا نشير لمساحة السلطنة المتراميـة الأطراف؛ والساعـات الطويلة التي تطلع الشمس بها؛ ودرجة سـطوعها؛ وهي عوامل أساسية في توليد الطاقة الشمسية.فالسلطنة تتمتع بأعلى معدل لنقاء السماء، وتستقبل يوميًّا الإشعاع الشمسي 6000 وات ساعة/متر مربع يومياً(في يوليو) 3000 وات ساعة/متر مربع (في يناير)، مما يجعلها أعلى كثافات للطاقة الشمسية في العالم.

لقد قام العلم الحديث باستثمارات - ما تزال خجولة - بتطبيقاتها في استغلال الشمس كمصدر للطاقة؛ ومن المفيد التذكير بأنّ الطاقات التقليدية من البترول والفحم والغـاز قد بدأ وميضها يخبو أمام تلك المتجددة من رياح وشلالات وشمس.

ولكن؛ ماهي الطاقة الشمسية؟ إنهابالتعـريف:الضوءوالحرارةالمنبعثان من الشمسواللذان قام الإنسان بتسخيرهما لمصلحته منذ القديم باستخدام مجموعة من وسائل التكنولوجيا التي تتطور باستمرار. وتضم تقنيات تسخير الطاقة الشمسية استخدام الطاقة الحرارية للشمسضمن عملية تحويل بتوليد الكهرباءعبر الظواهر الكهروضوئية باستخدام ألواح الخلايا الضوئية الجهديةبالإضافة إلى التصميمات المعمارية التي تعتمد على استغلال الطاقة الشمسية، وهي تقنيات تستطيع المساهمة بشكل بارز في حل بعض من أكثر مشاكل العالم إلحاحاً اليوم؛ ومن الأهمية هنا أن نذكر أنّه لم يتم استخدام سوى جزء صغير من الطاقة الشمسية المتوافرة في حياتنا.

يصل إلى سطح أرضنا حوالي نصف كمية الطاقة الشمسية القادمة إليه من الشمس حيث تستقبل الأرض(174) بيتا واطمن الإشعاعات الشمسية القادمة عـبرطبقة الغلاف الجويالعليا؛ وينعكس 30% من تلك الإشعاعات عائدة للفضاء بينما يمتص الباقي السحب والمحيطات والكتلة الأرضية. وتشمل تقنية الطاقة الشمسية تحويل ضوء الشمس إلى مصادر أخرى مفيدة للطاقة.

ويمكن استخدام نظم التسخين ضوء الشمس بتسخين الماء؛حيث يمكن توفير 60- 70% من الماء الساخن المستخدم منزلياً بدرجات حرارة ترتفع إلى 60 درجة مئوية بواسطة نظم التسخين الشمسية.

بنى معهد ماساتشوستس للتكنولوجياأنظمتهالشمسيةمنذ العام 1939، وتستخدم لتخزين الحرارة الموسمية لأغراض التدفئة وتسخين الماء على مدار السنة؛ففي الولايات المتحدة تحتل نظم التدفئة والتبريد والتكييف 30% من الطاقة المستخدمة بأماكن العمل و %50 بالمباني السكنية.

وهنالك تطبيقات تكنولوجيـةلتطهير الماء بالطاقة الشمسية في إندونيسيا؛ حيث أول من استخدم هذا الأسلوب علماء الكيمياء العرب في القرن السادس عشر..هذا وقد تم تأسيس أول مشروع تقطير شمسي ضخم في عام 1872 في مدينة "لاس ساليناس" التشيليةويستطيع المصنع(ذومنطقة تجميع الطاقة الشمسية 4.700 متر مربع)، إنتاج 23ألف ليتر من الماء النقي يوميًا لمدة 40 عامًا.

وقال الله تعـالى بمحكم آياتـه من سورة نوح: أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً{15} وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً.

في ذات السياق: يقول الفيلسوف "كينتز" الأيام المشمسة بلا انقطاع تصبح مبعـث ضجر، نحتاج لبعـض الظلمة لنعـرف مباهج نور الشمس!

سئل مغـفل: أيهما أهم: الشمس أم القمر؟رد فوراً : القمر طبعًا!!لأنّ القمر ينور لنا بالليل والدنيا ظلام؛ أما الشمس تطلع بالنهار والدنيا نور أصلاً...

ومن طـريف الأخبار: كشف تحقيق نشرت نتائجه نهار الجمعة الماضي المؤسسة الوطنية للعلوم أن ربع الأمريكيين لا يعرفون أن الأرض تدور حول الشمس؛ واستنادًا لهذا الاستطلاع الذي شمل 2200 شخص فإن 74% من الأمريكيين فقط يدرون بأن الأرض تدور حول الشمس.

يتم توليد طاقة كهربية من الطاقة الشمسيةبواسطة محركات حراريةأو محولات فوتوضوئية.وبمجرد تحويل الطاقة الشمسية لكهربية، فإنّ براعة الإنسان تقوم بالتحكم في استخداماتها.ومن التطبيقات نظم التسخين والتبريدبالتصميمات المعمارية المعتمدة الطاقة الشمسية، والماء الصالح للشربخلال التقطيروالتطهير، تسخين المياه، الطهي بالطاقة الشمسية، والحرارة المرتفعة لأغراض صناعية.

يرجعللعصور الوسطى استخدام بعض التطبيقات القائمة على الاستفادة من ضوء النهار مثل وجود فتحة كبيرة في منتصف الأسقف العالية كالتي توجد في معبد البانثيون في روما؛حيث إنّ استخدام ضوء الشمس الطبيعي هـو الإضاءة الأكثر استخداماً على مر العصور.

تنصح منظمة الصحة العالميةبالقيام بعملية تطهير الماء باستخدام الطاقة الشمسية كأسلوب بسيط لمعالجة الماء في المنازل والتخزين الآمن لها. ومن الجدير بالذكر أن أكثر من مليوني شخص في البلاد النامية يستخدمون عملية تطهير الماء باستخدام الطاقة الشمسية لمعالجة ماء الشرب العادية المستخدمة يوميًا.

وحيث إنه لا يمكن الحصول على الطاقة الشمسية خلال الليل، لذا يُعـدّ تخزين الطاقة أمرًا ضروريًا لأنّ أنظمة الطاقة الحديثة تحتاج إلى مصدر طاقة متاح طوال الوقت...هذا ويمكن تخزين الطاقة الشمسية بدرجات حرارة عالية باستخدام الأملاح المذابة. حيث تُعد الأملاح وسيلة فعالة للتخزين لأنّها منخفضة التكلفة ولها سعة حرارية نوعية عالية ويمكن أن تجعل درجة الحرارة تصل إلى درجات مناسبة بأجهزة تخزين الطاقة العادية.

إنّ إنشاء محطة طاقة شمسية فوق منزلك قد تكون فكرة لحل أزمة الكهرباءوفيما يتعلق بآلية وزارة الكـهرباء المصرية في استخدام الطاقة الشمسية، تقول: إنه "بحلول عام 2020 سيكون 20% من شبكة كهرباء مصر معتمد على الطاقة الشمسية، وهو رقم جيد كبداية".

تواجه السعودية ارتفاع الاستهلاك المحلي المتزايد للوقود الأحفوري - وهي تكلفة الفرصة الواضحة في العجز المتزايد في المبيعات الدولية، فإنها تبرز كأكبر سوق محتمل للطاقة الشمسية في المنطقة. لذلك تعتزم تخفيض اعتمادها على النفط والغاز من أجل توليد الكهرباء، حيث قامت بإنشاء مدينة للطاقة الذرية والمتجددة؛ويقدّر بأنه سيتم تركيب مرافق تولد 24 ميجاواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2020، وأعلنت عن هدف طموح بإنتاج 54 جيجاوات بحلول 2032.

كما تستهدف استراتيجية دبي للطاقة المتكاملة 2030 تنويع مصادر الطاقة وحددت مبدئياً نسبة الطاقة المتجددة ضمن خليط طاقة دبي بحيث تكون 1% بحلول عام 2020، و5% في عام 2030. ولكن القمة العالمية لطاقة المستقبل 2015 وهيئة كهرباء ومياه دبي أعلنتا رفع الهدف إلى 7% بحلول عام 2020 و15% بحلول عام 2030!.

ويسير الأردن في مجال الطاقة الشمسية لكن بخطى بطيئة؛ وفي ذات المجال لانغـفل تجربتي كل من إقليم كردستان العـراق ومدينة زحلة في البقاع اللبناني.

وهنا نلاحظ أنّسلطنة عمان سبـاّقـة بهذا المجال: فهي ستبني أكبر محطة طاقة شمسية في العالم؛ حيثأعلن مؤخرا ً عـن عـقد لبناء تلكالمحطةالطاقوية "مرآة" بين تنمية نفط عمان وشركة غ.ب سولار، وسيكون مقرها بالجنوب وستبلغ طاقتها نحو ألف ميغاواط.وستقوم بتسخير أشعة الشمس لإنتاج البخار الذي سيستخدم في استخلاص النفط من خلال الطاقة الحرارية وفي استخراج النفط الثقيل اللزج في حقل "أمل"؛ وكلفة المشروع بالمقارنة مع ميزة توفير الغاز تعد مجدية بدرجة كبيرة لكونها تحقق ثلاثة أهداف رئيسية تبدأ بزيادة كمية النفط الثقيل وتوفير الغاز، فضلا عن جدوى مشروع تأسيس مركز لهذه التقنية في السلطنة.حيث يعـدّ هذا المركز الأكبر لهذه التقنية على مستوى العالم وسيوجد هذا المشروع فرصاً للعديد من المنشآت والشركات؛ علماًأنه باكتمال المشروع سيتم توفير نحو 5.6 تريليون وحدة حرارية من الغاز سنويًا للتصدير أو لتوليد الكهرباء؛ وسيحول المشروع دون انبعاث أكثر من 300 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويا .

تتسبب الزيادة السكانية والتوسع السريع في قطاع السياحة في ارتفاع الطلب العماني على الطاقة. وقد حددت سياسة الدولة والمعروفة باسم "رؤية عام 2020" هدفًا لإنتاج 10% من متطلبات سلطنة عمان من الكهرباء من موارد الطاقة المتجددة بحلول عام 2020. حيث إن السلطنة هي الدولة العربية الوحيدة التي لديها وزارة لشؤون البيئة والمناخ.

أكد مسؤول أن السلطنة ستستثمـر إمكانياتها في مجال الطاقة الشمسية لتلبية طلبات الطاقة؛وأنّ المشروع البحثي بتمويل من مجلس البحث العلمي كونه من المهم للسلطنة أن تقوم بالتسريع في إقامة المشاريع التجريبية لإنتاج الكهرباء والتعجيل في اتخاذ القرارات اللازمة بهذا الصدد نظرا لحاجة المستقبلية الماسة لذلك؛ وتتمثل هذه المحطات المزمع إنجازها بمحطات تعمل بالطاقة الشمسية (إنتاج 100 كيلووات بمنطقة حج بولاية محوت) و(إنتاج 300 كيلووات في ولاية المزيونة) وكذلك (إنتاج 1500 كيلووات في ولاية هيماء) إضافة (إنتاج 28 كيلوات في منطقة المطهفة بولاية ثمريت)؛ والبقية تأتي...

والآن: ماذا عـن تنافسية الطاقة الشمسية؟نعلم جميعاً أن الطاقة الشمسية هي الخيار الأنظف، لكنك لا تستطيع أن تلوم المستثمر في تساؤله إذا كانت هي الخيار الأكثر تنافسية، وهو تساؤل شائع!

نختم بطرفة: تحدثوا عـن مشروع علمي للهبوط عـلى سطح الشمس، ولما سـُئل العـالم المسؤول أليست حرارتها كفيلة بتذويب مركبة الفضاء؛ أجاب بثقة:" لا؛ فسيكون الهبوط: ليلا"...! "...

sadbsata@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك