إعادة هيكلة الدعم

فايزة سويلم الكلبانية

faiza@alroya.info

تسيّد قرار "رفع الدعم عن المحروقات" مؤخراً حديث المجالس وانقسم الشارع العماني حوله ما بين مؤيد ومعارض ومحايد، وفي رأيي أنّ المرحلة المقبلة تتطلب تحويل مصطلح "رفع الدعم عن المحروقات" إلى مصطلح آخر مُغاير أكثر إيجابية وتقبلاً، وهو "إعادة هيكلة الدعم" إن صح التعبير، وبما أنّ اللجوء إلى هذا الأمر أصبح من الحلول المطلوبة في ظل تراجع أسعار النفط عالمياً، ولابد من تطبيقه في المرحلة القادمة، فعلى أصحاب القرار أن يضعوا في الحسبان أنّ هنالك طبقات في المجتمع ستتضرر من جراء تطبيق رفع الدعم عن المحروقات، والانتباه إلى ضرورة حماية هذه الفئات من المجتمع من "ذوي الدخل المحدود" و"الضمان الاجتماعي"، هذا إلى جانب فئة الشباب بحيث لا يكونون من المتضررين، والعمل على ضمان استفادتهم من القرار، لاسيما وأن المعارضين لقرار "رفع الدعم عن المحروقات" لم يأتِ اعتراضهم من فراغ، إنما خوفاً مما سيترتب على تطبيق هذا القرار من نتائج، مثل ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية وكذلك أسعار النقل، مما يؤدي إلى رفع قيمة المناقصات وتأثر فئة دون أخرى خاصة أسر الضمان الاجتماعي والدخل المحدود وتضرر المشروعات الصغيرة والمتوسطة وجميع الممتهنين للأعمال الحرة وأصحاب المبادرات الفردية، فضلاً عن أن بعض المعارضين للقرار يرون أنّ رفع الدعم عن الوقود سوف يؤدي إلى حدوث ركود اقتصادي بسبب انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، وهروب المستثمرين الأجانب أو تقليص استثماراتهم .

وتسعى الحكومة إلى رفع الدعم عن المحروقات والذي يكلف الميزانية العامة في حدود مليار ريال عماني، عملاً على تحقيق عدد من الأهداف، من أهمها إيقاف تهريب الديزل إلى الدول المجاورة عبر أساليب مختلفة ولتخفيف الازدحام المروري على الشوارع على أن يستخدم مبلغ هذا الدعم في تقليص العجز والتنمية البشرية، وبما أنّ رفع الدعم أصبح حقيقة مرتقبة لدى المجتمع العُماني خلال الفترة القادمة، وذلك من منطلق التوجه إلى تخفيف الضغط على موازنة الدولة وتوفير دخل إضافي للحكومة لأنّ الموارد مهما كبرت سوف تبقى محدودة كما أن البعض يرى أن رفع الدعم سيعمل على وقف عملية تهريب الديزل.

فعلى سبيل المثال لو تحدثنا عن " قطاع الكهرباء" والذي يكلف السلطنة الشيء الكبير نتيجة للدعم المقدم لشركات الكهرباء، حيث تبلغ تكلفة وحدة الواط 30 بيسة، ويباع للسكني بــ 10 بيسات، وفي المقابل يباع للتجاري بــ 20 بيسة، ومن الواضح أنّه ليس هناك أي مبرر لأن تقوم الحكومة بتقديم الدعم لهذه الشركات بحيث تعود إلى 30 بيسة، وإنني كــ "مواطنة" أترقب إلى جانب أبناء مجتمعي تبعيات تطبيق هذا القرار الذي لا مفر منه، وأناشد الجهات المسؤولة مراعاة عدم تضرر الفئات الضعيفة في المجتمع التي يكون دخلها أقل من المتوسط، عبر إيجاد آلية قانونية معتمدة لضمان عدم إدخالهم ومحاسبتهم بالأسعار الجديدة.

ختاماً يجب علينا أن نعي أن الدعم عليه أن يكون موجها وليس للجميع، مثلما هو الحال الآن ، وآن الأوان لإعادة هيكلة الدعم حتى يذهب للفئات المستحقة حقاً بطريقة موجهة ومدروسة، مراعاة لظروفهم المادية سواء تلك الفئات الشابة الفتية المقبلة على سوق العمل بأقل مردود أو ذوي الدخل المحدود والضمان الاجتماعي، ولابد لتلك المؤسسات القادرة من المساهمة في تخفيف العبء على الدولة ولو من باب "رد الجميل" لهذا الوطن تقديراً للدعم المستمر منذ سنوات، فالوطن بحاجة لهم اليوم، مثلما كانوا بحاجة لعطائه سلفًا.

تعليق عبر الفيس بوك