مفتاح السعادة


مدرين المكتوميَّة

يشوبُ العلاقات الإنسانيَّة الكثيرُ من سُوْء الفهم، الناتج في الأساس عن اختلافات التكوين والتشكيل واختلاف طرق التواصل؛ حيث يُؤدِّي سُوء الفهم في حياتنا اليومية إلى كثيرٍ من الخلافات؛ فتزيد الفجوات والنزاعات، والتي يُمكن تخطيها بالتحلي بالوعي بأسباب الاختلافات.

فعلاقات المرأة والرجل -على سبيل المثال- ضرورية في حياتنا اليومية، لكن ونظرًا للاختلاف البيولوجي والفكري وطرق التعبير، سرعان ما ينشأ سُوْء الفهم.. ومن المعروف أنَّ المرأة تهتم بالتفاصيل بشكل أكبر، على عكس الرجل تماما؛ والمرأة بتكوينها تحب الاعتناء بالبيت والمكوث فيه باعتبارها "كائن بيتوتي"، فيما يهتم الرجل كثيرًا بعمله وأصدقائه فتجده بطبيعة الحال يخرج كثيرًا.. المرأة تحب التملُّك فيما يميل الرجل إلى التنقل، هي تحب التعبير والثرثرة، فيما يحب هو الصمت والانزواء.. ومن هذه الاختلافات بينهما تنشأ الفجوات وسوء الفهم الذي دائما ما يُشكِّل نهاية العلاقة وفشلها.

... إنَّ علاقاتنا الإنسانية تحتاج إلى تصالح أكثر مع النفس ومع الآخر، وهو ما يدحض فكرة "الشخص صعب التَّرويض"، إذ إن الفكرة تكمُن في الأسلوب الذي يلعب دور "العصا السحرية" في تغيير بوصلة العلاقة؛ وتلك "مَهَارة التعامل" من أجادها كَسَب قلوب الآخرين؛ حيث يمتاز صاحبها بقدرته على إدارة الحوار والنقاش والوقت المناسب الذي يتدخَّل فيه مع الطرف الآخر. وهو ما يفسر مسبِّبات المشاكل الأزلية بين الرجل والمرأة؛ سواءً كانت أمًّا أو أختًا أو زوجة أو حبيبية أو صديقة.

وفي هذا السياق، قرأتُ كتابًا لدكتور جون جراي، بعنوان "رجال من المريخ نساء من الزهرة"، والذي يؤكد فيه أن الرجال يحبون أن يرحلون لكهوفهم عند حدوث أي مشكلة، في حين المرأة تحب أن تفضفض عمَّا تعاني منه. ولخَّص الكتاب حياة الرجال والنساء كالحياة على كوكبين مُختلفين؛ قادهم فضولهم للبحث عن الاختلافات بينهم واكتشافها؛ فنزلوا ليستقروا على الأرض معا؛ فإذا بهم يستيقظون ذات يوم على مشكلات ونزاعات؛ لأنَّ كلًّا منهما نَسِي أنَّه ينتمي لعالم مُختلف عن الآخر؛ أي أنَّ كلَّ طرف منهم نسي أنَّ الاختلافات التكوينية لكل منهما جعلت الخصام يزداد، وردود الفعل دائما تكون سببا كبيرا من أسباب الفشل الفعلي لأي علاقة.

وعن تجربة شخصية، فقد اكتشفت مُؤخرا أنني "مُتسرعة"؛ لدرجة أنَّني لا أعطي مساحة لمن أحبهم، كي يعبروا عمَّا بدواخلهم تجاهي، وهو ما يزيد المخاوف بداخلي من أن أخسر أشخاصا يصعُب عليَّ رحيلهم.

... إنَّ "الأنانية" في التعامل قد تجعلنا نخسر من نُحب دون أن نشعر؛ لأنَّ التذمر يزداد من تكرار سوء الفهم ومن عدم إعطائهم فرصه للابتعاد قليلا والعودة بنفسية متجددة. فالتفاهم هو "مفتاح سعادة"، فالعلاقة بين الرجل والمرأة تبدأ قوية دافئة مليئة بالمشاعر الطيبة، والأحاسيس الجميلة، وقد تفتُر هذه العلاقة مع مضي الوقت، وتصبح رماداً لا دفء فيه ولا ضياء.. وهنا يتوجَّب على الطرفين أن يعيا أنه لتحصيل السعادة الحقيقية لابد من التنبه إلى الفروقات التي بينهما، وأن يُدركا أنَّ لكل منهما تركيبته الخاصة، وذلك لكي تسير بهما سفينة الحياة في حب وهناء.

-------------

يقول أحد الحكماء: "تضعك المعرفة في صفوف العلماء، ويضعك العمل في صفوف الناجحين، ويضعك "التفاهم" في صفوف السعداء".

madreen@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك