تحية لكل هذه القلوب والوجوه..

مسعود الحمداني

للوطن نبضٌ لا يُسقى بغير عَرق أبنائه، وله نَفَسٌ لا يتنفسه سوى أولئك الذين عشقوا أرضه، ونثروا عبقهم على وردته، وللعيد فرحة يتمنّاها الجميع قد تعود وقد لا تعود، يجتمع فيه الابن مع ابنه، والجار مع جاره، والبعيد مع البعيد، يلتقون مرة في العام ربما، بفرحة استثنائية، وبهجة قد لا تتكرر في زحام الأيام المكدّسة في رحم الوقت، فالانشغالات لم تعد تستثني أحدًا من آلتها التي تفرم كل ما في طريقها من تواصل جميل، وتقارب حميم..

وفي ظل هذه الفرحة التي تكسو الحياة هذه الأيام، غير أننا يجب أن نقف إجلالاً واحترامًا لأولئك الذين أجبرتهم ظروفهم على البقاء على رأس أعمالهم بذلاً لعطاء لا ينضب، وعرفاناً لوطنٍ أعطى دون أن يمنّ، واعترافاً بفضل قائد أبى إلا أن يصنع شعباً، وخارطةً لوطنٍ عظيم، وطنٌ بُني على سواعد مثل هؤلاء الذين لم يبخلوا بعطاء، ولم يتأففوا وهم يكدحون من أجله، ليزرعوا ثمر تربته، ويشعلوا قناديل الظلام في سمائه، وينيروا ببذلهم دروب الأجيال القادمة، ففي كل عيد حين يجلس الجميع إلى مائدة الغداء، يتبادولون أطراف الحديث، ويتلذّذون بأطايب الطعام، يقبع في نفس اللحظة مواطنون آخرون خلف خنادق العمل، يسكبون ماء الحياة في وريد وطن يحيا ويكبر بعطائهم، يحملون على عاتقهم أمانة أبوا إلا أن يحملوها، ويتفانون في الإخلاص لرسالتها.

يرابط هؤلاء المواطنون هناك على الحدود يحمون الوطن، وفي الشوارع يحرسون حياتنا، وفي المستشفيات يسهرون على راحة مرضانا، وفي الصحف ووسائل الإعلام ينقلون لنا صورة حيّة عن أفراح بلادنا، وفي مصافي وحقول النفط من أجل اقتصاد الوطن، وفي المطارات يعكسون صورة حضارية عن مدنيّتنا.. قوات السلطان المسلحة، شرطة عمان السلطانية، رجال الصحافة والإعلام، الأطباء والممرضون، العاملون في حقول النفط، موظفو المطارات، هؤلاء وغيرهم ممّن دعاهم الواجب في هذه الأيام الاستثنائية ليبقوا بعيدًا عن أبنائهم وأسرهم، ويؤجلوا فرحتهم من أجلنا، وأجل وطنهم..فلهم منّا كل تحية، وكل اعتزاز بما يبذلونه من أجل الوطن كي يبقى عزيزًا، وقويًا، وعاليًا كما هو عهده دائمًا.

وفي جانب آخر هناك من حرمتهم ظروفهم في مثل هذه الأيام من الاستمتاع ببهجة العيد وحميميته، أولئك الراقدون على الأسرّة البيضاء، في المستشفيات، أو أولئك الذين فُجعوا بموت قريب أو حبيب قبيل أيام العيد، أولئك الذين ذهب أحبّتهم في حادث سير، أو بسبب مرضٍ عضال، أو بدون سبب، ففقدوا بريق العيد، ولبسوا أثواب الحزن، وتذكّروا من كان إلى جوارهم في العيد الفائت، فلم يجدوه بقربهم..لهم منّا كل مواساة، وكل أمنية طيبة بالشفاء لمرضاهم، وبإزالة الحزن عن سمائهم، ليعيشوا فرحة العيد القادم بإذن الله، وعسى أن تتحوّل حياتهم إلى ما هو أجمل، وأكثر بهجة.

وكل عام وهذا الوطن العزيز وقائده المفدّى ـ حفظه الله ـ ومواطنوه، وكلُّ من يعيش على ثراه والأمة الإسلامية في صحة وعافية وخير وسؤدد..وأعاده الله عليكم بالخير واليُمن والبركات..

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك