التشكيك في تفجيرات 11 سبتمبر

زاهر المحروقي

في هذا الشهر، مرت الذكرى الرابعة عشرة لتفجيرات 11 سبتمبر والتي شغلت الناس حينها، ولكن النقاش عنها صار يتجدد سنوياً خاصة في أمريكا، بهدف الوصول إلى فك لغز تلك العملية؛ كيف تمت، ومن المخطط الحقيقي لها، ومن المنفذ، ولمصلحة من تمت؟ وكلها أسئلة تبحث عن المستفيد من تلك العملية، ففي علم الجريمة يقولون "ابحث عن المستفيد، فهو القاتل".

هناك كثيرون يرون أنّ أحداث سبتمبر كانت مؤامرة داخلية بحتة، إذ أنّ تنظيم القاعدة أضعفُ من أن يقوم بعملية بذلك الحجم في دولة مثل أمريكا، وهو رأيٌ له منطقه، ولعل ما يؤكد هذا التوجه، مقال نشرته صحيفة البرافدا الروسية بتاريخ 7 فبراير 2015، بعنوان "بوتين يهدد بالإفصاح عن معلومات جديدة عن أحداث 11 سبتمبر فيها صور من أقمار صناعيّة"، حيث يشير المقال إلى أنّ تلك الأحداث كانت عملاً داخلياً بتواطؤ مع مؤسسات حكوميّة أمريكيّة.

وطوال السنوات الماضية صدرت الكثير من الكتب التي تتناول أحداث سبتمبر؛ منها كتاب "إمبراطورية الشر الجديدة" للدكتور عبد الحي زلوم، الذي ذكر أنّ أمريكا تعجّ بأكثر أنواع الاستخبارات تعقيداً في العالم، إلى جانب قدراتها الفائقة على المستوى التقني؛ وهي تملك عدة وكالات للاستخبارات، من بينها وكالة الأمن القومي، وهي كبرى وكالات الاستخبارات الأمريكية وتعمل على مراقبة كلِّ الاتصالات الخاصة بواسطة تقنيات عالية التطور والتعقيد، وتمتلك سفن تجسس في المحيطات، وأقماراً صناعية وطائرات "أواكس" تجوب أرجاء السماء على مدار الساعة، مغطية أنحاء العالم، ويتم اعتراض كلِّ حركات الاتصال من أمريكا وإليها، كما تصنّف الرسائل التي يتم اعتراضها ومن ثم تُوجّه لمن هم معنيون بها؛ ولكن مع ذلك، فقد أعلنت أمريكا مباشرة بعد الحدث، أنّ رجلاً يعيش في كهف على بُعدٍ يزيد عن نصف محيط الكرة الأرضية هو المسؤول عن هذه الهجمات، وأنّ هذا الرجل الخارق قد تفوَّق على جيوش وكالات الاستخبارات المذكورة في مهاراته وذكائه ومن كهفه في تورا بورا. ويشير د. زلوم إلى أنّ الاستخبارات الأمريكية كان لديها أمر تنفيذي من زمن إدارة كلينتون لمراقبة ابن لادن والقاعدة، وهذا ما يجعل من المستحيل على القاعدة أن تخفي أية تحركات عن أعين الاستخبارات الأمريكية، وخاصة عملية بذلك الحجم.

أما مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق فيخصص فصلاً في كتابه "طبيب في رئاسة الوزراء" لأحداث سبتمبر، ويذكر شكوكه حول طريقة انهيار برجَيْ مركز التجارة العالمي رأسياً بتلك الطريقة، إذ تم دعم بناء البرجين بطوابقهما الـ 110 بجدران خارجية، وعندما انهارت هذه الجدران انهارت معها جميع الطوابق، ممّا يدل على أنه كان هناك شيء غريب في كلِّ ذلك، إلا أنّ شكوكه زالت فوراً عندما أعلنت أمريكا أنّ الفاعل هو تنظيم القاعدة، فوكالةُ المخابرات الأمريكية تملك من المعلومات ما لا يملكها هو، وأنه قد تضايق كثيراً من تصريح الرئيس بوش بأنه سيعيد الحروب الصليبية ضد المسلمين، إلا أن مهاتير محمد نفسه بعد ذلك بسنوات تأكد لديه أنّ المسألة لم تكن بريئة، عندما استقبل أمريكيين عام 2006، وعرضوا عليه شريط فيديو مدته ثلاث ساعات عن الحدث، كان من بينهم "وليم رودريغيز" الذي عمل أكثر من 10 سنوات في أمن البرجين، والذي كان موجوداً وقت الحدث وساهم في إنقاذ 300 شخص كانوا في البرجين، ووصفته الحكومة الأمريكية والرئيس الأمريكي بالبطل القومي؛ إلا أنه انضم إلى عدد من الأمريكيين المطالبين بفتح تحقيق جديد لمعرفة هوية مدمِّري مركز التجارة العالمي أو تحديد السبب الذي أدى إلى تدميره، وقد قام رودريغيز بهذا لأنّ إفادته التي أدلى بها أمام المحققين استبعدت من التقرير الرسمي، والذي أفاد فيها أنه سمع انفجارات في قبو المبنى وهي لا يمكن أن تكون ناجمة عن اصطدام الطائرتين بالبرجين في الأعلى وإنما تم ذلك بزرع متفجرات في قبو المبنيين؛ بل يذهب مهاتير محمد إلى أبعد من ذلك عندما يقول إن شريط الفيديو الذي شاهده، يشير إلى سقوط مبنى ثالث هو المبنى رقم 57، الذي يعتقد أنه لم يصب بفعل اصطدام الطائرة، ولكنه انهار بالطريقة ذاتها، ولكن التقارير الإخبارية لم تتناول هذا المبنى أبداً ولا تركز عليه حتى يومنا هذا؛ وينقل مهاتير محمد عن زواره أنّ الصور التي التُقطت فوراً لمبنى البنتاجون في واشنطن، لم تظهر حطام الطائرة على الإطلاق، كما أنّ الثقب في جدار المبنى كان أصغر بكثير حتى من مقدمة الطائرة، وهو بذلك يؤكد شكوكه حول العملية برمتها.

هناك جمعيات كثيرة في أمريكا تعارض الرواية الرسمية حول الحدث، أهمها جمعية "العلماء من أجل حقيقة 11 سبتمبر"، وجمعية "معماريون ومهندسون من أجل إظهار حقيقة 11 سبتمبر"، وتضم الجمعيتان علماء من كلِّ الاختصاصات وأكثر من 2200 مهندس ومعماري يتحدّون الحكومة الأمريكية لإعادة التحقيق، بما لديهم من إثباتات علمية تتناقض مع الرواية الرسمية لتلك الأحداث؛ ويبين هؤلاء العلماء والمعماريون على موقعهم في النت صوراً وحسابات وأبحاث مختبرات تؤكد كلها أنّ هناك مواد متفجرة قد استخدمت لهدم البرجين، وأن الطائرات ووقودها لا يمكن أن يصل إلى درجات الحرارة المطلوبة لينصهر حديد البرجين، وأن طريقة هبوط الأبراج لا يمكن أن تكون إلا بالتفجير؛ فيما تظهر قياسات الرأي العام أكثر من مرة أنّ نصف الأمريكيين يَشُكّون في الرواية الرسمية، وأنّ العدد يتزايد كلّ عام.

كما أنّ هناك مفكرين أمريكيين وأوروبيين كثيرين، يرفضون الرواية الرسمية الأمريكية، ويعتقدون أنّ أحداث ١١ سبتمبر تسبّبَ بها المحافظون الجدد لإعطاءهم الحجة للبدء بحروبهم للهيمنة على نفط الشرق الأوسط، ولإعطاء إسرائيل الفرصة كي تنفرد بالساحة في المنطقة؛ وفي الواقع هذا ما حصل، حيث تم توجيه التهمة فوراً إلى العراق وكانت هي الهدف الأول، إلا أنّ المبرر لم يكن جاهزاً فكانت أفغانستان هي الضحية الأولى ثم العراق، وكل ما يحصل الآن هو من تداعيات تلك الأحداث، فمبرر غزو العراق كان كذبة فاضحة، وكان الرئيس بوش على علم بذلك؛ لكنه أصر على المضي قدماً في غزو العراق وتدميره، مع قتل وتشريد الملايين من العراقيين، بما يخدم المصلحة الإسرائيلية فقط؛ وإذا كان قتل 3 آلاف شخص أمريكي في برجي التجارة سيؤدي إلى تأييد العالم للحرب الأمريكية ضد المسلمين وضد أفغانستان والعراق، خاصة بعد صيحة بوش الشهيرة "من ليس معنا فهو ضدنا"؛ فإنّ الإدارة الأمريكية لن تشعر بتأنيب الضمير على ذلك الفعل، ففي سبيل تحقيق هدفها كانت مستعدة أن تقدِّم القرابين؛ ومن المفارقات أنّ ما فعلته أمريكا في أفغانستان من المآسي لم تفعله حركة طالبان، وما فعلته في العراق من قمع وقتل وتعذيب وتشريد وإهانة للشعب العراقي، الذي زعموا أنهم أتوا ليحرروه، لم يفعله الرئيس صدام -رغم أخطائه- ولا مجال للمقارنة بين أخطاء صدام وبين الموت والدمار الذي جلبه الأمريكيون الذين نصبوا أنفسهم منقذين للعراق والعراقيين.

وسواء كانت تفجيرات 11 سبتمبر من "تنفيذ" القاعدة، أو كانت بريئة منها، إلا أنّ الحقيقة تشير إلى أنّ التنظيم وغيره من التنظيمات مخترقة من الداخل، وفي النهاية هي ليست إلا صنيعة من صنائع المخابرات الأمريكية، سواء علم بذلك أعضاؤها أو لم يعلموا، وهذا ينطبق أيضاً على داعش وغيرها، والمسألة تحتاج في المحصلة النهائية إلى طرح السؤال التالي: من المستفيد من كلِّ ما حدث في 11 سبتمبر؟.. ثم من المستفيد من وجود تنظيمات مثل داعش وجند الشام وجيش النصرة وجيش بيت المقدس وبوكو حرام وغيرها من التنظيمات المشبوهة..؟! إنّ المستفيد من كلِّ ذلك، هو الذي أسَّسها وموَّلها ودرَّبها، حتى تخدم أهدافه. والمسلمون طيبون لا يعنيهم البحث والتقصي؛ وإنّما تكون غيرتهم دائماً في غير محلها، ويتمّ خداعهم بكلِّ بساطة.

Zahir679@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك