صوت الناخب ..مسؤولية وأمانة

محمد العاصمي

يحتلُّ الحديث عن انتخابات مجلس الشورى هذه الأيام واجهة وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي؛ حيث لا حديث يعلو عليه، كما أننا نُلاحظ الحراك الذي يقوم به المترشحون في كثير من المناسبات الاجتماعية العامة منها والخاصة في هذا التوقيت؛ وذلك بغية الحصول على أصوات الناخبين. وتتعدد وسائل الدعاية وإبراز المرشحين وتختلف الأساليب، والهدف واحد؛ هو: الفوز بمقعد ضمن الـ84 مقعداً هي عدد مقاعد أعضاء المجلس.

ولا شك أنَّ الدور المناط بالمواطن في اختيار أعضاء مجلس الشورى من الاهمية بمكان؛ حيث إنَّ الاختيار الصحيح المبني على معايير الكفاءة والمؤهلات هو السبيل لتحقيق الغرض من وجود المجلس بوجه خاص والبرلمانات بوجه عام وتقع مسؤولية الاختيار على المواطن الذي سوف يضع الأعضاء المنتخبين في موقع المطالب بحقوقه والمقر للسياسات التي تنتهجها الحكومة من أجله والقرارات والقوانين التي سوف تطبق عليه وكثير من الأمور التي سيكون هو محورها الأساسي وهو من سينعم بكفاءتها أو يعاني من رداءتها. وفي اعتقادي أنه إذا وضع كل ناخب هذا الأمر نصب عينيه فحتماً سيراجع نفسه كثيراً قبل أن يلقي ورقته في الصندوق الذي لن تخرج منه إلا وقد حدَّدت اسماً سيكون الناطق الرسمي له طوال أربع سنوات، ولن يتاح له خلالها تعديل اختياره إلا بعد انقضائها. وعليه، أن يتحمل نتيجة اختياره سواءً كان موفقاً أو غير ذلك.

إنَّ أمانة اختيار الأكفأ والأفضل لتمثيل المواطن في مجلس الشورى واجب ديني ووطني، ويجب أن يستشعر الناخب ذلك؛ حيث يقول المولى -عزَّ وجل- في محكم كتابه العزيز: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ"؛ حيث إنَّ خيانة الأمانة التي أوكلت للمواطن بحسن الاختيار نتيجتها تنعكس على الوطن والمواطن. وقد يقول قائل إن معيار الكفاءة نسبي ويختلف من منظور شخص إلى آخر، وفي الحقيقة فإن مثل هذا القول مردود؛ كون معيار الكفاءة معيارا مطلقا وبيِّنا وواضحا لا يختلف عليه اثنان، وقد يحدث أن تتعادل الكفاءات المتقدمة للمجلس وهذه ظاهرة صحية تتيح للناخب فرصة حسن الاختيار.

وهناك أمر مهم يقع على المترشح؛ فمن واجبه أن يُظهر كفاءته للناخبين، ويُبرزها بالشكل الذي يعطي للناخب فرصة وقدرة على تحديد اختياره؛ لذلك وضعت الدعاية الانتخابية كجزء أساسي من الحملات الانتخابية، وأصبحت علماً متفرداً يمكِّن المترشح من كسب المزيد من الأصوات، وفي ظل ما نعيشه اليوم من وفرة الأدوات الإعلامية أصبح من السهل واليسير أن يوصل المترشح فكره وخططه وأهدافه للناخب، وأن يضع أمامه كلَّ ما يملك من كفاءات وخبرات وأفكار تسهل عليه عملية الاختيار.

وفي ظل كل ذلك، فإنَّني أرى أن إيصال أعضاء مجلس الشورى إلى هذا الموقع المهم والحيوي يجب أن يأخذ منا الكثير من التفكير والتمحيص، وأن نتوقَّف عن عادات ضللنا نمارسها ردحاً من الزمن، ثم نعود لنشتكي منها؛ فمعيار القبيلة والعائلة والفئة...وغيرها من المعايير، يجب أن تختفي بلا رجعة، ويجب أن يحل معيار الكفاءة مكانها إن كنا ننشد مجلساً يحقق تطلعاتنا كمواطنين، ويجب علينا جميعاً أن ندرك قيمة الاختيار أو أن نتركه لمن يقدِّره ويؤمن بقيمته، وفي ذلك خير للوطن.

* باحث تربوي أول

تعليق عبر الفيس بوك