معيقات التنمية في السعودية

عبيدلي العبيدلي

أشار مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، خالد الفيصل، "أنّ من أبرز مهام مركز التكامل التنموي بإمارة المنطقة بجدة، تسهيل الإجراءات بين القطاعين الحكومي والخاص، ودفع عجلة التنمية في المنطقة، بجانب استثمار عقول أبناء الوطن لاستثمار الثروات الوطنية، ما يحقق رفعة الوطن وتقدمه، (مضيفا)، خلال افتتاحه للموقع الجديد للمركز وترؤسه اجتماع الهيئة الاستشارية لمركز التكامل التنموي أنّ المركز استقطب عددا من الكفاءات، لافتا النظر إلى أنّ المجال مفتوح لاستغلال أوقات الشباب، وتهيئة فرص العمل لهم، وتشجيع الفرص الاقتصادية في المنطقة ومحافظاتها".

وكما ورد في تغطيات حفل الافتتاح، فمن المتوقع أن يتم "الدفع بـ 17 مشروعا تنمويا ضخما للنهوض بالمنطقة وكل محافظاتها، ومتابعة الخطة الزمنية للعمل، إضافة إلى تذليل كل العقبات التي قد تقف عائقا أمام الإنجاز، بجانب دراسة المشاريع المتأخرة، والمتعثرة وتحويلها إلى مشاريع نشطة".

يعزز من أصرار الرياض على المضي في مشروعاتها التنموية، ما صرح به مؤخرًا وزير المالية السعودي إبراهيم العساف، الذي أكّد على أن "المملكة ستواصل تنفيذ مشروعات التنمية في المدى المتوسط وإنّها قادرة على تحمل انخفاض أسعار النفط خلال تلك الفترة مستبعدا الحاجة لتأسيس صندوق للثروة السيادية لإدارة واستثمار جزء من عائدات النفط الضخمة".

جميل جدا أن نسمع هذا الكلام من شخصيّات لها مكانتها السياسيّة العالية في المملكة، من مستوى الأمير خالد والعساف، في وقت يكثر فيه الحديث عن احتمال تراجع مشروعات التنمية فيها، جراء مجموعة من العوامل، ربما يكون الأبرز فيها التراجع الملموس في أسعار النفط الذي تتوقع العديد من المصادر المطلعة على أسواق النفط احتمال سريانه لفترة ليست بالقصيرة. يضاف إلى ذلك العبء الاقتصادي والمالي الكبير الذي تتحمله الرياض بفضل مشاركتها في معالجة بعض الأوضاع المتردية في المنطقة العربية، والتي باتت تهدد الأمن العربي.

لكن بعيدًا عن ذلك، لا بد من الاعتراف بأنّ هناك بعض المعوقات التي تعاني منها المملكة، وتقف عقبة كأداء أمام أية مشروعات تنموية جادة. ويتصدر تلك المعوقات، ما أشار له مشرف باب السلامة المهنية وتقليل الأخطار فارس النفيعي، في مقالته الموثقة "من معوقات التنمية في المملكة"، التي أورد فيها مجموعة من المعوقات من بينها، كما يقول النفيعي "البيروقراطية الإدارية" والتي تخسر السعودية جراءها " سنويا (16 مليار) دولار، (ويستشهد النفيعي) بما جاء في خبر نشرته صحيفة الوطن في عددها رقم (10421) تحت عنوان تفاقم أزمة تفريغ الحاويات في ميناء جدة جاء فيه: "تفاقمت أزمة الحاويات في ميناء جدة الإسلامي بعد أن ارتفعت مدة تسليم الحاويات من ساعات محدودة إلى يومين وسط احتجاج التجار على الشركات العاملة في الميناء والمتعهدة بتقديم خدمات نقل وتفريغ تلك الحاويات. وتحرك عدد من التجار وأصحاب المصانع والمستوردين إلى تحويل البضائع المستوردة لميناء جدة الإسلامي عبر الخطوط الملاحية العالمية إلى موانئ دبي لتلافي الخسائر والتلفيات في البضائع نتيجة تأخر خروج الحاويات".

من جانب آخر يورد محرر في مجلة "الاقتصادية" السعودية عبد الحميد الأنصاري، على لسان رئيس الجمعية السعوديّة للدراسات السكانيّة رشود الخريف سببا آخر يعيق مشروعات التنمية ويفاقم منها وهو "ضعف الدراسات السكانيّة، وهو ما ظهر جليا بعد ارتفاع نسبة البطالة خلال السنوات الماضية، ونشوء أزمة الإسكان، التي اتخذت الدولة أخيرا عدة خطوات لمعالجتها، (مضيفا) من أبرز الإحصاءات نمو عدد السكان المواطنين من مليونين في فترة توحيد السعودية، إلى 17 مليونًا في حقبة التسعينيات، ثم إلى 27 مليونًا في عام 2010م، متوقعًا ازدياد النمو بشكل أكبر في المستقبل، (موصيا بضرورة) تحسين مستوى البيانات السكانيّة، وإتاحتها للباحثين ولرجال الأعمال، ومواصلة جهود إحداث التوازن في التنمية، التي بدأها خادم الحرمين الشريفين بقراره إنشاء المدن الصناعية في مختلف مناطق السعودية، والاهتمام بالبيئة، والتصدّي لما تتعرض له من تدمير".

على نحو مواز يشخص الباحث سعود بن حسين الزهراني "مشكلات التنمية الاجتماعيّة في المملكة العربية السعودية في فترة التخطيط التنموي في مجالات التربية والتعليم والثقافة"، بعض المعوقات التي "تجابه الدولة السعودية رغم ثروتها الكبيرة من البترول"، يضع في "مقدمتها عدم توفر القوى البشرية المؤهلة واللازمة لتخطيط التنمية ودفع مسيرتها نحو تحقيق الآمال والطموحات السامية، الأمر الذي دفع بالحكومة السعودية إلى إيجاد بدائل ممكنة، وذلك باستقدام الخبرات والقوى العاملة، لإحداث التنمية ودفع مسيرتها قدمًا، فترتب على ذلك كثير من الإخفاقات والمشكلات".

لكن الزهراني يتوقع أن تواجه السعودية "معوقات أصعب من تلك التي واجهتها الدولة السعودية في سنوات البناء"، ولذلك نجده يحثها على "أن تعمد إلى التخطيط بعيد المدى القائم على استشراف مستقبل التنمية، آخذة في الاعتبار كل الأحداث السياسية والاقتصادية والثقافية المعاصرة، والتي تنطلق مؤشراتها المستقبلية تجاه التعقيد".

ومن أجل مواجهة هذه المعوقات والتغلّب عليها، يحض الزهراني الدولة السعودية على أن تتبع الدولة مجموعة من الإجراءات يقف على رأسها، كما يقول الزهراني "توفير مقدار مقبول من الحركة الاجتماعية للمساهمة في الحكم والإدارة بما يحقق مبادئ العدالة وتقاسم القرار والسلطة، وبما يعمق الالتزام الجماهيري بالخطط الإنمائية وتنفيذها على مستوى الطموحات".

جريدة الشرق الأوسط السعودية تناولت موضوع المعوّقات بنشرها عرضًا مكثفا لفيلم "فساد مركب"، الذي أطلقته كما تقول الصحيفة، مجموعة من شباب منطقة الجوف (شمال السعودية)، وهو "فيلم شبابي يكافح معوقات التنمية في السعودية".

تعليق عبر الفيس بوك