قطبا العالم وتأجيج الصراع السوري

التراشق بالاتِّهامات بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الجاري حاليًا على خلفية اتّهام واشنطن لموسكو بتعزيز موقعها في سوريا دعمًا لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، يعكس حجم اليأس الذي بات يتسرّب إلى مواقف القوى الكبرى من إمكانية إرساء حل سلمي لهذه الأزمة التي طال أمدها، وتفاقمت خسائرها بصورة غير مسبوقة على صعيد الصراعات والحروب الأهلية .. حيث راح ضحية هذا الصراع حتى الآن 250 ألف شخص وتشرد بسببه نحو نصف سكان سوريا البالغ عددهم 23 مليون نسمة..

فالخلاف الأمريكي الروسي حيال التعاطي مع الملف السوري، واحد من أسباب تعقيد الأزمة، حيث إنّ الأطراف المتصارعة ترى في هذا الخلاف ضوءًا أخضر لاستمرار التناحر والاقتتال ..

وتصريحات المسؤولين الأمريكيين في الأيام القليلة الماضية بشأن الاشتباه بتعزيز روسيا مساعداتها للأسد، وممارسة واشنطن ضغوطا على دول مجاورة حتى تمنع روسيا من استخدام مجالها الجوي، وما تبع ذلك من رد فعل روسي غاضب ووصف تصرفات الولايات المتحدة بـ "الفظاظة الدولية"، كل هذا ينبئ بأنّ الأزمة السورية أبعد ما تكون عن مرافئ الحلول السلمية.. بل مرشحة لمزيد من التصعيد طالما استمرت نظرة قطبي القوى العظمى إلى الأزمة باعتبارها وسيلة لتعزيز النفوذ، وسعي الطرفان لدعم من يرى كل منهما أنهم سيحفظون مصالحه من أطراف الأزمة، دون اعتبار لفداحة الخسائر البشرية والمادية التي يتكبدها هذا الشعب المنكوب جراء استمرار هذا الصراع الدموي ..

إنّ المأمول من الولايات المتحدة وروسيا أن تمارسا ضغوطاً على حلفائهما من أطراف الصراع في سوريا، وكذا القوى الإقليمية المتورطة فيه، وإجبارها على الرضوخ لمشيئة السلام سواء كان ذلك عبر مؤتمر جنيف أو غيره ..

هذا ما يتوقعه وينتظره الجميع من قطبي العالم، بدلاً من رؤيتهما يعمدان لتصفية حساباتهما على الساحة السورية..

تعليق عبر الفيس بوك