"الشورى".. حديث الشارع اليوم

علي بن كفيتان بيت سعيد

في ظفار.. المجتمع يُؤمن بالتآلف الاجتماعي؛ مما يُمكن أن نسمِّيه مدرسة للتكاتف الاجتماعي يتعلَّم منها الاخرون. ولفت انتباهي قبل عدة أسابيع مقالٌ نشره كاتب بحريني كان سائحا في ظفار؛ تناول ظاهرة الأعراس وما يُسمَّى بالمغبور (مساعدة العريس ماليًّا)، وكم أسعدني ذلك، واستلهمتُ منه فكرة مقالي لهذا الأسبوع، والذي يجيء حول انتخابات مجلس الشورى المرتقبة.

فعندما يأتي قطار مجلس الشورى كل أربع سنوات، تتحول محافظة ظفار -خاصة ولاية صلالة، التي تمثل واحدة من كبريات المدن العمانية سكاناً مقارنة بالمساحة- تتحوَّل إلى خلية نحل من الاتصالات والاجتماعات لإيجاد تكتلات انتخابية ترغب في أن تدفع بمرشحها إلى ما تحت قبة المجلس، والحقيقة أنَّ التجربة القبلية لا يُمكن تجاهلها، بل يُمكن البناء عليها وتحسينها، وعند متابعتي للقاء الأخير الذي تُنظِّمه لجنة الانتخابات والذي استضافته مدينة صلالة، سمعتُ الكثيرَ من المثالية البعيدة عن الواقع؛ فالمحاضرون يتكلمون وكأنهم في النرويج. ونسوا أنَّ الأمرَ مختلف ولا ألومهم؛ فحتى اليوم نُعاني من إخراج أناس يستطيعون حمل هُموم الناس وتحسين مستويات معيشتهم عبر إعادة النظر في التشريعات الحالية وإيجاد تشريعات جديدة تواكب النقلة التى حدثت في السلطنة.

كنتُ أتوقَّع من المحاضرين أن يُدرجو إحصائيات دقيقة لأعضاء المجلس في الدورات السابقة حسب الانتماءات التي دفعتْ بهم لقبَّة المجلس، وهنا أقصد كم مرشح قبلي ومستقل...وغير ذلك؟ وما هي إنجازاتهم إذا كانوا يرغبون في تنوير الناس؟ أمَّا أن نتحدث عن كيفية معايير اختيار المرشح الأنسب وكأننا في أوروبا، فهذا هو "حديث الطرشان" كما يُسمُّونه؛ فالكل يعلم أنَّ هذا الامر غير وارد في ولاية صلالة التي تحتدم فيها المعركة الانتخابية بناءً على معايير قبلية بحتة؛ فلا وجود لمرشح مستقل، وإن وُجد فلا أمل له في النجاح، ولا أظن أنَّ بقية ولايات السلطنة مختلفة عن ذلك.

حالياً.. أصبح المجتمعُ القبلي في ظفار أكثر وعيًا من حيث كون معظم المرشحين الذين نتوقع لهم حظوظا في انتخابات المجلس مُثقفين ويحملون مؤهلات عليا أو أشخاصا فاعلين في المجتمع، وهذا أمر حميد، ولكن: هل هذه الموضة "موضة حملة المؤهلات العليا" ستستمر؟ وهل هؤلاء المرشحون سيُغيِّرون الصورة النمطية التقليدية للأعضاء السابقين (مكتبة سيارته)؟

لا شك أنَّ المراة ذابت حظوظها في ظفار بانسحاب المرشحة الأبرز في صلالة من المعترك الانتخابي -حسب ما علمت- رغم أنَّها من سيدات المجتمع على مستوى السلطنة التي قدَّمت الكثير ولا تزال من خلال مركزها الحالي كمستشارة لوزيرة التربية والتعليم، ربما كُنا بحاجة للتغيير، وبالرغم من كونها مرشحة عبر تكتل انتخابي لا يُعوِّل على الجانب القبلي -حسب المعلن- بل يهتم بالجانب الشخصي للمرشح عبر تقييم دقيق قائم على لجنة كفوءة ومحايدة، إلا أنني أعتقد أنهم فقدوا الفرصة الوحيدة لظهور امرأة ظفارية جديرة بالاحترام والتقدير في هذا المعترك.

للأسف، فقد أصبح الصراع الانتخابي أداء لإظهار التكتلات القبلية نفسها من حيث الحشد لنيل أكبر عدد من الاصوات؛ وولاية صلالة هي الأبرز في هذا الجانب خلال الدورات الأربعة الأخيرة للمجلس؛ حيث هناك أعضاء نالوا آلاف الأصوات، وبعد الانتخابات لا نراهم إلا في مناسبات الأعراس والعزاء، أو ننتظره كما ننتظر هلال رمضان في الجلسات المفتوحة مع أصحاب المعالي الوزراء.. هذا إذا لم يتغيَّب، ويُوصي أحدهم ليقدم مطالبه.

alikafetan@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك