ضريبة الأغنياء

 

 

فايزة سويلم الكلبانية

 

faiza@alroya.info

 

كثرت الحوارات والنقاشات والجدل حول الحلول المقترحة لمواجهة الأزمة الاقتصادية، الناتجة عن انخفاض أسعار النفط وتأثيراتها، حيث إنّ العصر الذهبي للنفط أوشك على الانتهاء، والعجز سيتجاوز 5 مليارات ريال عماني مع نهاية العام الحالي، ولا زال الجميع يجتهدون في سبيل التوصل إلى حلول وطرق لدعم ميزانية الدولة لنتمكن من تجاوز هذا العجز، واقترحت العديد من الحلول التي قوبل بعضها بالتأييد ولقي بعضها المعارضة، لكن تبقى المسألة حساسة بشكل أكبر فيما يعنى بـفرض (الضرائب)، فمن الطبيعي إذا صدر قرار رسمي في الفترة القادمة بشأن تطبيق الضريبة على كافة المواطنين سواء كانت ضريبة على الدخل أو المبيعات أو غيرها أن يقابلها المواطن البسيط ذوي الدخل المحدود بالسخط وعدم الرضا، لأنّه فعلاً سيكون ضحية للخطط والإستراتيجيات التي لا يد له في صياغتها، فيدفع ثمن نتائجها غير المرضية نتيجة لسوء التخطيط تارة، واللامبالاة بعواقبها تارة أخرى.

 

ومن هنا لابد لنا قبل أن نُفكر في تطبيق نظام الضرائب من أن نفكر أولاً في آلية نحمي بها العائلات والشباب ذوي الدخل المتواضع والمحدود، بحيث لا يمسهم تطبيق القرار بضرر؛ لما ينتظرهم من متطلبات في الحياة المستقبلية، ومن هنا يبقى أمامنا حل أمثل يعنى بما يسمى بــ (الضرائب التصاعدية)، وتقوم فكرته على مبدأ تطبيق الضريبة على من يتجاوز دخله الشهري أو أرباحه الألف وخمسمائة ريال كحد أدنى كـ (مقترح) ممن لديهم الوفرة المالية ليساهموا في دعم العجز الذي قد يحدث في الموازنة العامة للبلد، مقارنة بالدخل البسيط الذي يتقضاه الموظف البسيط والذي قد لا يعينه على تلبية احتياجاته اليومية، وفي انتظاره مستقبل يرغب في تأسيسه من الصفر بمرتب شهري قدره 325 ريالا عمانيا كحد أقصى وفقاً لقانون القوى العاملة، وقد يزيد تدريجيًا وفقًا للمؤهل العلمي ولكن نادرًا ما يصل إلى الألف ريال، وفي بعض الدول يطبق هذا النوع من الضرائب بشكل مؤقت ويطلق عليها (ضرائب الأغنياء).

 

ما ندركه جميعًا أنّه ليس من العدالة أن نقوم بتعميم الضرائب على جميع الفئات والطبقات المجتمعية على حدٍ سواء وبنفس النسبة، لأنّه وببساطة في المجتمع تفاوت في الخدمات والممتلكات والدخل من فرد لآخر، فلا يعقل أن تكون نسبة الضريبة على دخل الموظف الذي يتقاضى 325 ريالاً هي نفس النسبة الذي تفرض على الموظف الذي يتقاضى أكثر من ألف ريال!، كما أنّه لا يمكن أن نفرض على الفرد الذي يمتلك سيارة واحدة متواضعة، نفس الضريبة التي نفرضها على الفرد الذي يمتلك سيارتين أو أكثر!، كما أنه لابد من فرض ضرائب نوعية على الأشخاص الذين يستقدمون عدداً كبيراً من العمالة الوافدة، وهكذا بالنسبة للعقارات والتعاملات التجارية وغيرها، وبهذا سنجد أن المواطن قد يتقبل القرار حينها برحابة صدر، لما يتحقق خلالها من عدالة مجتمعية وإنصاف. كما أنّه لابد وأن يتم تطبيق القرار على المواطن العماني والمقيم على حدٍ سواء والسبب نظراً إلى حجم الأموال الهائلة التي تحول إلى الخارج من قبل المقيمين.

 

الغريب أنّ الحال والوضع الراهن في مختلف الدول يسير عكس المنظومة التي من المفترض أن نسير عليها، فالمقتدر مالياً وذوي الوضع المالي العالي يعفى من أي ضرائب أو التزامات تجاه ما يجده من حقوق باهظة، وينعم بالرفاهية دون أن يطبق عليه شيء من القوانين التي غالباً ما تطبق على المواطن البسيط وذوي الدخل المتواضع أو المحدود ومنها الضرائب، فأي عدالة تلك التي نعيشها، وننادي بوقف سلسلة المطالبات في ظل هذه السياسات التي يدفع المواطن البسيط الذي لا حول ولا قوة له ثمن ما يفشل منها، وينعم المسؤولون بنعيم القليل الذي ينجح منها وتعود عليهم عوائدها الإيجابية.

 

ختاماً نقول إن الأوان قد آن لاتخاذ التدابير الاحترازية اللازمة التي تساعدنا على تقليص الصرف ومسايرة الوضع الجديد وأخص بالذكر مؤسساتنا الحكومية والتي وصلت لحد لا يطاق أحيانًا، فهل فعلا يلزم المسؤول أكثر من وسيلة نقل واحدة فارهة، وأكثر من سائق واحد ليقوم بعمله مهما كان مركزه الوظيفي؟، وهل نحن في حاجة إلى أن نسير وفد للاستفادة من تجربة الدول الأجنبية يضم أغلب موظفي المؤسسة وتصرف لهم بدلات وقد تتبعها مكافآت تفوق حجم المهمة وما سيعود على الوطن من وراء هذه المهمة، وغالباً لا نرى شيئًا يتحقق من مثل هذه المهمات إلا نادراً.

 

يلزمنا التفكير الجاد في أيّ قرار ودراسة تبعاته وتأثيراته على الفرد والمجتمع قبل إشهاره للمواطنين، ويجب مراعاة المواطن البسيط في مثل هذه القرارات، فالرواتب ليست متساوية بين الوزير والوكيل والرؤساء والموظف العادي، إنما تتفاوت، ولذا فأي قرار يصدر عن المعنيين للشارع العماني لابد من مراعاة الرأي العام فيه وإخضاعه لآراء المتأثرين الحقيقيين به وبتبعاته.

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك