تربويون: توظيف برامج الأطفال الهادفة ينهض بالنشء.. والمجتمع بحاجة لقنوات متخصصة بصبغة محلية

 

 

◄ التاي: حُسن اختيار البرامج يعزز مدارك الطفل

◄ الكلباني: زيادة الهوة بين الطفل والأسرة من سلبيات التليفزيون

◄ الزعابي: التليفزيون "خبز يومي" على موائد الأطفال ينبغي ترشيده

◄ الحارثي: المحتوى الهادف يغرس الأخلاق الحميدة والمبادئ في نفس الطفل

◄ الهنائي: تنمية مهارات القراءة تقضي على سلبيات التليفزيون

◄ الهنائية: مخاطر التليفزيون "تفتك بالعقول" مع انعدام رقابة الأسرة

 

 

 

اتَّفق خبراءُ تربويون على أهمية توظيف برامج الأطفال الهادفة نحو النهوض بالنشء، وتوعيته وفق قيم وعادات المجتمع المحلي.. مشيرين إلى أنَّه بات من الملح تأسيس قنوات أو تنفيذ برامج أطفال متخصصة بصبغة محلية تتماشى مع طبيعة المجتمع العماني وتتحدث بلغته.

وحذَّر الخبراء من مغبَّة ترك الأسر للأطفال أمام التليفزيون لساعات طويلة، بحُجَّة تخليص الأعمال المنزلية، وانشغال الأطفال بها.. مُنتقدين غياب دور الأسرة في اختيار المحتوى المناسب لأبنائهم.

وقالوا -في تحقيق لـ"الرُّؤية"- إنَّ الآباء مُطالبون باتخاذ الحيطة والحذر إزاء البرامج المختلفة التي يُتابعها الأطفال، لاسيما تلك التي تتضمَّن محتوى يحضُّ على الكراهية والعنف، فضلا عن عدم السماح لهم بمشاهدة محتوى لا يتناسب مع أعمارهم.

 

الرُّؤية - مُحمَّد قنات

 

 

 

 

وقالت دكتورة نادية التاي إخصائية الطب النفسى: إنَّ التليفزيون من أهم وسائل الإعلام والاتصال؛ نظراً لما يقدمه من برامج هادفة لتنشئة الطفل. لكنها استدركت بالقول: إنَّ الجلوس أمام التليفزيون لساعات طوال يؤثر سلباً علي عقول الأطفال، كما أنه يتسبَّب فى تدنِّي التحصيل الدراسي وقلة عدد ساعات النوم والإرهاق والإصابة بالقلق، وربما يصل إلى مرحلة الاكتئاب والأحلام المزعجة وارتكاب أعمال عنيفة. وأضافت بأنَّه يتعيَّن على الأسرة مُراقبة الأطفال وتخصيص ساعات مُحدَّدة للمشاهده، بجانب اختيار البرامج المفيدة التى تتناسب مع أعمارهم؛ من خلال مشاهدة البرامج التى تقدم المعلومات المفيدة، وتقوي النواحي الثقافية والفهم الاجتماعي. وأوضحت أنَّ الآباء ملزمون باختيار القنوات التي تناسب الأطفال، مع الوضع فى الاعتبار أنَّ وجود برامج تقدم للأطفال في التليفزيونات العربية تمَّ إنتاجها في دول أجنبية، وتستخدم الرسوم المتحركة إلى جانب بعض المسلسلات والأفلام التي لا تليق بقيم المجتمع المحلي.

وقال عبدالله بن علي الكلباني إخصائي اجتماعي: إن شاشة التليفزيون تستطيع أن ترسخ لدى الطفل مجموعة من المبادئ والقيم؛ وذلك عن طريق برامج الترفيه والترويح.. مضيفا بأنَّ غالبية البرامج التليفزيونية تثير رغبة وحماس الطفل بشكل غير عادي؛ مما ينعكس بصورة واضحة على شخصية الطفل، وتجعله يتطبع بها فى تصرفاته وأفعاله داخل البيت والمجتمع بشكل عام؛ لذا يتعيَّن على جميع الآباء والأمهات العمل على ترسيخ القيم والعادات والمبادئ الفاضلة في بيئة الطفل، بشكل مستمر وراسخ، وصرفه عن البرامج غير الصالحه بقدر الإمكان.

 

تفاعل مستمر

وتابع الكلباني بأنَّ التليفزيون يُقلِّل ويقلِّص العلاقة بين الطفل والأسرة؛ حيث إنَّ الطفل دائما بحاجة إلى التفاعل المستمر مع والديه وإخوته من خلال الجلوس والتحدث واللعب معهم، لكن على النقيض يتحول التليفزيون إلى وسيلة لإلهاء الطفل، كما أنه عندما يريد الطفل اللعب أو التحدث، أو حتى البكاء، يسعى الآباء لإسكاته وربما بطريقة عنيفة وبقسوة لفظية أو بالضرب أحيانا؛ نظرا لأنَّ الجميع يريد التركيز على التليفزيون ومشاهدته، وهذا يؤثر سلبا بشكل كبير على العلاقة الودية بين الأسرة والطفل التي يكون الطفل بحاجة ماسة لها.

فيما قال سامى الزعابى -مُعلم- إنَّ التليفزيون دَخَل كلَّ بيت وكل الغرف، ووصل درجة أنه أصبح خبزاً يوميًّا يتناوله الأطفال مع وجبات الطعام، وآخر ما تلتقطه عيونهم قبل النوم؛ حيث يتشرَّبون منه سلوكياتهم وأفعالهم اليومية، محاولين تقليد كل ما يصدر عنه دون وعي، ومن الملاحظ أن الأسرة حين تترك ابنها فريسة لهذا الجهاز، فإنها تضعه أمام تأثيره القوي بالصوت والصورة، بكل ما يحتوي على مشاهد عنيفة ومخلة بالأخلاق.. مشيرا إلى أنَّ دراسات أثبتت أن برامج الأطفال تظهر مشاهد عنف أكثر بـ50-60 مرة من برامج الكبار، ولا يخلو الأمر من أفلام الكرتون التي تتضمن أكثر من 80 مشهدَ عنف في الساعة.

وأكد الزعابي أنَّ التليفزيون يُؤثر بالسلب أو الإيجاب على تنشئة الأطفال حسب المحتوى، كما أنَّ جلوس الطفل كمتلقٍ دائما قد يلقي به في نفق العزلة وعدم التفاعل مع أقرانه من الأطفال.. لافتا إلى أنَّه يُمكن توجيه الطفل إلى البرامج المفيدة حتى تكون الاستفادة إيجابية؛ وذلك من خلال إغلاق القنوات غير المفيدة وتعويد الطفل على مشاهدة كل ما هو مفيد وهادف، كما أنَّ جلوس الأطفال لساعات طويلة أمام شاشات التليفزيون غالبا ما يكون سلبيا، وهو غالباً ما يحرم الطفل من التفاعل مع أقرانه ويضعه في عزلة وانطواء، ويؤثر سلبياً على شخصيته على المدى القريب والبعيد.

وتابع بأنَّ الأطفال يمكن أن يُشاهدوا البرامج التعليمية والتفاعلية وبرامج المسابقات خاصة المتعلقة بالقرآن واللغة (كمسابقات الشعر مثلا)، موضحا أن مثل هذه البرامج يُسهم في تثقيف الطفل بالشكل المطلوب. غير أنه استدرك بأن التليفزيون يمكن أن يُؤثر فى سلوكيات الأطفال؛ إذ إنه في فترة من الفترات يلاحظ تأخر النطق لدى أحد الأطفال؛ فذلك ربما يرجع لمشاهدته للتليفزيون بشكل دائم. وتابع بأن هناك طفلا يشكو أهله من كثرة عنفه، وبالتحري تبيَّن أنه يُشاهد قناة تعرض كثيرًا من العنف بأفلام الكرتون، ودعا الآباء إلى التقليل من استخدام التليفزيون لمدة (1-2) ساعة يومياً، مع الاهتمام بنوعية البرامج، وأن يجعلوا أجهزة التليفزيون وألعاب الفيديو خارج حجرات الأطفال وضرورة التعرف على محتوى البرامج التي يشاهدها الأطفال، حتى لو كانت مخصصة لهم.

 

آثار سلبية

وقال عوض بن راشد بن سيف الحارثي: إنَّ للتليفزيون آثارا سلبية وأخرى إيجابية؛ حيث تتركَّز الآثار السلبية في القنوات التي تبث البرامج التي تؤدي إلى ضياع توجه أبنائنا ونسيان العادات والتقاليد التي تربى عليها منذ الصغر؛ إذ بات الشاغل الأكبر للطفل برنامج أو مسلسل ما تعوَّد عليه في سلوكه وحركاته؛ فنجد الأم أو الأب غير قادرين عل فعل شيء تجاه هذه المشكلة، إلا أن يمنعوه من المشاهدة، فيقابل ذلك بعناد كبير من الطفل، وتجده غير مهتم بالدراسة أو بإطاعة أوامر والديه.

وحول الآثار الإيجابية، قال الحارثي إنها تتمثل فى مشاهدة البرامج المفيدة التي يتعلم منها الطفل مبادئه التي تربى عليها أو التي تساعده في تعلم بعض المواد الدراسية أو البرامج التي تفيده في تطوير الموهبة لديه.

وأضاف: يجب أن تكون البرامج المقدمة في التليفزيون ذات محتوى هادف وتسهم في تعليم الطفل المبادئ الحسنة، وتطور من مستواه التعليمي، وتسعى لتطوير موهبته وتقديم النصح له. وزاد الحارثي بأنَّ معظم الأطفال يعانون من ضعف النظر وهم في مقتبل العمر، والسبب أولاً وأخيراً يعود لطول فترة مشاهدة التليفزيون؛ حيث يجب على أولياء الأمور عمل برنامج خاص لمشاهدة أطفالهم للتليفزيون.

وذهب حامد الهنائى إلى أنَّ التليفزيون لم يعد أداة من أدوات التسلية فقط، بل أصبح من أهم العوامل التي تؤثر على تنشئة الطفل اجتماعياً في مختلف مراحل تطوره.. مشيرا إلى أنَّ مشاهدة التليفزيون لا تتطلب معرفة القراءة والكتابة، وفي كثير من الأحيان يستطيع الطفل مشاهدة التليفزيون قبل أن يستطيع الكلام، إضافة إلى الوقت الذي يقضيه الطفل في مشاهدة التليفزيون والذي يفوق في كثير من الأحيان الوقت المخصص للقراءة أو اللعب، وهذا ما دفع بعض الباحثين إلى القول بأنَّ التليفزيون هو الوالد الثالث فهو يأتي في المرتبة الثالثة من حيث الأهمية بالنسبة للطفل وذلك بعد الأم والأب.

 

مخاطر المحتوى

ومَضَى قائلا بأنَّ الخطورة الأكبر تتمثل في الأفلام والمسلسلات الأجنبية التي تم إنتاجها في بلدان تتباين ثقافتها وتركيبتها الاجتماعية عن تلك المحلية، كما تكمُن الخطورة في المضمون الذي تركز عليه هذه الأفلام والمسلسلات.

بينما اعتبرَ على الهنائي التليفزيون أحد المؤثرات الأساسية بعد الأسرة والمدرسة في عملية التنشئة الاجتماعية؛ من خلال ما يقدمه من معلومات ومعارف، قد تؤثر في معتقدات الطفل وقيمه وميوله واتجاهاته ومعارفه. وأضاف بأنَّ للتليفزيون آثارًا اجتماعية إيجابية، مثل توفير جو متغير للأسرة، وإبراز المواهب الجديدة، كما أنَّه قد يُساهم في إرساء القيم والعادات الاجتماعية والثقافية وتغيير سلوك الأفراد إلى الأفضل، إذا ما خُطِّط له بشكل سليم وإيجابي.

وزاد بأنَّ للتليفزيون آثارًا سلبية سيئة على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال والشباب بشكل خاص، ويتمثل ذلك في طول فترة الجلوس أمام الشاشة، وهو ما يضر صحتهم العقلية والبدنية، كما يؤثر على السلوك الاجتماعي من حيث الميل للعنف والعدوان والانحراف؛ إذ يقلدون ما يشاهدون من أفلام العنف والجرائم.

وقال مصعب البلوشى: هناك انتقادات كثيرة على ما يُعرض في شاشات التليفزيون من برامج وأفلام لما لها من أثر على سلوك المشاهدين، خاصة وأنَّ الأطفال هم أكثر تقليداً للسلوك السلبي قبل الإيجابي؛ حيث من الملاحظ أن الأولاد يفضلون السلوك السلبي بمشاهدة أفلام العنف والجريمة...وغيرها، وهم يستمتعون بها أكثر من البنات.

واستطرد بأن الأسرة تؤدي دوراً كبيراً في السيطرة على تأثير التليفزيون على سلوك الأطفال الاجتماعي.. مشيرا إلى أنَّ الأطفال الذين يستمتعون بمشاهدة برامج التليفزيون ذات السلوك الاجتماعي السلبي هم أبناء لأولياء أمور يستمتعون هم أيضا بهذه البرامج، وهو ما يؤكد أن دور الوالدين أساسي في إرشاد الأطفال إلى السلوكيات الإيجابية والابتعاد عن تقليد السلوكيات السلبية.

 

الفتك بالعقول

ورأت شيخة زاهر الهنائية أنَّ التليفزيون أشد خطرا ومن أكثر الوسائل فتكا بالعقول؛ لذلك يجب أن تتم مشاهدة الأطفال له تحت أنظار ورقابة الأسرة دون تهديد أو وعيد، كما يجب على الوالدين أن يرشدا طفلهما إلى ضرورة الاطلاع على كل ما هو مفيد ومثرٍ لعقله، مثل البرامج الثقافية والبرامج التي تُعنى بتقديم معلومات عن الحيوانات والبرامج العلمية والدينية، وحتى برامج الأخبار. وأضافت بأنَّ الوالدين يستطيعان مشاركة الطفل فيما يشاهده، ويحاولان معه البحث عن البرامج الهادفة بطرق جذابة غير منفرة، وعليهم أيضاً أن يطلبا من طفلهما أن يُسهب في الشرح عن برنامج ما قاموا بمشاهدته معا لتعزيز ثقته بنفسه وتحسين إدراكه للثقافة الأخلاقية الفاضلة. وأضافت الهنائية: "نحن الآن في عصر لا يمكن لنا منع الأطفال من التمتع بوسائل الاتصال الحديثة، ويأتي التليفزيون في مقدمة هذه الوسائل؛ لذلك كل ما علينا فعله كأسرة توضيح الصالح من الطالح عند البحث عن قنوات مفيدة".

تعليق عبر الفيس بوك