ثلاثة تساؤلات في مدارس الطالبات

عيسى بن علي الرواحي

وجود الباعة الأجانب وعمال النظافة في مدارس الإناث، وقرار كاميرات المراقبة بالحافلات المدرسية كانت تساؤلات شغلت كثيرًا من أولياء الأمور والمعنيين بالأمر، وقد أثارت وسائل التواصل الاجتماعي هذا الموضوع مؤخرًا باستغراب واستياء شديدين وحُملت فيه وزارة التربية والتعليم المسؤولية التي قيل إنّ مثل هذه الإجراءات مدعاة للفساد واعتداء على الأخلاق والفضيلة داخل الصروح التعليمية.

ومع تقديرنا للغيرة التي يُبديها مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، وأنّها أمر محمود فهي من صميم الدين والأخلاق، كما أنّ القضايا المجتمعية تعني جميع أفراد المجتمع، فإنّنا قبل ذلك نؤكد أهمية الالتزام بأمانة الكلمة، وأخذ المعلومات من مصادرها الرئيسة، والتأكد من صحة ما يُنشر من رسائل؛ ذلك أن كثيرًا مما تتناقله وسائل التواصل من أخبار إنّما هي شائعات وأحاديث مكذوبة بعيدة عن الواقع.

والتزامًا بأمانة الكلمة ودورنا في إيضاح ما قد نكون معنيين بتوضيحه خاصة عندما يكثر الأخذ والرد في بعض المسائل المعنية، فإنّ ذلك يبدو أمرًا لا مناص منه، وحديثنا سيكون مقتصرًا على ثلاثة إيضاحات ناتجة من استياء وتساؤلات أبداها بعض أولياء الأمور ومستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي.

ففيما يتعلّق بوجود عُمال نظافة داخل مدارس الإناث فإنّ ذلك من حيث الأنظمة واللوائح غير موجود، بل هو ممنوع قطعًا، فعقود أعمال النظافة التي تُبرم بين وزارة التربية والتعليم وشركات النظافة تُلزم أصحاب هذه الشركات بتوفير عاملات نظافة خلال فترة الدوام الرسمي بمدارس البنات ومدارس التعليم الأساسي المختلطة في الحلقة الأولى، ويمكن توفير العمال بعد نهاية الدوام الرسمي، وإن حدث وجود عُمال نظافة بمدارس الإناث في فترة الدوام الرسمي؛ فقد يكون ذلك تجاوزًا سافرًا تسببت فيه إدارات المدارس التي تسمح لهم أو تستدعي وجودهم فترة الدوام الرسمي للقيام بأعمال النظافة وغيرها.

ومهما دعت الحاجة لذلك فلا يحق في حقيقة الأمر أن تقوم بعض إدارات المدارس بمثل هذا الإجراء، فهي ليست طرفًا في العقد المبرم إضافة إلى كونه يتعارض مع أحد بنوده، ناهيك عن كونه سلوكا مرفوضا، كما لا يحق لصاحب شركة النظافة أن يخرق العقد المبرم بينه وبين المديرية التعليمية التابعة للوزارة، وإن سلمنا بعدم التزام صاحب شركة النظافة بتوفير عاملات نظافة داخل مدارس الإناث وتم الإبلاغ عن ذلك، فإنّ المحكمة المختصة تقوم بالفصل في هذا الشأن.

وفيما يتعلق بوجود الباعة الأجانب داخل المقاهي المدرسية بمدارس الطالبات، فسعيًا من الوزارة ممثلة في المديرية العامة للبرامج التعليمية إلى تحسين الوجبة الغذائية المُقدمة لأبنائنا الطلاب تم تشجيع إدارات المدارس وحثها على تأجير مباني المقاصف المدرسية لأصحاب المؤسسات الصغيرة بحيث تكون عملية إعداد الوجبات الغذائية داخل المدرسة وفق أسس واشتراطات تضمن جودة التغذية وسلامتها، وتضمن حق الجميع، وتراعي القيم والآداب والأعراف، وفيما نحن معنيون بإيضاحه في هذا الصدد فإنّه في حال تمّ تأجير المقصف المدرسي التابع لأيّ مدرسة من مدارس الإناث؛ فإنّه لابد من أن يلتزم صاحب المؤسسة بتوفير عاملات يقمن بعملية البيع للطالبات، ولا يسمح بأن يقوم بهذه العملية أحد العمال، وإذا ما حدث ذلك فإنّه يُعد خرقًا للاتفاق، ويجب اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه المستثمر، ولا يمكن أن يحدث ذلك بدون علم وموافقة إدارة المدرسة.

وفيما يتعلق بقرار تزويد الحافلات المدرسية بكاميرات مراقبة، فسعياً من الوزارة واستكمالاً لجهودها في تحسين وسائل نقل الطلبة وتهيئة سبل الراحة والأمن والسلامة لهم، فقد صدر هذا العام قرار بإحلال الحافلات المدرسية الواقعة بين سنة الصنع من (1970_ 1995م) مقابل استبدالها بأخرى جديدة من نفس سنة الصنع الذي يتم فيه التغيير، ويحتوي القرار على عدة بنود واشتراطات بين الطرفين، وما يهمنا في هذا السياق هو الجزء الأخير من الشرط الثالث في بند اشتراطات وسيلة النقل المدرسية والذي ينص على توفير أربع كاميرات جانبية وكامرتين داخليتين في الحافلة المدرسية، وهذا الشرط هو ما أثار استياء البعض في خطورة وجود كاميرات بتقنية عالية عند نقل الطالبات.

ومع تسلمينا بأنّ هذا الشرط يأتي ضمن اشتراطات الأمن والسلامة في وسائل نقل الطلبة، كما أنّه يحقق مصلحة صاحب الحافلة في سهولة معرفة من يُثير الفوضى والشغب داخل الحافلة أو من يُحاول إتلاف بعض مرافقها؛ فإنّ هذا البند لا يخلو من التحفظ، والمطالبة بإعادة النظر فيه.

ففي حال أسيء استخدام الكاميرات من قبل صاحب الحافلة أو سائقه وهي تحمل تقنية عالية من التسجيل صوتاً وصورة، وفي ظل الطفرة الهائلة في تقنية التواصل؛ فإنّ ذلك ستكون له آثاره السيئة، وعواقبه غير المحمودة، وعليه فإنّ من باب سد الذرائع ولأنّ الوقاية خير من العلاج، كما أنّ إثارة الشغب والفوضى داخل الحافلات المدرسية، والقيام بالعبث والتخريب فيها أكثر ما يكون من طرف الطلاب الذكور؛ فإنني أرى أن تستثنى الحافلات التي تنقل الطالبات من هذا الشرط... والله المستعان.

issa808@moe.om

تعليق عبر الفيس بوك