"الأحمر".. و"المؤلفة قلوبهم"!

أحمد السلماني

كثيرةٌ هي العواصف التي مرَّت على سفينة الكرة العمانية، خاصة في السنوات الأخيرة، ورغم أنَّها تعبر المحيطات بشراع ممزق ومرقع ومجداف مكسور، إلا أنها -وبمنتخبها الأحمر- لا نزال تمخر عباب بحار آسيا في التصفيات المزدوجة المؤهلة لروسيا وأبوطبي الشقيقة بثبات.

وقد أُتهم بالمبالغة في تصويري لحالها، ولكنها الحقيقة المُرَّة التي لا بد من تقبلها بعد أن تجنَّى عليها كل من وضع يده على مفاصل دورة عملها وقراراتها ما بين اتحاد وأندية ورابطة دوري وإعلام "الكوبي بيست"، وزُمرة أخرى لم تستوعب أنها خارج لعبة الكراسي الموسيقية؛ فنذرت نفسها فيما تبقَّى من تاريخها الكروي لمحاربة وانتقاد العاملين عليها، ولسان حالهم يقول ألا ينطبق علينا حال"المؤلفة قلوبهم"، والجواب يقول: "صعب جدًّا في ظل أزمة مالية حادة"؛ فهلا صَمَتُّم قليلا وتركتم الناس يعملون. هالتني وصدمتني حقيقة بعض التغريدات والتعليقات بوسائل التواصل الاجتماعي التي كانت تتمنى خسارة المنتخب نكاية في مدربه واتحاد الكرة!

ياسيِّدي قُل خيرا أو اصمت، هذا مُنتخب يحمل شعار وطن وسلطان وشعب عريق، ونحمدالله سبحانه وتعالى أن جواب أبناء هذا الشعب العريق كان صادما ومجلجلا لهذه الزمرة بالحضور المعقول والجيد للجماهير العمانية بالمدرجات والتي تناست كل شيء وزحفت لاستاد السيب خلف المنتخب، في مشهد فقدناه منذ سنوات، والأجمل كانت الصورة الجميلة للجمهور المتفاعل والذي ارتقى فوق كل شيء، وأخذ يشجع ويحفِّز اللاعبين حتى مع فشل نجمهم المحبوب عماد الحوسني في التسجيل وإضاعة الفرص الكثيرة التي أهدرها، إلا أنَّ الجماهير كانت تصفق له في كل مرة ليستعيد اللاعب الثقة، ويهز شباك الخصم، ويهرول مسرعا باتجاه الجماهير التي ارتقت لمستوى وأهمية المباراة؛ فارتقى معها نجوم الأحمر.. فهل استوعبت مجموعة "المؤلفة قلوبهم" الدرس؟ وهل ستُعيد حساباتها في قادم التصفيات؟ فالمشوار طويل وأحمر عمان بحاجة إلى الدعم الجماهيري الذي هو الآخر بحاجة إلى ما يحفزههم على الحضور، خاصة عندما نواجه المنتخب الإيراني -أعتى منتخبات آسيا- وأولها أن يرد اللاعبون الدين بتقديم مستويات جميلة؛ حيث ومن قبيل الأمانة فقد كان خط دفاع المنتخب مهزوزا ومتفككا ووضحت جليا الثغرات الكبيرة التي يعاني منها، ولولا براعة الأمين علي الحبسي، وعودة ألقه لحدث ما لا نتمناه، كذلك ما زلت لا أرى سببا في إصرار اتحاد الكرة على أن تستقطع الجماهير تذاكر للدخول، ولم لا تفتح الأبواب على مصراعيها؛ فجماهير المنتخب لا تزال على ودها وعشقها للأحمر؛ فالمقابل على مؤسسة الاتحاد أن تعيد النظر في رسوم الدخول، فما عودة ألق الحبسي ورائد وعيد، وعودة الحس التهديفي للعمدة، إلا بتوفيق المولى سبحانه والدعم الجماهيري الكبير لهم.

كلُّ الأماني لمنتخبنا الوطني في قادم المباريات، والتأهل لن يتأتى إلا بتلاحم المنتخب والجمهور والإعلام؛ فإدارة المنتخب عليها مسؤولية كبيرة في توفير متطلبات الفوز؛ أهمها: المباريات الودية التحضيرية القوية التي ظهر جليًّا حاجة المنتخب لها بعد التراجع الكبير في معدلات اللياقة البدنية، والانسجام بين خطوط الفريق، كما ينبغي أن يتناغم الإعلام المسؤول مع تطلعات المنتخب والجماهير، وأن يتعاطى مع الأحداث بمسؤولية وتحرٍّ أكبر للحقيقة، وأن لا ينساق وراء "المؤلفة قلوبهم"؛ فهؤلاء مُحبُّون وعاشقون للأحمر، ولكنهم فقدوا البوصلة قليلا، وسيعودون لأنهم -وفي يوم ما من تاريخ الكرة العمانية- كانوا خلايا لكرات دم بيضاء في وريد المنتخب... قادمون يا جوام!

تعليق عبر الفيس بوك