بأي ذنب ... يموت!!

يوسف بن علي البلوشي

yousuf@alroya.info

تناقلت وسائل الإعلام صورة الطفل الملقى على البحر منكبًا على وجهه وعمره يشارف الأربع سنوات، لأي سبب قتل، ولأي ذنب يلاقي هذا المصير في محاولة فاشلة للهروب من الواقع المؤسف ومن ثمّ لترمي به الأقدار على ضفا البحر، حتى أهوال البحر وحيتانه كانت ألطف به وعزفت عن نهش جسده احترامًا للبراءة الإنسانية والطفولة النضرة التي للأسف هتكت بسبب الحروب والخلافات.

ولم تف كلمات الشعراء والكتاب والإعلاميين وصفًا ومواساة لحزن عميق يواسي النكبة الإنسانية التي تتعرض لها الدول بسبب الخلافات والحروب والصراعات المدوية، وكان للشاعر فايز الشمري بيتا جميلا قال فيه "دع الناس في حالهم وارتحل.. مكانك في جوف طير هناك.. دع الأرض للموت وأصعد.. إلى سماء الحياة تجد مبتغاك"، أو فعلا كما قيل لاشيء يُمكن أن يختصر المشاعر المصاحبة لصورة الطفل السوري الغريق على أحد شواطئ تركيا وحده، مرميّ على شاطئ بودروم، بعد مقتل تسعة مهاجرين سوريين إثر غرق قاربهم.

الطفل وحده، مرميّ على شاطئ بودروم التركي بقيت له سُترته الحمراء وسرواله الأزرق فقط. حتى وجهُه انقلب لتُلامسه الأمواج، وجع الطفل هذا، الذي تشاركه معه حوالى 300 ألف لاجئ عبروا المحيطات هذا العام، محاولين الوصول إلى أوروبا، قُتل أكثر من 2500 منهم، هربوا من موتٍ، فلاقاهم موتٌ آخر.

وبحسب ما تناقلته وكالات الأنباء ضمن سلسلة محاولات في أسبوع دامٍ على اللاجئين الباحثين عن أملٍ تشبّثوا به في ألواحٍ في عرض البحر، علّهم يحيون. انتشرت منذ يومين أيضاً، صور لأربعة أطفال توفّوا وهم في طريقهم إلى "رحلة الموت".

تعتصر الشعوب لمثل هذه المشاهد، وتبكي غيرها حسرة أن تزف الأوجاع وتسحب الجنائز على طريق الردى لأسباب واهية وعقول عنيدة لا تحسب لهذه الأحداث توابع قراراتهم وأمزجتهم.

بعيدًا عن أشعار العروبة الجارفة، ونزف المشاعر الموجعة، على المنظمات الإنسانية والدولية ودول العالم والأمم المتحدة ومجلس الأمن أن يتخل في حسم كل هذه الأوضاع التي بدأت تقض المضاجع وترهق الفكر وتشتت العقول، بل وتفتك بالبشر وتطعن مكامن الإنسانيّة، وتزهق الأرواح بلا ذنب أو سبب.

ويجب على الدول العربية أن تتعاضد لحل مثل هذه الأزمات التي تودي لشتات الشعوب وفرقة الأمة ويجب أن يكون التدخل لإيجاد صيغ السلام وإيقاف مشاد العنف المختلفة في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى الهدوء والاتزان لتلفظ أنفاسها وتلم شتاتها، إلى أن يشاء الله، حفظ الله أوطاننا وبعث فيها الأمن والأمان وحفظ عمان وقائدها من كل مكروه.

تعليق عبر الفيس بوك