عـالم يغـرق تحت أكوام النفايات


د.سعـد بساطـة/استشاري
SADBSATA@GMAIL.COM

لعـل توسـّع انتشار الميديـا وسرعـة تواصلها مع الحدث جعـلت أحداثـا قد تبدو محليـّة لأول وهلة تنتقل لمصاف الإقليمية والدولية ببساطة وسرعـة!
أكبر مثال عـلى ما أقول: " أزمة نفايات لبنان" والتي تفاقمت حتى ملأت تراكماتها بيروت العاصمة الوادعة، وزكمت روائحها الأنوف.
وهذا يدعـوني للحديث عـن النفايات بشكل عـام، وأعـرّج عـلى نفايات لبنان..للكائن الحي ثلاثة أنواع من النفايات (سائلة، وصلبة، وغـازيـّة)، عـدا التلويث بالضجيج والتلويث البصري!.
ويفرز الفرد بالمتوسط يوميًا [20-35 ] كغ نفايات صلبة ((خارج موسم الملوخـيـّة!))...
استهل أحد الأكاديميين محاضرته عـن الأثر البيئي للنفايات باستعـراض حيّ لما ينتجه الفرد، فرمى بصحيفة قديمة وأتبعـها بزجاجة عـصير؛ وأردفهما ببقايا تفاحة وغلاف شطيرة ثم علبة سجائر وتتابع الأمر، فكانت النتيجة كومة من النفايات تم تكوينها في دقائق!.
وهذه النفايات تصدر روائح وإفرازات وتفرّخ حشرات، ناهيك عـن شكلها المنفـّر وصعـوبة التعـامل معـها مع التقزز من شكلها.. تقوم الدول المتقدمة بفرز النفايات: عـضوية، ومعـدنية، وبلاستيكية، وورق، ولكل واحدة استعـمالاتها(العـضوية للسماد، والمعـدنية للفرز وإعـادة الاستعـمال، وكذا البلاستيكية، أما الورقية فلإنتاج ورق معـاد تدويره تلتهمه مطابع الصحف يومياً). وهنالك الحرق (بشكل ممنهج وبعـيداً عـن التجمعـات السكنية).
أما عـن المطامر ففي المناطق البعـيدة عـن المدن وبعـمق مناسب وبشكل مدروس! نادت منظمات حماية البيئة (أو الخضر) بشعـار مكوّن من أربع أحرف (R) ومفاده:
Recycle: إعـادة استعـمال تلك البقايا بعـد فرزها وتدويرها.
Respect: احترام البيئة والمجتمع الذي نقطنه.
Reduce: التخفيف من الإسراف والهدر ما أمكن، وترشيد استخدام المواد والطاقات غـير المتجددة.
Reuse: إعـادة استعـمال الكثير من الأشياء (الكيس، والكتابة عـلى ظهر الصفحة..إلخ..).
ليس هنالك علاج صحيح وآخر خاطئ لمشاكـل النفايات، ولكن ترك المشكلة تتفاقم والنفايات تتراكم:هــو ما أفرز تلك الكارثة البيئية في منتصف موسم السياحة ببيروت!
في بلادنا - وللأسف - ثقافة رمي الفضلات بالشارع منتشرة، ونعـتبر الموضوع طبيعـياً للغـاية! وهنا من الجدير بالذكر أنّ مسقط تصنـّف من أنظف عـواصم العـالم، عناية فائقة من قبل البلديات، وانصياع المواطن للتعـليمات، ففي النهاية يدُ واحدة لا تصفـّق، أو ( It takes 2 to Tango)!
أذكر حين كنت طالب هندسة متدرّب ببريطانيا (بداية السبعـينيات) عندما ناداني رئيس القسم؛ وحاضر فيّ حول ضرورة استخدام ورق المسودة للمراسلات الداخلية، والاقتصار في المراسلات الخارجية عـلى الورق الفاخر (ولا أنسى مدى تفاجئي بذلك الإجراء في دولة كانت تـُعـتبــَر إمبراطورية قبل سنوات قليلة)!!
وفي أستراليا يتم دفن البقايا العـضوية (قشور تفاح وبطاطس،إلخ) في القسم الخلفي من الحديقة Backyard، حلاً للمشكلة وتحويل تلك الفضلات لسماد عـضوي ممتاز، ولاننسى إعـلان سلسلة متاجر كبرى (لن أذكر اسمها خشية "الدعـاية")عـن اقتصارها عـلى استخدام الأكياس الورقية لسلعـها، وإلغـاء استعـمال البلاستيـكية منها (عـدوة البيئة)! وقد حذت حذوها سلاسل عـديدة..
في تونس، أعلنت السلطات: كل مبنى سكني يحافظ عـلى نظافة رصيفه، ويزرع بعـض الزهور الملونة عـلى الشرفات يـعفى من رسوم البلديـة.. إجراءآت وحوافز ؛ وحلول لتخطي المشكلة، علـّنا نوفـّق بالوصول للقرار السليم..
في إحدى الدول (أثيوبيا عـلى ما أعتقد) اتهم المتظاهرون بعـض السياسيين الفاسديـن بأنّهم "زبالة"... فهل يا ترى الحل بإعـادة تدويرهم، أم بالحرق مع المجازفـة بتصاعـد غـازات سامة!!!.

تعليق عبر الفيس بوك