انتفاضة المشتركين ضد شركات الكهرباء!

سيف بن سالم المعمري

saif5900@gmail.com

في الوقت الذي يتطلع فيه المستهلك لخدمات تقدم له بأقل تكلفة ممكنة وبمستوى عال من الجودة مع التنافس بين المؤسسات التي تقدم الخدمات وخاصة في قطاعات الكهرباء والمياه والاتصالات، وما إن يخرج المستهلك من عسر أزمة خدمة ما حتى يأتي إليه عسر آخر في خدمه آخر تنغص عليه معيشته وتربك حساباته وتعهداته ونمط أستهلاكه.

لقد استبشر المستهلك في السلطنة خيرًا حينما قررت الحكومة تخصيص قطاعات الكهرباء والماء لتحل مشاكل الانقطاعات المتكررة في الكهرباء والمياه ولتقدم خدمات تنافسية للمستهلك بجودة عالية، حيث تمّ إنشاءهيئة تنظيم الكهرباءبموجبالمادةرقم (١٩) منقانونتنظيموتخصيصقطاعالكهرباءوالمياهالصادربالمرسومالسلطانيرقم (٧٨/٢٠٠٤) فيأغسطس ٢٠٠٤م.

وبعد مضي عقد من الزمان لا يزال قطاعي الكهرباء والمياه في السلطنة لا يحظيان بثقة المستهلك ولا يلبيان الحد الأدني من تطلعاته في الحصول على خدمة سهلة وميسّرة وجودة عالية ومع كل أزمة وأخرى يبقى المستهلك هو الضحية فإما أن يدفع المستحقات وإما أن تقطع عليه الخدمة! وإما أن يرفع شكوى وعليه الانتظار..!

جاءتانتفاضة المستهلكين ضد الشركات المزوّدة للكهرباء بجميع محافظات السلطنة لتؤكد هشاشة شركات الكهرباء،وعدم إحساسها بالمسؤوليّة وعدم الالتزام بتعهداتها للحكومة في تقديم خدمة نوعيّة للمستهلك تليق بحجم تطلعاته، بل جاءت ردود بعض تلك الشركات على الارتفاع المريب لفواتير الكهرباء والماء لشهر يوليو الماضي غير مقنعة، وتدل على أنها غير جادة في إرضاء المستهلك، فتبرير أسباب ارتفاع الفواتير بدرجات الحرارة العالية وإجازات الموظفين محاولات يائسة لاستغفال المستهلك والتنصّل من المسؤولية.

ولعلي هنا أتسأل: ما الفرق بين المستهلك والمشترك؟ لماذا تستخدم شركات الكهرباء والماء والاتصالات لفظة "المشترك" وهي مؤسسات تقدم خدمات مقابل مبالغ مالية؟ ولماذا لا تستخدم لفظة "المستهلك" كغيرها من المؤسسات التي تقدم الخدمات والسلع؟ وما نوع الشراكة بين طالب الخدمة وبين الشركة المقدمة لها؟ وهل استخدام لفظة "المشترك" يعفيها من رقابة الهيئة العامة لحماية المستهلك؟ فالمفهوم البسيط للشراكة هو "نظام يجمع بين طرفين متعاملين لتحقيق أهداف معينة" وبالتالي هل المشترك لديه هدف في تعامله مع شركات الكهرباء والمياه والاتصالات سوى الحصول على الخدمة مقابل مبلغ مالي؟!

لقد تلقيت عدة اتصالات ورسائل من المشتركين - كما يحلو لشركات الكهرباء والمياه والاتصالات تسميتهم - تندد بالتلاعب في مشاعر النّاس والتضييق عليهم، وتستفهم حول فواتير شهر يوليو التي ارتفعت عند بعض الأسر إلى أكثر من 150% وبعضها أقل من ذلك وبعضها أكثر.

وسعيت جاهدًا لأكون على مسافة واحدة بين المشترك وبين الشركة المزودة لخدمة الكهرباء وبين الشركة المعنيّة في قراءة وفوترة وتحصيل الرسوم، وتبين لي أنّ هناك اتكاليّة ولامبالاة من الطرفين، والضحيّة هو الطرف الثالث المشترك، كما تبيّن لي أنّ هناك اتفاقا على آليّة زمنيّة ملزمة لقراءة العدادات من قبل الشركة المعنيّة بقراءة العدادات خلال مدة زمنيّة معلومة أدناها 28 يوما وأقصاها 32 يوما، وأنّ حصة المستهلك خلال 30 يوما هي 3000 واط مقابل 10 بيسات لكل واط وإن تعدى استهلاكه عن 3000 واط خلال 30 يومًا تحتسب له تسعيرة 15 بيسة لكل واط بدءا من 3001 واط ، وهكذا، وقد تمّت قراءة فواتير شهر يوليو الماضي خلال فترة زمنيّة تراوحت بين 41 - 43 يومًا وبذلك أخلت الشركة المعنيّة بقراءة العدادات بتعهداتها للشركة المزودة للكهرباء وباتت عليها مسؤولية محاسبة الشركة المعنية بالقراءة، والمستهلك لا يوجد بينه وبين شركة قراءة العدادات أي صلة، فلماذا يقوم المشترك بتقديم الشكوى رغم أنّ الإخلال بالاتفاق بين الشركتين واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار.

كما تبيّن لي أنّ الشركات المزوّدة للكهرباء تمنح رسوما معينة للشركة المعنيّة بقراءة العدادات تقوم بموجبها الشركة بتسليم المشترك فاتورته في كل شهر وإن أخلت بذلك يسقط حقها في الرسوم لكل مشترك، وللأسف الكثير من المشتركين لا يعلم بهذا العقد!!.

تُرى، هل تنتظر الشركة المزودة للكهرباء المشترك ليرفع شكواه وقد تصل إلى المحاكم، وبعد ذلك سيخسر المشترك الجهد والوقت وقد تكلفه متابعة قضيّته مبالغ قد تزيد عن المبلغ الذي تظلّم لأجله!!

وفي الجانب الآخر تبيّن لي أنّ معظم المشتركين لا يعلمون بحقوقهم من الشركات التي ارتبطوا معها بعقد إيصال الخدمة ولا يكترثون بمعرفة ما لهم وما عليهم، وفي المقابل لا تبذل الشركات المزوّدة لخدمة الكهرباء جهودًا لتوعية المشترك وإخطاره بكل جديد، والمفترض أن تكون التوعية مستمرة وألا تقتصر على فترة معينة.

كما تبيّن لي وبعد مرور 45 عامًا من عمر النهضة المباركة إنه لاتوجد لدينا شركات تتنافس على قراءةالعداداتوأعمالالفوترةوتحصيلالرسوم للكهرباء والمياهسوى شركتين فقط بجميع محافظات السلطنة، وبالتالي هي دعوة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للدخول في منافسة لهذا القطاع الواعد، وبالتالي لما لا يتم تأسيس شركات مساهمة عامة في كل محافظة ويكون لكل مشترك نصيب من مال الشركة وتعم منفعتها على جميع أبناء المحافظة.

وعلى كل حال فإنّ هيئة تنظيم الكهرباء مطالبة للوقوف بحزم أمام الشركات المزودة للكهرباء وتحميلها المسؤولية عن تقصيرها تجاه المشترك، كما أنّ على الهيئة أن تلزم شركات الكهرباء برفع الضرر عن المشترك متى ما تبيّن وقوع الضرر على المستهلك بسبب إخلال الشركات بالتزاماتها مع الهيئة؟ صحيح إننا في دول المؤسسات والقانون، ولكن ليس كل مشترك لديه الوقت والمال والوعي ليترافع في الحصول على خدمات حيوية كالكهرباء والمياه، ولأنّ تلك الخدمات - وللأسف الشديد- أزماتها متكررة!، فهل ستكون انتفاضة المشتركين ضد شركات الكهرباء بداية لتصحيح المسار؟!.

تعليق عبر الفيس بوك