الطريق إلى سريلانكا

خلفان العاصمي

تجربة السفر إلى سريلانكا لم تكن واردة في الحسبان قبل إجازتي الصيفية لهذا العام، ولم تكن سريلانكا من ضمن الخيارات المطروحة للسفر بعد أن جاء القرار بأن يكون جزء من إجازة هذا العام خارج حدود الوطن، وإن كان الخريف الظفاري حاضرا وبقوة بحكم جدولته سنويا ضمن مخطط الإجازة وكانت زيارته واجبة ولو ليوم واحد.

فكرة السفر للخارج والتي تأتي مُتأخرة تقلِّل من فرص الاختيار المتعدد وتحصر صاحبها في إطار محدد؛ حيث بدأت في عملية البحث عن الوجهة المناسبة وفق محددات معينة مرتبطة بالفترة الزمنية وبالميزانية المالية المتاحة في ذلك الوقت، إضافة لمدى ملاءمة سريلانكا لقضاء إجازة عائلية بها وكانت جورجيا والتي ظهرتْ وبقوة خلال هذا الصيف كوجهة سياحية للخليج بشكل عام، ولنا كعمانيين على وجه الخصوص أحد الخيارات، ولكنَّ ارتفاع أسعار التذاكر المفاجئ والذي وصل لضعف ما كانت عليه قبل الموسم كان أحد المعوِّقات التي حالت دون ذلك، ومن ثمَّ بدأ البحث في دول الشرق الآسيوي والتي أيضًا تعذر معها الاختيار لعدم وفرة الحجوزات في التواريخ المحددة.. ومن خلال البحث في مواقع الطيران عبر الإنترنت كان هناك خيار جميل لسويسرا، إلا أنَّ تأخر عملية استخراج تأشيرة وشرط تأكيد الحجز إلكترونيًّا للاستفادة من العرض؛ وبالتالي عملية الحصول على التأشيرة في الوقت المناسب ستكون مغامرة. ومن هنا، جاء العزم على أن تكون سريلانكا هي الوجهة مع فكرة إضافة جزر المالديف، إلا أنَّ الكل لم ينصحني بذلك لعدة أسباب؛ أهمها: قصر الفترة الزمنية وطبيعة السياحة في المالديف وهي سياحة الاسترخاء على الشواطئ، وصنفها البعض بسياحة شهر العسل، أو سياحة الأثرياء نظرًا لغلائها. هذا ما عزَّز أن تكون رحلة الست ليالي لسريلانكا فقط؛ لذا توجَّهت لأكثر من مكتب سفريات للبحث عن عروض خاصة بالحزم السياحية، إلا أنَّني لم أوفَّق كثيرًا في وجود حزمة بجدول مناسب يحقق فكرة زيارة ثلاث مدن مختلفة ومتنوعة البيئات؛ وبالتالي توجَّهتُ لعدد من المنتديات الإلكترونية الخاصة بالسياحة والسفر لأبحث عن تجارب قد تفيدني في عملية التخطيط، وفعلًا وجدتُ ما أبحث عنه؛ فكان القرار أن أحجز التذاكر من أحد المكاتب، وأتجه بالتذكرة لمكتب مُتخصص في البرامج السياحية، وأخبره بما أرغب وهو من سيقوم بوضع الجدول المناسب بالتعاون مع مكتب سياحي في سريلانكا؛ وبالفعل كان ذلك، فتم الاتفاق على زيارة مدن كاندي ونوراليا والعاصمة كولومبو والإقامة في فنادق 4 نجوم مع الإفطار ووجود سائق، وهو في نفس الوقت مرشد ليكون معنا طوال الرحلة، أي من المطار إلى المطار، كذلك مع اقتراح لبعض الأماكن السياحية التي يمكن زيارتها وترتيب بعض الحجوزات لزيارة بعض المعالم، وفكرة أن تكون الرحلة تحت مسؤولية مكتب سياحي فكرة تحقق أكثر من هدف؛ لعل أبرزها: كسب الوقت وتوفير الرعاية الأمنية؛ حيث إنَّ المكتب هو المسؤول عن تحركاتك، ويقوم بدور الموجِّه في الكثير من الأمور التي قد يجهلها السائح.

تجربة السفر لسريلانكا كانت جميلة جدًا، وكان القرار موفقا جدًا لعدة اعتبارات؛ أهمها: ما تتمتع بع من أجواء مناسبة خلال تلك الفترة، والتنوع في البيئات التي زرناها بدءًا بمدينة كاندي وهي مدينة جبلية طقسها ماطر في الكثير من الأحيان؛ وبالتالي درجات الحرارة معتدلة وتوجد بها الكثير من الأماكن التي يُمكن زيارتها؛ والتي منها: حديقة الفيلة، والتي تشبه المحمية الخاصة بالفيلة؛ حيث يمكن مشاهدتها والتعرف على تفاصيل حياتها بعيدًا عن التدخل البشري، كما يوجد بكاندي مزرعة التوابل الزاخرة بكل أنواع التوابل والبهارات الآسيوية والتي يتعرف من خلالها الزائر على النباتات التي تنتج هذه التوابل، وكيف تتم زراعتها وإنتاجها، كما يوجد بالمزرعة محل لبيع كافة الأدوية المستخلصة من هذه النباتات مع شرح بالأمراض التي تعالجها وطريقة استخدامها، كما يوجد بكاندي متحف ومصنع للأحجار الكريمة والذي هو بمثابة تأريخ لعملية صناعة الأحجار الكريمة التي تشتهر بها سريلانكا بدءًا من عمليات التنقيب التقليدية، وصولًا لعملية الصياغة وإخراج الحجر بشكله النهائي.

كما زرنا في كاندي مشغلا للصناعات الخشبية وهي من الصناعات الحرفية اليدوية التي تشتهر بها سريلانكا، وتستخدم أجود أنواع الأخشاب فيها، ويعمل بها نحَّاتون مهرة ينتجون تحفا فنية وبجودة عالية. وبعد ذلك، توجَّهنا لنوراليا وهي مدينة ترتفع عن سطح البحر بنحو ألف وتسعمائة متر، وتمتاز بجوها البارد جدًا وباستمرارية هطول الأمطار عليها، وفي طريقنا إليها زرنا مزارع ومصانع الشاي والتي تعد من الأشياء التي يفتخر بها السريلانكيون، كون ما ينتجونه من شاي هو الأجود عالميًّا، وكذلك بالنسبة لمصانع الشاي لديهم فهي مستويات بدءًا من المصانع التي تنتج الشاي متوسط الجودة وصولا للمصانع التي تنتج شاي وبجودة جدًّا عالية، ويتضح ذلك من مبانيها والمعدات التي تستخدمها، وأيضًا مدى ما تمتلكه من مزارع محيطة بها وهي على شكل مدرجات مصفوفة في سفوح جبالها الخضراء.

تعليق عبر الفيس بوك