العزفُ على "ناي" السياحة المغيّبة!!

مسعود الحمداني

(1)

وأنا أستمع وأشاهد كل تلك التصريحات حول السياحة..أتخيّل أنّالسلطنة تحولّت إلى سويسرا جديدة..وأننا لن نكون بعد اليوم أسرى لتقلبات أسعار النفط، وأنّ الاعتماد على (الذهب الأسود) أصبح ضربًا من الماضي..

غير أنني حين أفتح عينيّ بعد كل هزة نفطيّة..أجد أنّ السياحة في بلادي ما تزال سياحة دون الطموح..تبحث عن طريق طويل غير مفروش بالأحلام..وأنّ ما يتم الترويج له ما هو إلا أمنية بعيدة المنال..وأنّه لا بديل عن النفط حتى حين..فأستسلم للواقع..وأستعيذ منهمزات مزايدات المسؤولين.

(2)

وحين أنظر إلى محافظة ظفار..بكل هيبتها السياحية..وألتفت يمينًا ويسارًا فأجد أنّ الخدمات الأساسية ما تزال (قيد الدراسة)..وأنّها تفتقد إلى الكثير من أبجديّات السياحة إداريًا وخدميًا..

أعود إلى الواقع فأرى أنّ الأمور بحاجة إلى فترة طويلة لخلق سياحة مستدامة في بلادي..وأنّ الكلام (سهل)..بينما الفعل (جبل).

(3)

وحين أنظر إلى (خط الباطنة الساحلي) الطويل، فأجد أنّ العبث التخطيطي أحاله إلى (خط ساخن) يكاد يقتلع الحياة منه، فإنّ مشاريع السياحة (الموعودة) تكون مجرد (لعبة مكاتب)، ومقايضات، ومقامرات تحتاج إلى مزيد من الوقت..والوقت لا يرحم المترددين.

(4)

وحين أنظر إلى تضاريس السلطنة، ببحارها، ووهادها، وجبالها، وتنوّع بيئاتها، وأنّها ما تزال طبيعة بكرًا، لم تستثمر بشكل جيّد، وأننا نفتقد إلى المنتجعات الحقيقية، وأنّ هذه البيئة الغنيّة، أصبحت بيئة بائسة غير مستغلة، فإنني أدرك ساعتها أنّ الحديث عن السياحة حديثٌ عابرٌللمسؤولين..

(5)

وحين ألتفتُ إلى دولٍ لا تمتلك مقومات السلطنة السياحية، ولكنها تمتلك تخطيطًا جيدًا، ووعيًا لتنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على مصدر واحد، وأجد أنّ تلكالدول قطعت شوطًا بعيدا عنّا، رغم فقرها البيئي، وأصبحت دولا ذات جذب سياحي، بينما يكتفي بعض المسؤولين لدينا بإطلاق تصريحاتٍ(للاستهلاك المحليّ) منذ أكثر من أربعين سنة، غير أنّ الواقع يقول بملء عين الشاهد:إنّ السياحة ما تزال محلك..سر.

(6)

الشيء الوحيد الذي فلحنا به (سياحيًا) هو إطلاق يد المنتفعين في أراضي الدولة ذات العائد الاستثماري السياحي، ونجحنا في تحويلِ الشواطئ الجذابة إلى مناطق معزولة، وبناءِ (مجتمعات سكنيّة) عليها، رغم أنّ هذهالسياسة لا تصنع سياحةً متنامية، بل تصنع (إقطاعيّات) خاصةُ لخاصةِ الخاصة.

(7)

حين تهوي أسعار النفط..تهوي كل أحلام الموظفين..والفقراء..وتسقط أوراق التوت من على أشجار السياحة..والتي كان المسؤولون يعدّونها لتكون البديل المتين عن النفط..غير أنّ هذا (البديل) سيظل غير جاهزٍ لخوض مباراةٍ كبيرة..لأنّ المباريات المصيرية بحاجة إلى جدية أكبر من (اللاعبين الأساسيين)..أمّا (الأحلام) فتبقى مجرد (أغنيةٍ) تعزف على ناي الواقع..لا أكثر.

Samawat2004@live.com

تعليق عبر الفيس بوك