مشاهد من بدايات العام الدراسي الجديد

خلفان العاصمي

على الرغم من بدء العام الدراسي الجديد مبكرا هذا العام واضطرار الكثير من أولياء الأمور إلى قطع إجازاتهم السنوية التي غالبا ما تتزامن نهاياتها مع عودة المدارس أو برمجتها مسبقا لتنتهي قبيل ذلك، وبالرغم مما صادف الإجازة الصيفية هذا العام من مناسبات جعلت من الصعب جدولتها أو استغلالها بشكل كامل كشهر رمضان المبارك وعيد الفطر السعيد، إلا أن الاحتفاء بالعودة للمدارس هذه المرة أراه مختلفا وكبيرا في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وثورة استخدام برامج الاتصال السريع والتي من خلالها تم تناقل الكثير من الرسائل التي حملت مضامين مختلفة سواء أكانت إيجابية تحث على التعلم والجد والاجتهاد وترفع من قيمة التعليم وأهمية الأدوار التي يقوم بها القائمون عليه، إلا أنه كانت هناك بعض الرسائل التي اعتبرها عدد من المعلمين ذات محتوى سلبي يقلل من قدراتهم وتشكل نوعاً من الوصاية عليهم، إذ إنها رسائل ذات منهج عمومي وليس تربوي أو أكاديمي مختص وخاصة تلك التي حملت مضامين بلغة توجيهية ككيفية التعامل مع الطلاب في اليوم الأول، كما ساهم تقدم التقنية المستخدمة في إنتاج الأفلام والبرامج القصيرة وقدرة المستخدمين على التعامل معها في إنتاج وسائط معبرة عن مناسبة العودة للمدارس برسوم ثلاثية الأبعاد وبمضامين سهلة الوصول للمتلقي وخاصة الطلاب من الفئات العمرية الصغيرة والتي تم نشرها باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وحققت نسب مشاهدة جيدة وأوصلت رسالتها بطريقة تقبلها الجميع، ولا أبالغ إن قلت قد تفوقت على برامج موجهة تنتج وتبث عبر وسائل الإعلام التقليدي وبنمط لم يعد مقبولا في ظل وجود الإعلام الحديث بكل معطياته وأدواته.

بدأ العام الدراسي الجديد وانتظم فيه أكثر من نصف مليون طالب وطالبة، منهم ما يزيد على الخمسين ألفاً من طلاب الصف الأول الأساسي في عام دراسي يشهد انتهاء نظام التعليم العام بالكامل حيث كان العام الدراسي الماضي هو آخر الأعوام التي تخرج فيها طلاب بالصف الثاني عشر من مخرجات التعليم العام، وهذا يعني أن العام الحالي سيشهد نقلة في نظام التعليم (الموحد) وخاصة في بعض المواد التي بدأ تدريسها العام الماضي لطلاب الصف الحادي عشر وستتواصل معهم في الثاني عشر، كاللغة الإنجليزية والتي كانت بمنهجين مختلفين الأول لطلاب التعليم الأساسي والثاني لطلاب التعليم العام.

من خلال الإحصاءات التي أصدرتها وزارة التربية والتعليم للعام الدراسي الجديد يتضح أن عدد المدارس الحكومية وصل لـ 1077 مدرسة بمختلف محافظات السلطنة وبزيادة 29 مدرسة عن العام الماضي، في حين أنهت عدد من المحافظات التعليمية التعليم في مدارس الفترة المسائية إلا أنها أخذت في الازدياد بمحافظة مسقط لتصل في بعض الولايات أن تعمل معظم المدارس على فترتين سواء مدارس الحلقة الأولى أو الثانية وذلك لعدة أسباب أبرزها التدفق السكاني الهائل من المحافظات الأخرى على العاصمة، إلا أن ذلك لم يشفع لدى الكثير من أولياء الأمور الذين تذمروا من نقل أبنائهم للدراسة بمدارس مسائية وتحدثوا عن أهمية إيجاد حلول أخرى وعن التخطيط للقادم من خلال استشراف المستقبل والذي ما زال غير موجود لدى الكثير من الجهات الخدمية لدينا وخاصة فيما يتعلق بتنمية الأحياء الجديدة والتي تشهد نموا عمرانيا متسارعا، والذي هو نتيجة حتمية لعمليات التوظيف الكبيرة التي أعقبت أحداث 2011، وبرغم الجهود في إنشاء مباني لمدارس جديدة إلا أن المشكلة ستظل قائمة لسنوات قادمة ما لم يتم التعامل معها بشكل طارئ وبموازنات استثنائية غير تلك المدرجة في الخطة الخمسية.

تشهد بداية كل عام دراسي جديد ما يشبه الأزمة حول عملية نقل وتسكين المعلمين والمعلمات المنقولين من محافظات أخرى أو حديثي التعيين وتحديدا (المعلمات) نظرا لطبيعة الأنثى كون أن المعلم الرجل قادر على تدبير نفسه بأي شكل من الأشكال ولكن تظل الأنثى تبحث عن السكن المناسب الذي يوفر لها الأمن والاطمئنان والقرب من مدرستها المنقولة إليها أو المعينة بها وكذلك وسيلة النقل التي تقلها إليها، وتبقى هذه المشكلة حاضرة طوال الأسابيع الأولى من العام الدراسي مع الإحساس بحالة اللا استقرار، ولقد تحدثت سابقا عن مقترح بإنشاء مجمعات سكنية مهيأة ومجهزة بكل ولاية من الولايات بحسب الكثافة السكانية وبنسبة وتناسب مع أعداد المعلمات المغتربات على أن تعود ملكية هذه المجمعات للوزارة، أو كاستثمار مشروط مع القطاع الخاص ويتوفر بها كل وسائل العيش الكريم وتؤجر بمبلغ مناسب للراغبات في الاستفادة منها مع توفير وسائل نقل مدفوعة تحت إشراف الوزارة وبالتالي سيتحقق الاستقرار المطلوب الذي سيعمل على أداء رسالة التعليم على أكمل وجه ومنذ الأيام الأولى.

تعليق عبر الفيس بوك