لماذا يكتب علي المطاعني؟!

سيف بن سالم المعمري

saif5900@gmail.com

تصدرت مقالات الكاتب الصحفي الأستاذ القدير علي بن راشد المطاعني عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العُمانية ورئيس لجنة التدريب بالجمعيّة حديث المجالس العُمانية، وخاصة بين فئة الشباب، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتحليلات والتأويلات حول الغاية من إثارة الكاتب لمواضيع تقليص الإجازات الوطنية والدينية ورفع الدعم عن البنزين والتي أعتبرها البعض بأنّها تمس حياة المواطن وتنغص عليه معيشته وتضاعف من معاناة الأسر، فيما ذهب آخرون إلى أن الكاتب يكتب مقالات مأجورة، وأنّ ما يطرحه ليس قناعته الشخصية وإنما هي توجه الحكومة، وأنّ الحكومة تنصاع لمثل هذه الآراء ولا تلتفت إلى آراء الشارع، معللين ذلك بما طرحه الكاتب علي المطاعني في العام الماضي والذي جاء بعنوان: دولة الإجازات وانتقد فيه أجازة عيد الأضحى المبارك والتي تمّ تحديدها بـ 10 أيام معللا ذلك بهدر للوقت وللمال وتعطيل لعجلة البناء والتنمية في البلاد، والذي فسّره البعض بانصياع الحكومة لرأي الكاتب مما أدى إلى تقليص إجازة عيد الفطر للعام الحالي عمّا كان عليه خلال الأعوام الماضية.

ورغم أنّ الكاتب علي المطاعني له تاريخ مشهود في الكتابة بالصحف المحلية وطرح العديد من القضايا الأقتصادية والاجتماعية التي تهم الوطن والمواطن إلا أنّ ما طرحه الكاتب المطاعني في مقالاته الأخيرة والتي عنونها بـ "إجازات المناسبات الدينية والوطنية" ومقال : "رفع الدعم عن البنزين هو الحل" ومقال: "نحو تقنين إجازات المسؤولين! " أثار الكثير من اللغط حول تبعات هذه المقالات على المجتمع.

وظاهرة تفاعل المجتمع مع ما يتناوله الكتاب والصحافة المحلية هي بلا شك تدل على الوعي المجتمعي وهي ظاهرة صحية، لكن أن يتم وضع الكاتب في قفص الاتهام والتشكيك في نزاهته ووطنيته فهذا أمر غير مقبول مطلقا، وبعيد كل البعد عن قيم وخلق الإنسان العُماني، والكاتب قبل كل شيء مواطن له حق التعبير عن رأيه، وأنّ ما يطرحه ينطلق من واقع غيرته على وطنه وسعيه لإيصال رأيه إلى صناع القرار لإعادة النظر فيما يؤتي بالنفع والمصلحة العليا للوطن والمواطن، ومتى ما تمّ تطبيق أي إجراء لن يكون الكاتب بعيدا عن استفادته أو تضرره من ذلك الإجراء.

صحيح أنّ ليس كل ما طرحه الكاتب من مقترحات في مقالاته السابقة لا يمكن تطبيقها في الوقت الراهن، وأن الحكومة تدرك ذلك جيدا، لكن في المقابل ألقى الكرة في مضرب الحكومة لتعيد النظر في جميع الإجراءات والخطط، ولتسعى إلى تلافي أخطائها التي أثبتت الأيام أنّ الكثير منها دون جدوى، وأن الحكومة إن لم تحسن صياغة وتنفيذ خططها وبرامجها فستكون مكرهة على تطبيق تلك الإجراءات التي تمس حياة الموطن، بل إنّ هناك تناقضا واضحا بين ما تتطلع إليه الحكومة لبناء اقتصاد متين وقادر على مواجهة أي تصدّعات في الأسواق العالمية وبين الإجراءات التي تتبعها في بناء الاقتصاد الوطني، فغرس ثقافة العمل والإنتاج هو المنهج العملي لبناء الاقتصاد الحديث، فإنّ كان الكاتب طرح فكرة تقليص الإجازات فمن الطبيعي أن تكون أيام العمل لها تأثير مباشر على الدخل الوطني والفردي، وإن كان طرح فكرة رفع الدعم عن البنزين فهو يطرح روافد جديدة للميزانية العامة للدولة والتي من المفترض أن يشعر بها المواطن بالإيجاب وليس بالسلب وتنعش حياته وتزيد من طمأنينته حول مستقبل أبنائه.

نعم.. الكثير منا تساءل: لماذا يكتب علي المطاعني؟ّ! والإجابة على ذلك نقول: علينا جميعا أن ننبه الحكومة إلى أخطائها، وإنّ ما كانت توهم به الحكومة المواطن في تنويع مصادر الدخل لم يصبح خافيا على أحد، وعلى الحكومة أن تستفيد من أخطائها، ومن يبحث عن الوطن الآمن المستقر ورغد العيش عليه أن يعمل.. نعم، الأمم المتقدمة لم تصل إلى ما وصلت إليه إلا بالعمل والتفاني فيه وترك الخمول والكسل، فاليابانيون والسنغافوريون والماليزيون شعوب عاملة نهضوا بأوطانهم، وأصبحت دولهم من الدول ذات القوة الاقتصادية التي يشار إليها بالبنان، فالوطن سفينة إمّا أن ترسو إلى بر الأمان، وإما أن تغرق فيغرق الكل..!

علينا جميعا أن نبني ثقافة اقتصادية أسرية تنطلق من حب العمل والتفاني والإخلاص فيه والادخار، وغرس ثقافة ترشيد الاستهلاك وعدم الترفّع عن أي رزق حلال، وأن يكون البناء الاقتصادي الأسري امتداد للمساهمة في بناء الاقتصاد الوطني العُماني، وفي حينها لن نسأل: لماذا يكتب علي المطاعني لا عن الإجازات ولا عن رفع الدعم عن البنزين؟

تعليق عبر الفيس بوك