صحتي ثروتي

ناصر الجسَّاسي

استوقفني المثل الإنجليزي القائل "أعطني صحة وخذ ثروتي"، تأملته وأعدت قراءته لأكثر من مرة، وبرغم محدودية حروفه إلا أنه عميق المعنى، ويختصر كلَّ الكتب والمؤلفات التي تتكلم عن أهمية صحة الإنسان. ومن يتمعَّن في المثل يجد أنَّ الصحة تساوي فعلاً ثروة الإنسان وجميع ما يملك، وبمعنى آخر يقول المثل: "خذ مني كلَّ شيء، وامنحني الصحة والعافية".

تأتي الصحة في مقدِّمة اهتمامات وأولويات الدول المتقدمة، ويظهر ذلك من خلال البحوث والدراسات والنتائج الطبية التي تطل علينا بين الفينة والأخرى، ويظهر أيضاً من خلال سفر الكثير من المرضى لهذه الدول للعلاج -سواءً على نفقاتهم الخاصة أو على نفقات حكوماتهم- نظراً لجودة العلاج في تلك الدول؛ أي أنَّ هناك بالفعل (ثروة) طائلة يقدمها الإنسان للجهات الطبية للحصول على قدر كافٍ من الصحة.

لم تألُ حكومتنا جهداً في توفير الخدمات الصحية؛ فأنشأت المستشفيات والمراكز الصحية في السلطنة، وسعت لتوفير أرقى الخدمات العلاجية، وحققت نتائج متقدمة في الرعاية الأولية إلا أن الأمل والطموح يأخذنا إلى توجيه الاهتمام لكافة الجوانب فليس من المنطق أن نطلق على مستشفيات محافظاتنا اسم (مستشفى مرجعي)، وهي في الواقع لا توفِّر للمواطن كلَّ ما يحتاجه من علاج، بل إنَّه في كثير من الأحيان يتم تحويل حالات عادية وغير مستعصية إلى مستشفيات العاصمة (السلطاني-خولة-النهضة-الجامعة)؛ فقط لأنَّ الجهاز أو الفني المختص لا يوجد في ذلك المستشفى، ويضطر المواطن لحجز موعد يأخذ أشهر ويقطع مسافات طويلة من منطقته إلى المستشفى المحول إليه.

سأورد أمثلة شاهدة على صحة ما أقوله؛ ففي يوم من الأيام كانت لدَّى الوالدة مراجعة لمستشفى النهضة قسم العيون، فسألت أحد موظفي المستشفى عن أعداد مرضى العيون الذين يستقبلهم المستشفى يوم الثلاثاء من كل أسبوع، فأجاب يتجاوز عددهم في غالب الوقت 200 مراجع من مسقط وخارجها. وفي يوم من الأيام مرض ابني فحملته إلى المركز الصحي القريب من منطقتي، ولاحظت أنَّ حالته الصحية لم تتحسن بعد تناول الدواء، فرجعت في اليوم التالي للطبيب العماني الذي عالج ابني بالأمس، وأوضحت له الأمر فقال لي بالحرف الواحد حينما يمرض ابني أحمله إلى عيادة خاصة أو أشتري له من الصيدلية؛ لأنَّ الدواء الحكومي ليس بتلك الجودة....!

هناك الكثير من الملاحظات على اللائحة الطبية التي صدرت في 2014؛ منها: عدم معادلة الشهادات العليا بالدرجات كذلك تأخير ترقيات 2009 للفئات الطبية وعلى الجهات المعنية معالجة الأمر قبل هجرة الكفاءات وحرمان الوطن من عطائها، فإنَّ إكرام المريض والطبيب وجميع العاملين في الجانب الصحي دون استثناء يعود بالنفع على الوطن والمواطن؛ فمن أهم الحلول التي من شأنها أن تُسهم في الارتقاء بالخدمات الصحية هي كالتالي:

- توفير كافة الخدمات الصحية في المستشفيات المرجعية بالمحافظات دون الحاجة إلى تحويل المريض إلى مسقط.

- استبدال الأجهزة الطبية ذات التقنية المتأخرة بأجهزة جديدة وذات تقنية حديثة.

- الإسراع في ربط الملف الصحي الإلكتروني على مستوى السلطنة.

- مراعاة المتضررين من اللائحة الطبية وترقيات 2009 للفئات الطبية.

- إنشاء مستشفيات تخصصية؛ منها على سبيل المثال: مستشفى خاص لأمراض القلب.

- الإسراع في إنشاء المراكز الصحية في المناطق حسب الأحقية؛ ومنها على سبيل المثال: لدينا بولاية عبري مركز كبارة الصحي ومركز الدريز الصحي.

- رفع كفاءة المراكز الصحية بما يتلاءم ويتواكب مع الزيادة السكانية.

- تخصيص مكتب للشرطة في كلِّ مستشفى مرجعي للتعامل الأمثل والسريع لإصابات حوادث السير بما فيها الوفاة.

- الاعتماد على الكوادر الوطنية في مختبرات وزارة الصحة والتوقف عن إرسال فحوصاتنا الطبية إلى الخارج.

- إنشاء وحدة العناية الخاصة في مستشفيات المحافظات لأمراض القلب (مستقلة).

- إعادة النظر في لجنة التظلمات الطبية؛ بحيث يكون أعضاؤها من ذوي الكفاءة والتخصص أيضاً من عدة جهات صحية أخرى وليس من وزارة الصحة فقط.

- التفكير والتخطيط السليم لجعل السلطنة وجهة ومقصداً للسياحة العلاجية.

- تسهيلات ميسرة للأطباء (قرض منزل، قرض سيارة، تأمين صحي للأسرة).

تعليق عبر الفيس بوك