حق أريد به باطل

خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

الموظف في المؤسسات الحكومية المختلفة مخير في مسارات معينة ومسير في خيارات أكثر ويلقى باللوم عليه في كثير من الأحيان ويتم وصفه بصفات عدم الجدية في العمل والالتزام والأمانة وغيرها من الصفات التي ربما تكون صحيحة ومنطبقة على فئات معينة وفي المقابل هناك فئات متميزة وأثبتت جدارتها والحمد الله ونفخر بها، وهناك فئة من الموظفين الصادقين والمجدين والمتميزين والذين يعملون بأمانة في عدد من المؤسسات الحكومية فرض عليهم بعض المسؤولين ما يشبه الحجر وتم تكبيلهم بسلاسل من حديد وتهميشهم في زاوية معينة ورغم أنهم يؤدون أعمالهم بأمانة إلا أن التفضيل والمناصب والترقيات والعلاوات والتمييز يأتي لغيرهم لأسباب يجهلها الموظف في كثير من الأحيان ويعلم بعضها من واقع التجربة والمؤشرات التي تطفو على السطح.

وفي واقع الحال أعرف أن هناك أمثلة كثيرة على ذلك ولكن ما حز في نفسي وجعلني أكتب هذا المقال قصة أخ عزيز في إحدى المؤسسات الحكومية بمحافظة مسقط وهي قصة قد تشبه في حيثياتها قصصا وروايات لموظفين آخرين وتتقاطع معهم في كثير من الأحيان وربما تتقمصهم في جانب وتختلف في جوانب أخرى وسوف أحكي واقع هذا الأخ بنوع من التصرف حتى يستفيد الجميع ونجد حلولا وعلاجا لمثل هذه التصرفات الممقوتة من مسؤولين حملوا أمانة العمل في مؤسساتنا الحكومية.

يحكي هذا الأخ قصته والألم يعتصر قلبه والعبرة تخنقه ويضرب أخماس في أسداس ولا يدري ما هو المصير وما الذي عليه عمله حيث يقول منذ تخرجي في جامعة السلطان قابوس والتحاقي بالعمل الذي أعمل به وأنا ملتزم بالدوام الرسمي من الصباح حتى المساء وأعمل بإخلاص وأمانة وأملك الشهادات العلمية والخبرات في العمل وخلال سنوات لم أخرج في إجازة سنوية لمصلحة العمل ولكن ولأنني لا أسير على هوى المسؤولين ولا أجامل ولا أتزلف تم تحجيم عملي وعدم تقدير أعمالي التي أقوم بها وبعد فترة أصبح لدى المسؤولين توجه لتعيين مدير على الدائرة التي أعمل بها وكانت في بالهم شخصية معينة يريدون فرضها وتمت تهيئة الأجواء العامة لذلك رغم أن هذه الشخصية لن تقدم الجديد لهذه الدائرة وحتى يوضح هؤلاء المسؤولون نزاهتهم تم عمل اختبار لنا في الدائرة وتفوقت على الذي في بالهم إلا أنني علمت فيما بعد بأنه تم حجب المنصب الشاغر وحتى ابتعد عن الواجهة تمت الموافقة لي بتكملة دراستي العليا بعد أن كنت أطالب بها منذ سنوات وذهب من ذهب وعاد من عاد وأنا محلك سر !! والآن تمت الموافقة على حلم حياتي ولكن بعد أن اشتعل الرأس شيباً وكثرت الالتزامات الأسرية والعائلية والالتزامات البنكية فأصبحت في حيرة من أمري هل أذهب للدراسة وأتحمل كل التبعات وأعود وقد احدودب الظهر وطارت الطيور بأرزاقها وزملائي الذين رافقوني بالعمل منذ البداية في مناصب عليا وأنا ما زلت بدون مسمى وظيفي يليق بعملي وجهدي والتزامي أم أرفض الفرصة الذهبية ويضيع الحلم الذي انتظرته منذ سنوات وبهذا أقطع عليهم فرصة تنفيذ مخططاتهم، وتركت أخي هذا في حيرته ونصحته بالجلوس مع نفسه والتفكير في مستقبله من زوايا كثيرة لعله يجد ما ينفعه في تكملة مساره الوظيفي.

وقلت في نفسي إن هذا حق أريد به باطل فالدراسة حق من حقوق الإنسان حتى يتعلم ويطور نفسه وتوقيت موافقة الجهة المختصة لهذا الموظف بتكملة دراسته والخروج في إجازة دراسية رغم انتظاره الطويل باطل حيث كان هدفها إبعاده لتنفيذ مخططاتهم وتنصيب من يرونه مناسبا لهم يطيعهم في كل ما يرغبون ولا يقف حجر عثرة في تنفيذ مخططاتهم الماكرة والفاسدة وتوظيف الموظفين حق وعدم إسناد أعمال لهم أو تكليفهم بأعمال وعدم تقديرهم باطل وهكذا دواليك. هناك فئات في مؤسساتنا الحكومية والخاصة يشتركون مع هذا الأخ ويمكر بهم وتدار عليهم الدوائر لا لشيء إلا لأنهم مخلصون وملتزمون وما زالت ضمائرهم حية وتنطق بالحق وتلتزم بالصدق ويغلبون المصلحة العامة على المصالح الشخصية، ولا عزاء لهذا الأخ ولمثله إلا الصبر وعدم التنازل عن المبادئ النزيهة والقيم المستقيمة وسيجعل الله لهم مخرجاً فالله سبحانه يقول في محكم كتابه العزيز (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) ونقول لهؤلاء المسؤولين اتقوا الله في أنفسكم وفيمن تحت إمرتكم واعلموا أن الحياة متقلبة ودوام الحال من المحال وإذا دعتك قدرتك إلى ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك، ودمتم ودامت عمان بخير.

تعليق عبر الفيس بوك