مبتعثون: المقبلون على الدراسة بالخارج في حاجة إلى تأهيل نفسي ولغوي وديني

 

المحفوظي: الدراسة في الخارج ضمانة إضافية للحصول على فرصة عمل مميزة

المسقري: تراجع مستوى الجامعات الخاصة يدفع البعض إلى جامعات أجنبية

الراشدي: التكيف مع البيئة المحيطة في المجتمعات المختلفة لغويا وعقائديا سبيل للتفوق الدراسي

 

 

يتنافسُ الكثيرُ من طلاب دبلوم التعليم العام على الكثيرِ من برامج الالتحاق بالدراسة خارج أرض الوطن، ومحاولة اللحاق بفرص البعثات الخارجية التي تمنحها السلطنة لأبنائها الطلاب، ويُحبِّذ الكثيرُ من الطلاب الابتعاث لإكمال دراستهم العليا في جامعات مرموقة ذات مستوى عالٍ من حيث جودة التعليم، واعتبار ذلك فرصة للتعرف على ثقافات أخرى.. مُتجاهلين مَدَى قدرتهم على تحمُّل تلك المسؤولية الملقاة على عاتقهم خارج الوطن، خصوصا وأنَّ الكثيرَ ممَّن يخوضون تلك التجربة يشيرون إلى ضرورة أن يكون الطالب على استعداد للتغلب على العديد من صعوبات اللغة واختلاف نظام التعليم وتنوع الثقافات والمعتقدات الدينية مع الحفاظ على التقاليد العمانية؛ حيث يكون الطالب في تلك البلاد سفيرا لوطنه الأم.

ويقول سليمان بن طالب المحفوظي -الذي يدرس بجامعة تلسا في ولاية أوكلاهوما بالولايات المتحدة الأمريكية- إنَّ لكل طالب طموحات وآمالًا يرسمها منذ صغره؛ ومن أسباب توجُّهي للدراسة في الخارج إرضاء طموحي الذي لازمني منذ الصغر بتشجيع من بعض الأشخاص القريبين مني، فضلا عن كَوْن الدراسة في الدول المتقدمة؛ مثل: أمريكا، تكون أكثر جودة مما يعني ضمان وظيفة أفضل في المستقبل وهذه إحدى أهم مميزات الدراسة في الخارج.

 

مسقط - أحمد الشمـاخي

 

 

ويُشير المحفوظي إلى أنَّ هناك صعوبات يواجهها المبتعث في الخارج؛ أولها: البُعد عن الوطن والبعد عن الأهل والبعد عن كلِّ ما تعوَّد عليه طوال سنوات عمره، إضافة إلى اللغة؛ حيث يحتاج المبتعث إلى فترة كافية للتأقلم مع اللغة الجديدة وما يتبعها من لهجات مختلفة. ويضيف: منحني أهلي كامل الحرية في اختيار التخصص الذي أرغب فيه على حسب ميولي وقدراتي. ولابد أنَّ هناك أكثر من خيار مقترح، لكنَّ أغلب الآراء بيني وبين أهلي حول اختيار التخصص المناسب كانت قريبة جدًّا. ولا أعتبر المبتعث غير القادر على استكمال الدراسة في الخارج فاشلًا إطلاقا، وأعتقد أنَّ أحد الأسباب الرئيسية التي من الممكن أن تجعل الشخص غير قادر على إكمال الدراسة في الخارج هي عدم تمكنه من التأقلم مع الوضع الجديد والمختلف كليًّا عن طبيعة الحياة في الوطن الأم. وأنصح كل شخص لديه طموح قوي ورغبة في إكمال دراسته خارج الوطن أن يتحلى بهذه الصفات ويتأكد أنه بالعزيمة والإصرار القوي تختفي كل صعوبة ممكن تحدث في المستقبل.

ويقول عمار بن طالب المسقري -الذي يدرس في الولايات المتحده الأمريكية بجامعة جنوب فلوريدا، تخصص هندسة كهربائية- إنَّه من الأسباب التي دفعته للدراسة في الخارج الرغبة في تجربة حياة جديدة والتعرف على ثقافة الشعب الأمريكي، في ظل تراجع مستوى التعليم العالي في بعض التخصصات بالسلطنة. وعن مُميزات الدراسة في الخارج، يقول المسقري: تصبح لدى الطالب لغة قوية بحكم الممارسة والاندماج، والتعرف على طلاب من جميع أنحاء العالم، والاعتماد على النفس، إضافة إلى أن المخرج التعليمي للطالب يكون أقوى بحجة صعوبة الدراسة.

 

صعوبات وتحديات

وعن الصعوبات التي تُواجه الدارسين بالخارج، يقول المسقري: هناك بعض الصعوبات في الدراسة بالخارج؛ منها: اشتراط أن تكون لغة الطالب ممتازة لكي ينافس بقية الطلاب، ولكي يتجاوز الطالب المادة يجب أن تكون درجته فيها لا تقل عن 73 في المائة؛ أي ما لا يقل عن المستوى(c)، كما أنَّ البعد عن الوطن في بداية مشوار الدراسة بالخارج يدفع الطالب إلى عدم تقبل الدراسة في ظل اختلاف النظام التعليمي. وأحيانا يواجه الطالب صعوبة في اللغة لأنه لا توجد مراعاة من هذه الناحية؛ فمعظم الدكاترة يعاملون الطلاب العرب كأنهم يتكلمون اللغة الإنجليزية بطلاقة.

ويرجع المسقري سبب فشل بعض الطلاب دراسيا إلى البعد عن الوطن فبعض الطلاب عندما يختارون البعثة لا يشعرون بذلك في بداية الأمر، لكن عندما يسافر يجد أن كلَّ شيء مختلف مثل العادات والتقاليد والأكل واللباس وغيره من الأشياء فيواجه صعوبة في التأقلم مع الوضع فيرجع لإكمال الدراسة في البلد، فضلا عن مخاوف الانحراف عن الجانب الديني والانخراط في عادات وتقاليد الغرب؛ حيث إنَّ الطالب عندما ينشغل بهذه المظاهر يهمل الجانب الدراسي، ومع مرور الوقت ينخفض معدله ويتم طرده من الجامعة أو تعيده الملحقية الثقافية المسؤولة عن شؤون الطلاب والطالبات إلى بلده. كما أن بعض الطلاب يكون اهتمامهم بالجانب السياحي أكثر من الدراسي وهو ما يؤثر على دراسته ويقوده إلى الفشل، واللغة أحيانا قد تكون سببا في فشل بعض الطلاب؛ لأن الطالب إذا لم يتجاوز اللغة في فترة معينة يتم إلغاء بعثة الطالب وإرجاعه للدراسة داخليا. وينصح المسقري المبتعثين بأن يكون هدفهم الأسمى التفوق في الدراسة والشهاده العليا، وألا ينسوا أن يرفعوا اسم وطنهم عمان في باقي البلاد.

ويقول ناصر بن عبدالملك المعولي -الذي يتلقى تعليمه في ملبورن بأستراليا- إنَّ من أسباب توجهه للدراسة خارج سلطنة عمان رغبته في خوض تجربة الغربة ومواجهة التحديات، إلى جانب شغفه بالتعرف على الثقافات المختلفة، كما أن أستراليا تعد من أكثر الدول تنوعا ثقافياً. ويرى المعولي أنَّ الدراسة في جامعات قوية عالمياً والاستفادة قدر الإمكان من تقدمها العلمي للرجوع إلى الوطن ونقل تلك الخبرات لتنمية عمان وتطويرها، إضافة إلى تطوير وصقل المواهب الاجتماعية والاعتماد الكلي على الذات، كما أن ميول الفرد ورغبته مهمة جدًّا في إكمال دراسته، وعن تجربتي، لم يكن هناك تعارض بين رغبتي ورغبة أهلي في اختيار التخصص. كما أن الصعوبة تجدها في كل الدراسات المختلفة؛ لذلك فإن الدراسة في الخارج لا تخلو من الصعوبات، وقد تكون الصعوبات في فهم نظام الجامعات في التدريس بحكم اختلافه عن النظام الذي تعودنا عليه في عمان، وقد تكون الصعوبة في فهم المواد العلمية المطروحة وهذه الصعوبة غالباً ما تكون موجودة لدى أغلب الجامعات العالمية.

ويرى المعولي أنَّ حالات الفشل الدراسية قد تكون مرتبطة بحالة المبتعث النفسية فالبعض يعيش في ضغط نفسي كبير بحكم بعده عن الأهل والأصحاب؛ فيطغى عليه الشعور بالغربة، ولدى بعض المبتعثين ظاهرة غريبة بعدم التواصل مع الطلاب العمانيين أو الجاليات العربية الأخرى؛ بهدف اكتساب اللغة الإنجليزية بأسرع وقت، لكن للأسف هذا النوع من الانطوائية يهدم المبتعث نفسيا واجتماعياً؛ مما يؤثر عليه بشكل سلبي في دراسته ويؤدي به إلى الفشل.

ويضيف بأنَّ النصيحة التي يقدمها لأي طالب مُبتعث أو أي طالب هدفه الابتعاث مستقبلاً أن يمضي في طريق الغربة ويستفيد من تجاربها ويطور من ذاته وألا يسمح لباب اليأس أن يفتح، ومن الجيد الاختلاط بالثقافات الأخرى والاستفادة منها في حدود معقولة متوافقة مع ديننا وعلى ما تربينا عليه، وأن يتذكر دائماً هدفه الأساسي وهو نقل هذه الخبرات الحياتية والدراسية والرجوع لتنمية وتطوير عمان.

ويقول فيصل بن علي بن موسى الراشدي -الذي يدرس في الولايات المتحدة الأمريكية بجامعة نبراسكا في مدينة أوماها- إنَّ الهدف الرئيسي لدراسته بالخارج هو طلب العلم وكذلك لما للغربة من فوائد مثلما قال علي بن أبي طالب "تغرّب عن الأوطان في طلب العلى، وسافر ففي الأسفار خمس فوائد، تفريج هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد)، إلى جانب التعرف على أصدقاء جدد من مختلف دول العالم.

ويقول فيصل الراشدي: هناك بعض المميزات التي نحصل عليها عند دراستنا في الخارج وأهمها الاعتماد على النفس وتعلم كيفية التعايش مع مختلف الثقافات والأجناس الأخرى، كما توجد بعض الصعوبات التي لا تخلو منها الحياة ولكنها تعلمنا الصبر.

 

سفراء للوطن

ويَرَى الراشدي أنَّ السببَ الرئيسيَّ في فشل بعض الطلاب دراسيا في الخارج عدم الاختلاط مع البيئية الاجتماعية التي تحيط بهم؛ لأنه عندما تشارك الناس تتعلم منهم أشياء جديدة وتتعلم أخطاءك ويتلقون النصيحة إذا لاحظوا بهم أشياء تحتاج إلى الاهتمام من قبلهم وبذلك تتطور حياتهم. ويضيف: في دراستنا خارج أرض الوطن لا نمثل أنفسنا، ولكن نمثل وطننا ومجتمعنا وأسرنا؛ لذلك علينا التفكير في كل شيء نفعله هناك، وكذلك نحن مسؤولون عن نشر العادات والتقاليد والثقافات والأخلاق التي نتحلى بها حتى نعرفهم على وطننا، وأهم شيء أن نأخذ منهم السلوكيات الجيدة ونترك التي لا فائدة منها.

ويشير مسلم بن أحمد مبارك عول الشحري الذي يدرس في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى الكثير من الأسباب التي توجه الشباب إلى الدراسة في الخارج؛ ومنها: الرغبة في رفع مستوى الكفاءة الشخصية والثقة بالنفس، ومعرفة الحضارات الأخرى؛ لذلك فإنَّ لها دورًا في نقل الثقافة الأجنبية التي قد تساهم في التطوير والتنمية الشاملة المستمرة في عهد مولاي حضرة صاحب الجلالة في بلدنا الحبيبة عمان.

ويقول مسلم الشحري: هناك الكثير من المميزات التي يتميَّز بها الطالب عند الدراسة بالخارج؛ منها أن يكون الطالب مُلمًّا بالثقافة الخارجية ويحظى بفرص أكثر في مجال التوظيف خصوصا في مجال القطاع الخاص. كما أنَّ هناك الكثير من الصعوبات التي يواجهها الطالب أثناء دراسته في الخارج؛ ومنها: صعوبة التكيُّف في بيئة مختلفة تماما عن بيئتنا التي نشأنا فيها، خصوصا إذا كان مقر الدراسة في دولة غربية ومختلفة حضاريا وفكريا ودينيا، والكثير من الشباب يواجه صعوبة في اللغة.

وحول تعارض الاختيار بين التخصص الذي يرغب فيه الطالب وبين رغبة الأهل، يرى الشحري أنَّ أغلبية الأسر تحاول الحفاظ على الحوار بينها وبين أبنائها في تلك المسألة؛ حيث يجب على الأهل موافقة رغبة الطالب في أي تخصص يطمح إليه سواء كان في الجانب العلمي أو الأدبي.

ويقول إبراهيم بن يحيى النبهاني -المبتعث في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يتلقى تعليمه بجامعة نبراسكا لينكولن- هناك مجموعة من الأسباب التي دفعته للدراسة بالخارج وهي جودة التعليم في الجامعات الأمريكية.. ويقول: اخترتُ الدراسة بالخارج لكي أكتسب خبرات وثقافات جديدة ومتطورة أكثر إلى جانب تحسين مستوى اللغة الإنجليزية لدي.

ويقول النبهاني: قد لا تكون هناك مميزات مادية، لكنَّ المميزات تكمن في اكتساب ثقافة جديدة متطورة والتخرج بشهادة متميزة من إحدی الجامعات التي لها مستوى علمي وثقافي قوي علی الصعيد العالمي. أما صعوبات الدراسة بالخارج؛ فمنها: الحنين إلى الوطن، وصعوبة اللغة في الأشهر الأولى من الوصول إلى بلد الابتعاث، والتعامل مع ثقافات وأديان مختلفة، وبإمكان الدارسين التغلب على تلك الصعوبات مع مرور الوقت.

ويرجع النبهاني فشل بعض الطلاب دراسيا بالخارج إلى عدم إحساسهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم، وقلة الاهتمام بالدراسة وعدم معرفتهم بكيفية إدارة الوقت. ويوجه رسالة للطلاب الدارسين بالخارج بأن يدركوا المسؤولية الكبيرة الملقاة علی عاتقهم وأن يستغلوا فترة الدراسة بالخارج خير استغلال لكسب أكبر قدر ممكن من الخبرات والمعارف الجديدة التي سيكون لها أثر كبير في تطوير البلاد مستقبلا.

تعليق عبر الفيس بوك